عثمان محمد الحسن : الحوار الوطني.. وتحديات المرحلة الراهنة!!
مواقفهم، فكرهم، أيديولوجياتهم، وتوجهاتهم التي نرى أنها ارتكزت على شيء واحد، وطريق واحد، وجدل واحد فيما يمكن أن نسميه ثنائية الصراع مع الدولة تحت شعارات براقة، كالعزف على وتر الديمقراطية والقوانين المقيدة للحريات، وإن تدثروا تحت ستار تداول السلطة وتقسيم الثروة. مؤشرات ومبررات أدت إلي انعدام الثقة بين السلطة والمعارضة داخلياً وخارجياً.
فالسودان الذي لا تخطئه العين ـ حتى بعد انفصال الجنوب ـ بطوله وعرضه ومساحته الشاسعة وأراضيه الخصبة قدر الله له أن تتباين فيه الأجناس والأعراق واللهجات والبيئات وتعدد أشكال الحياة الثقافية.
إذا أضفنا إلى ذلك اتساع دائرة الوعي الثقافي لدى المواطن السوداني وتطلعه إلى المشاركة عبر مؤسساته وهيئاته. فضلاً عن ما نجح فيه الاستعمار الحديث من نشر ما يمكن تسميته بثقافة التهميش كل ذلك جعل من الصعب وجود حكومة مركزية تنال رضا المعارضة وتحظى بقبول واسع لديها وكان من نتيجته الاحتراب والقتال الذي امتد زهاء سنين كادت أن تقضي على الأخضر واليابس. وخلفت وراءها أحداثاً جساماً ومناخاً من اضطراب الأحوال وزعزعة الأمن والاستقرار وألقت بظلالها على كل ربوعه.
رغم وفرة الموارد الطبيعية وامكاناته الهائلة فضلاً عن مساحته التي تسع الجميع. إن ما لمسناه من واقع ومعطيات وأدلة قاطعة أن الأرضية التي يقوم عليها هذا الصراع لم تغفل تلك الأطماع الخارجية فللإدارة الأمريكية بزعامة أوباما ـ ومن سبقه ـ سجل حافل بالتعاطي مع أعضاء وجماعات الضغد من اللوبي الصهيوني من اجل الحصول على الأموال الضرورية لتمويل خططهم ومشاريعهم المستقبلية.
وأخطرها تلك التي تهدد بنسف كل مبادرة حوار أو سلام على أرض الواقع السوداني بغرض تفكيك النسيج الاجتماعي لإنسان السودان ومن ثم نجد أن ثمة مخاوف يثيرها المراقبون حول آليات الحوار مضافً إلي ذلك مجريات الصراع وادعاءات المنظمات المعادية للسودان وأطماع الغرب في مخزون بتروله.
بل في ثروات البلاد جميعها. مخاوف تجسد حجم الأرضية الملغومة التي يتحرك فوقها هذا الصراع وكلما تقدم السودان بخطوات راسخة وقوية تعود الفري والأباطيل والأكاذيب والاتهامات إلى السطح وهي تسوق جملة من الدعاوى المسبوهة مما اعتبرها المراقبون عنواناً لموضوع واحد إسكات صوت هذ الشعب الذي لم يركع يوماً إلا لله سبحانه وتعالي.
دعاوى انصب جهد من صنعوها عند حدود باطلة مستغلين بعض مناطق النزاع لا سيما أزمة دارفور المفتعلة ظناً منهم أن تلك البوابات ستستقبل حصان طروادة بالطبول والتهليل بينما انصب جهد الدولة في الإعمار والتنمية بجانب هود السلام ودعوة أهل السودان إلى الحوار الوطني بفك عسرة أهل دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان لأنها تعلم أن السلام قيمة إنسانية وتحقيقه هو الانتصار بعينه بل هو موقف قوة ولأن الحرب هي الهزيمة بعينها.
إن من يتحث عن الحوار الوطني لابد له أن يدرك عظمة قائد الأمة المشير البشير فالجاذبية التي وجدها في الآونة الأخيرة ليس بالزمر المستغرب وكشأن الكثيرين من القادة في عصره فقد جاء في زمن اهتزت فيه كل موازين القوى العالمية وفرخت الهيمنة والعزلة والتسلط على معظم دول المنطقة واصبحت تشكل نقاطاً خطيرة لكثير من زعمائها في مواجهة أزمات بلادهم وقضاياهم المصيرية مثل ما يحدث الآن في بعض دول المنطقة العربية والأفريقية.
وإزاء ذلك دفع السودان ثمناً باهظاً في مواجهتها فانصب كل تفكير قائد الأمة وأخوته الأوفياء في وقف شلالات الدماء والاحتراب حتى تحقق النصر بالسلام في كثير من المواقع.
هنا يجئ الانتصار بكل تأثيراته وتداعياته السياسية والوطنية والتي تجاوزت حدود الأمة إلى أحرار العالم ـ كنموذج يحتذى ـ على مدى امتداداتهم العربية والأفريقية ولقد حان الوقت أن نجتمع على كلمة واحدة تحت مظلة الحوار الوطني السبيل الوحيد لانقاذ السودان من أزماته المتكررة. علينا أن نسعى جميعاً أحزاب ومعارضة وتمرد وأن نشد على أيدي الدولة في إنجاح الحوار الوطني فالسودان ملك لنا جميعاً وعلينا صونه وحمايته برأب الصدع وتوحيد الكلمة والصف. لنتفرغ لحوار جاد تحت ظل ديمقراطية واعية تدعمها ثوابت وطنية قوية وراشدة ترعى مصالح هذه الأمة ولنرى بعد ذلك ماذا يريد منا من يحتكمون العالم!! مطلوب منا أن لا نصاب بالتصعيد والتوترات غير المبررة وأن لا يدعي كل منا أن الخير لهذا الوطن يمضي في ركاب سياسته أطروحاته فقط. ففي غياب الديمقراطية السليمة ولغة الحوار الوطني الهادف التخلي عن ثوابتنا الوطنية والتخلف والضياع. علينا جميعاً تحمل المسؤولية التاريخية تجاه هذا الوطن ودعوة أخيرة نوجهها لأحزابنا القومية الكبرى ولسان حالها من الوسائط الإعلامية والصحف بأن لا ينشروا ويسوقوا إلا ما يعود على هذا الوطن بالوحدة والنماء والسلام خاصة في هذه الفترة الحرجة من تاريخ أمتنا لئلا ينطبق علينا ما جاء في دعوة شوقي في أبياته الشهيرة:
إلام الخلف بينكم إلاما ٭٭ وهذه الضجة الكبرى علاما
وفيم يكيد بعضكم لبعض ٭٭ وتبدون العدواة والخصاما
فهل لنا أن نتجاوز ذلك إلى التوحد والتقارب وتهدذة العاصفة السياسية المزمنة هنا أجد نفسي تهزم التشاؤم بالتفاؤل لأن الاحساس عندي أن الغد أفضل دائماً.
صحيفة الانتباهة
ت.إ[/JUSTIFY]