تحقيقات وتقارير

أزمة الوديعة .. تبرير جديد للتدخل المصري العسكري في ليبيـــا

[JUSTIFY]لم تكد مصر تحاول حل أزمتها الكبيرة في توفير الطاقة للمصانع التى تهدد بتوقف عجلة الإنتاج وتشريد آلاف العمال وخروج مصر من منظومة التصدير، حتى خرج البنك المركزي الليبي ببيان بأنه لم يعف القاهرة من وديعة الـملياري دولار، وخرجت تلك التصريحات متزامنة مع أزمة الطاقة التى بدأت جلياً قبل خمس سنوات ثم أخذت في الاستفحال إلى أن وصلت ذروتها في الوقت الراهن، وهو ما انعكس على الحياة اليومية للمواطن، حيث لجأت الحكومة إلى تخفيف الأحمال بشكل يومي عن طريق قطع التيار الكهربائي يومياً ولمدة ساعة على الأقل، وخلال الاسبوع الماضي نفى المصرف المركزي الليبي، إعفاء مصر من وديعة مالية بقيمة ملياري دولار كانت السلطات الليبية قد منحتها للحكومة المصرية في العام الماضي، وقال مصرف ليبيا المركزي في بيان أصدره إن ما نشرته بعض مواقع التواصل الاجتماعي من أخبار مفادها أنَّ مجلس النواب الليبي قام بإعفاء مصر من إرجاع وديعة تم إيداعها بالبنك المركزي المصري بقيمة ملياري دولار لا صحة له.
الأمر الذي سيجعل التدخل المصري العسكري في ليبيا يقترب أكثر خاصة ان التحولات الدولية تجاه الازمة الليبية بدأت تنتعش مرة أخرى رغم حديث وزير الخارجية الجزائري رمضان العمامرة، الذي قال إن التدخل العسكري في ليبيا غير مطروح بالنسبة لبلاده في الوقت الحالي، معتبراً تصريحات وزير الدفاع الفرنسي حول الملف قد أسيء فهمها، ورداً على سؤال بشأن المعلومات المتداولة حول تدخل عسكري غربي في ليبيا، قال العمامرة للصحافيين على هامش ندوة بالجزائر العاصمة: ليس هناك تدخل عسكري مبرمج حالياً في ليبيا، وإنما المطروح هو جمع شمل الليبيين من خلال حوار وطني ومصالحة وطنية وتعزيز المؤسسات الديمقراطية.
وفي تصريحات نشرتها صحيفة لوفيغارو الفرنسية، أمس، دعا وزير الدفاع الفرنسي جون إيف لودريان إلى التحرك تجاه ليبيا قبل فوات الأوان، مضيفاً أن كل هذا الأمر سيتم بالتنسيق مع الجزائريين وهم عامل مهم في هذه المنطقة.
ويظهر مقدار التوتر في العلاقات الليبية المصرية عندما نجد ان قوى الثورة المضادة مازالت سواء أكانت الإقليمية والمحلية، تتربص بدول الربيع العربي، وتكيد لثوراته المكائد، بعد المحاولة البائسة من بالعدوان المصري الإماراتي ضد الثورة الليبية رغم نفيهما وشنهما هجوماً جوياً دُبر بليل على مناطق نفوذ ثوار فجر ليبيا، وبعد أن حقق الثوار تقدماً هائلاً على الأرض على الجنرال الانقلابي، خليفة حفتر، الذي أوكلت إليه قيادة الثورة المضادة في ليبيا، والمدعوم إقليمياً من تحت الطاولة، وكذلك حلفاؤها في الغرب، وترى ضرورة التدخل الفوري لحل معضلة النزاعات الأهلية، على حد وصفها، وأخذ زمام المبادرة، بحجة أن الوضع في ليبيا غير مستقر، ويهدد مصالحها في المنطقة.
ومعلوم أن عالمنا العربي، قراره الاستراتيجي ليس في يده، بل يملى عليه من سفارات الغرب في عواصمنا، وعليه فإن الضربات الجوية على ليبيا من الجانبين، لم تكن قراراً نابعاً من ذاتيهما، ولكن، نزولاً عند رغبة غربية محضة، وليس هناك عاقل يتغافل عن هذه الجزئية، فالتجارب السياسية للنُظم الحاكمة في المنطقة العربية تشير إلى أننا المفعول به دائماً في الجملة السياسية، على الرغم من أننا نمتلك كل شيء.
وبعد محاولات باءت بالفشل، كانت تقف وراءها دول غربية، رأت الأخيرة توجيه ضربة عسكرية مشتركة، لكنها لم تجد من يشاطرها الرأي في التدخل العسكري، سواء بالداخل الليبي أو الرأي العام العربي. وفي السياق نفسه، ظهرت أطروحات بضرورة نزع سلاح الثوار في ليبيا، وثمة عبث يدور في بعض وسائل الإعلام الغربية والعربية، مفاده بأن ثوار فجر ليبيا استولوا على إحدى عشرة طائرة جامبو جيت من مطار طرابلس، يستطيعون بها عبور المتوسط، وشن هجمات إرهابية على أوروبا وواشنطن، وهنا تكمن خطورة صناعة التصور، مع آلة إعلامية تُخدم عليه، فهل نحن بصدد مؤامرة مخابراتية، عالمية المستوى، لتبرير ضرب ليبيا؟ هكذا تلعب دول المركز في المناطق التي لا تملك قرارها الاستراتيجي، خاصة ان الرعب قد تملك المصريين عقب قرار عدم اعفائهم من وديعة الملياري دولار بالتزامن مع ازمة الطاقة.

صحيفة الانتباهة[/JUSTIFY]