مقالات متنوعة

المسلم بين العلمانية والمدنية والاسلام السياسى


لقد أصبح العالم قرية صغيرة تحكمه قوانين موحدة ونظم ثابتة ( منظمة حقوق الانسان محكمة العدل الدولية) وهذا الواقع أفرز فرضيات وسن قوانين قامت بموجبها أفكار قابلة للاخذ والرد, والفرد المسلم فى هذا الواقع يواجه تحديات جمة فكرية وسياسية وعقدية,اذاً فلندخل الى لب الموضوع عبر هذا السؤال : هل الاسلام حدد طريقةحكم معينة ؟ والاجابة على هذا السؤال تاتى فى معرفة كيفية اختيار الخلفاء بعد الرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك من حيثيات تاريخية لانه لم يكن هناك حديث أوآيه قرآنية تتحدث عن نظام حكم معين بل الشيئ المعروف فى الاسلام هو تحديد اسس عامة وقوانين تحفظ حقوق البشر وتقيم العدالة بين الناس والشورى وهذه المعانى يتفق عليها جميع البشر فبعد النبى صلى الله عليه وسلم خلف الصحابة سيدنا أبا بكر ونجد هذا العمل بالذات له معنى عند جماعة الاسلام السياسى أى بمعنى عدم فصل الدين عن الدولة لان سيدنا ابو بكر هو الرجل الذى خلفه النبى صلى الله عليه وسلم فى الصلاة عند اصابته بالحمى فتكليف الصحابة له بالخلافة يعنى عدم فصل السلطات الدينية عن السلطات السياسية كما يمكن دحض هذا الفهم بسهولة لان سيدنا ابا بكر تتوفر فيه صفة القائد الملهم وهذا الاصطلاح سناتى له فى حينه .
وسيدنا أبو بكر اختار سيدنا عمر واختار سيدنا عمر ستة من الصحابة بترتيب حيث كان أولهم سيدنا عثمان ثم سيدنا على وهكذا كانت خلافة الاثنين بعده والخلفاء الاربعة كما سمو بالخلفاء الراشدين تتوفر فيهم صفة القيادة الملهمة والقائد الملهم هو الذى يجمع بين عالم الغيب وعالم الشهادة لذلك كان عمر بن عبد العزيز الخليفة الخامس وأى شخص تتوفر فيه هذه الصفات ويؤمر عن طريق الكشف أو الالهام بقيام دولة للمسلمين فهو يصلح للخلافة الاسلامية عكس ما يدعو له العلمانيون المسلمون حيث أنهم يرون أن الرسول صلى الله عليه وسلم مبعوث من قبل الله ويوحى اليه وهذا يستحيل فى شخص غير الرسول ولكن نجد أن نظرية (استمرارية التنزيل )عند ابن عربى تفند زعمهم حيث يرى ابن عربى أن التنزيل لا يتوقف رغم ختم الرسالة والعلماء هم ورثة الانبياء ولا يقصد بالعلماء الفقهاء انما الذين تحققو بالعلم أو باختصار الاولياء المكاشفون ولا يتم هذا التنزيل أو الاوامر الالهية عن طريق الوحى كما يحدث مع الرسول انما يحدث عن طريق الكشف والالهام والرؤيا حيث يرى ابن عربى أن التجليات الالهية غير محدودة وليست لها صورة واحدة, يقول :((وما خلق الله اشق ولا اشد من علماء الرسوم-يعنى الفقهاء-على أهل الله المختصين بخدمته العارفين به من طريق الوهب الالهى الذين منحهم أسراره فى خلقه وفهمهم معانى كتابه واشارات خطابه فهم لهذه الطائفة مثل الفراعنة للرسل يشبه الاولياء بالرسل-(الفتوحات المكية )) .فهذا القائد الملهم رغم أنه عزيز المنال ولكنه غير مستحيل فاذا توفر هذا القائد الملهم يصبح اتباعه واجبا دينيا مثل الامام المهدى الذى بايعه أغلب اهل السودان وغيرهم .أما اذا لم يتوفر هذا القائد فهنا تكمن المشكلة وأوضحنا أن الاسلام لم يحدد طريقة معينة للحكم وهذا فيه براح للحكم الملكى أو العسكرى أو حتى العلمانى وغيره حيث كان عمر بن عبد العزيز ملكا ولكن لانه قائد ملهم دخل فى نطاق الخلافة الاسلامية , ولكن ماهى الطريقة المثلى لحكم المسلمين ؟ دعنا نستعرض بعض الافكار لنوضح وجهة نظرنا , نبدأ بفكر الاسلام السياسى وهو مصطلح جديد أصبح أكثر ظهورا بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر ويعنى باختصار قيام دولة دينية تحكمها الشريعة الاسلامية وهناك دول يحكمها نظام دينى مثل ايران تحكم بواسطة ولاية الفقيه وكذلك الملالى والتيار السلفى وجماعات تنادى بحكم الشريعةودولة القران وقداثبتت فشلها لانها تفتقر الى الصدق وتفتقد الى القائد الملهم حيث أن الاسلام دين لا يقبل المساومة والكذب وكذلك انفرادهم بالحكم رغم انهم اقليات يريدون ان يفرضوا رؤيتهم للاسلام على الاغلبيةوعندما يكونون فى المعارضة يبيحون الاغتيالات باسم الدين لان الدين محتكر عندهم . أما العلمانيون فهم يقفون موقفا محايدا من الدين فيدعون الى حرية التدين فلا هم ضد الدين ولا داعمين له ولكنهم مواجهون بموقف أكثر صلابة من قبل جماعات الاسلام السياسى وتم تشويه صورتهم عند الشعوب الاسلامية كما أنهم لم يقرأوا الواقع البيئى للمجتمع المسلم الذى أكثره مجتمع محافظ وأفكارهم تواجه بأسئلة صعبة ربما لا يستطيعون الاجابة عليها مثل حرية الفرد وكيفية حماية الفرد من نفسه وهل افكار جون لوك أو جيفرسون يمكن أن يقبل بها المجتمع المسلم المحافظ ؟. أما الدولة المدنية فكثير من الناس لا يفرق بينها وبين العلمانية للتساوى بينهما فى الدعوة الى حقوق الاقليات والقانون فهى دولة القانون والمؤسسات ودعاتها يقولون أن فكرهم يرجع الى أبو النصر الفارابى ورؤيته حول المدينة الفاضلة ولكن الفارابى يتحدث عن دولة القائد الملهم لانه يرى أن حاكم المدينة الفاضلة شخص واحد يتحكم فى مفاصل الدولة بعكس الدولة المدنية فهى دولة ديمقراطية فى المقام الاول , أما الفرق بين المدنية والعلمانية هو موقف الدولة المدنية من الدين حيث تعتبر الدولة المدنية الدين من أساسيات الحياة فى التربية والاصلاح فالدين عندهم له دور فى الحياة الاجتماعية وفى تربية المجتمع فهم يدعون الى تدين المجتمع أو تصوف الدولة وهذا موقف يمكن أن يوفق بين العلمانية والاسلام السياسى ونكون بذلك قد خرجنا من الخلاف ,ونقول للعلمانيين المسلمين لماذا تتمسكون بالعلمانية وهى مرفوضة شعبيا واذا كنتم تريدون العدالة الاجتماعية وحقوق الاقليات وعدم المتاجرة بالدين فهذه الاهداف يتم تحقيقها عبر الدولة المدنية لانها تدعو الى نفس المنهج كما أيضا نقول لدعاة الاسلام السياسى اذا كنتم صادقين فى اقامة دولة القران والشريعة فان الاسلام دعوة فى المقام الاول وهذا الجانب تتبناه الدولة المدنية وتدعمه , اذا فلندعو الى دولة مدنية لان دولة القائد الملهم لاتحتاج منا الى دعم فهى منصورة من الله ومدعومة منه تعالى اما العلمانية فهى لا تحقق تطلعات مجتمعنا المحافظ فالعلمانيون المسلمون قصيروا النظر كل همهم مناطحة تيار الاسلام السياسى , اما تيار الاسلام السياسى فهم يريدون ان يحكمونا باسم الله وهم ابعد الناس عن الله والله لا يحب الظالمين.