تحقيقات وتقارير
لماذا «داعش» ولماذا «القاعدة»؟
أما التنظيمات الأخرى العلمانية وشبه العلمانية فقد انتهت إلى البحث عن مقاعد وثيرة تدر المال والجاه وضمان الوظيفة للأبناء مستقبلا والسكن بعيدا عن الشعب في أحياء مغلقة وسيارات مكيفة وعطل في الغرب والإنجاب فيه للتجنيس فضلا عن مصاهرة الأجانب. فأصبحنا أمام مجتمعين في مجتمع واحد، بل مجتمعات مختلفة في مجتمع واحد. وأغلقت الجماهير الشعبية على نفسها في قرى وعشوائيات يحكمها التكافل وفقيه المسجد. وجاء الخطاب الديني الجديد الذي أعلنته تنظيمات الإسلام السياسي كما ينعت عند البعض ليجد قبولا عاما من فئات واسعة من المجتمع الإسلامي والعربي.
وعندما ظهرت تنظيمات الإخوان المسلمين في مصر وسوريا والأردن والجزائر وغيرها، والتي حاولت ممارسة اللعبة السياسية عن طريق الديمقراطية، إلا أن فشل هذه التنظيمات بعد ممارسة العنف ضدها ومنعها بالقوة من الحكم بعد نجاحها في الانتخابات، كحالة مصر والجزائر، فتحولت هذه التنظيمات إلى جماعات متطرفة. ثم جاء فشل الناصرية والبعثيين والاتحاديين والجبهة في الجزائر لأسباب ذاتية وموضوعية وخارجية، وبسبب الحرب الغبية للحكومات العربية المساندة من الغرب ضد هذه التنظيمات. مما هيأ الأجواء لسيطرة جماعات التكفير على الحياة السياسية في العالم العربي، فوحدهم يحظون بالثقة واللغة القوية، ولهم حيثيات وأسباب للدفاع عن أفكارهم، بعكس التنظيمات الحزبية العادية على امتداد العالمين العربي والإسلامي، مع استثناءات قليلة، والتي انهزمت داخليا قبل أن تنهزم موضوعيا.
إن الجماعات السياسية التكفيرية لا تضعف إلا بسبب ممارسة القوة العسكرية داخليا وخارجيا ضدها. أما الممارسة الفكرية على الواجهة الإعلامية فقد فشلت في إعطاء بديل سياسي واقتصادي واجتماعي لمواجهة هذه الجماعات لأن الحقيقة على أرض الواقع مأساوية.
د. عبد الله العلوي
القدس