تحقيقات وتقارير

المشروبات الغازية.. من الصيدليات إلى البقالات!

[JUSTIFY]المشروبات الغازية قديمة في السودان، وعرفت منذ زمن قديم وبالذات مشروب البيبسي الذى يعد من المشروبات العريقة في السودان، وظهر في مطلع الخمسينات عندما ظهرت إعلاناته في الجرائد تدعو السودانيين لشربه حيث كان يتوافر بكميات قليلة بالنسبة للموجودة الآن في الأسواق، ولكن بعض المعلومات تقول إنه ظهر مع دخول الإنجليز وبدأ شيئا فشيئا في الانتشار وسط الجاليات الأجنبية التي كانت تعيش وسط الأهالي وتعمل في التجارة، وكان يباع في بدايته على أنه دواء لعسر الهضم وبعد قبول السودانيين له أصبح مستمرا في الانتشار وتوسع في البلاد حتى وصل كل مكان وخاصة مع ظهور وسائل الإعلام، فكانت إعلاناته في كل مكان وذلك لنهج الشركة الأم في أمريكا التي اعتمدت على الإعلانات بصورة مباشرة في عملية التسويق.

مشروبات الزمن الجميل
ولأن المشروب كان في سابق عهده يأتي معبأ جاهزاً عن طريق التجار من الجاليات الأجنبية مثل الإغريق والشوام كان لا يتوفر بصورة كبيرة، وأيضا كانت التجارة حكرا على تلك الجاليات والإنجليز ولم يكن للسودانيين الفرصة في منافستهم، وكان في تلك الحقبة البيبسي من المشروبات الباهظة الثمن ويباع على أنه دواء فكان من النادر أن يشتري الشخص زجاجة بيبسي، واستمر الوضع علي ذلك حتى بعد أن انفتح السوق للعامة وتوفر بكثرة في الأسواق لم يستطع الناس تناوله بصورة يومية، بل كان من الأشياء النادر حدوثها شراء شخص لزجاجة بيبسي، وكان يقدم للأشخاص المهمين للضيافة وللمريض الذي يشعر بتوعك، فكان يمثل قمة الاحترام والتقدير للشخص إذا تم تقديمه له ويتوافر في الأماكن الراقية مثل الفنادق، حتى أن الفندق كان يعلن عن تقديم زجاجة بيبسي للعروسين مجاناً كنوع من الدعاية والتسويق له ونجح في جلب الكثير من الناس إليه بسبب تلك الدعاية حتى حذت حذوه الفنادق الأخرى.

تغييرات كبيرة
ويتحدث كثيرون عن الاختلاف الكبير الذي حدث للمشروبات من نواحي كثيرة وبالأخص طعمه ونكهته التي تغيرت تغييرا كبيرا عن سابق عهده، فتحدثوا عن نكهته القوية وطعمه الرائع واللاذع في أن واحد، وأن البيبسي الآن مجرد عصير حتى لونه قد تغير. فقال محمود ود الحاج الذي عاصر المشروبات منذ أربعة عقود وكان من أصحاب الدكاكين القديمة، قال إن المشروب في السابق كان بكميات قليلة ولكن كان أفضل بكثير من الموجود في السوق اليوم حتى أن الكثيرين كانوا لا يستطيعون إكمال زجاجة واحدة منه بسبب مواده القوية عكس اليوم الذي يشرب فيه الواحد لترا كاملا دون أن يروي عطشه. وأضاف قائلاً: يبدو أن تكبير الزجاج هو السبب، فقد كان في السابق حجم الواحدة 250 ملي أما الآن 350 ملي ولكن تغير الطعم.

ونفس الرأي ذهب إليه النور وهو ممن عملوا في التجارة منذ فترة طويلة. فقال كان المشروب فيما مضى يأتي من الخارج جاهزاً، وكانت صناعته أفضل، وبعدما بدأ يصنع محليا تغير كثيرا عن ما كان عليه في السابق، فأصبح ليس بجودة المنتج المستوردة وهو ما يحدث في كل شيء يصنع محلياً. وأنا متأكد لو واحد من هذا الجيل تذوق المشروب الذي كان موجودا سابقا لما شرب الموجود اليوم. فيما ذهب أحد خبراء التسويق رفض ذكر اسمه أن السبب هو التغييرات الكبيرة التي حدثت والمنافسة في السوق، فدائما ما تلجأ الشركات الكبيرة الى استخدام الحيل حتى تكتسح السوق دون أن تتأثر في مبيعاتها، وهو ما حدث لجميع المشروبات الغازية التي اختلفت في أحجام العبوات حتى يتوهم العميل أن الكمية قد زادت ولكن تكون نفسها مع اختلاف الشكل فقط.
لمحة تاريخية
وبالرجوع لتاريخ ظهور البيبسي كمشروب، نجد أن أحد الأطباء الصيدليين كاليب بردهام قد اخترع مشروباً وكان يقدمه للزبائن الذين يشترون من الصيدلية، ووجد ذلك المشروب استحسان الزبائن وتهافت الناس على صيدليته فقرر تعبئته في قوارير صغيرة وبيعه، وبالفعل حقق نجاحا كبيرا فتوسع وأنشأ شركة خاصة له وسجله كبراءة اختراع وسماه مشروب بردهام في البداية، ولكن تم تغييره وانتشر في أمريكا ومن ثم للعالم أجمع. وكلمة بيبسي هي في الأصل يونانية وتعني الهضم، وجاءت تسمية البيبسي من أنزيم البيبسين الذي يساعد على الهضم .

كتب: صديق علي
صحيفة الإنتباهة
ت.أ[/JUSTIFY]