الصادق الرزيقي

التعــاون السودانـي الإثيوبــي بدايـة طريــق طويـل..

[JUSTIFY]
التعــاون السودانـي الإثيوبــي بدايـة طريــق طويـل..

دشن السودان وإثيوبيا واحدًا من أكبر المشروعات الحيوية في المنطقة، باكتمال مشروع الربط الكهربائي بين البلدين، وهو إنجاز ضخم يزيد من فرص التعاون والتضامن من أجل مصلحة الشعبين، ويعزز سوانح النهضة التي كانت آمالاً وأمانيَ معلقة في انتظار مواقيتها ولحظاتها الحاسمة..
في احتفال كبير بولاية القضارف يوم أمس، افتتح الرئيس عمر البشير ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالين، بداية تشغيل مشروع الربط الكهربائي الذي يحقق أهدافًا تنموية واقتصادية وسياسية واجتماعية، وينهض بحقائق ظلت حبيسة الصدور والأضابير بأن هذه المنطقة بتكامل مواردها وتبادل منافعها وتوحد مصالحها، يمكن أن تحقق الكثير في القارة الإفريقية وتفتح الباب أمام الازدهار الصناعي والزراعي وزيادة الإنتاج وتحقيق الاستقرار وتقديم نموذج عملي للقارة الإفريقية والعالم الثالث في التعاون البنّاء وكيف بإرادة الشعوب وعزيمتها يصبح بالإمكان قهر المستحيل وبناء النهضة الشاملة..
ظل هذا المشروع هدفاً مشتركاً لدى البلدين، فالسودان يريد الاستفادة من فائض التوليد الكهربائي المائي في إثيوبيا وتقليل الاعتماد على التوليد الحراري وتحقيق الاستقرار في الشبكة، وتمتلك إثيوبيا فائضًا من الإنتاج الكهربائي وتريد تصديره وإفادة جوارها منه، وبدء مشروعات مشتركة في مختلف المجالات تعضد من روح الإخاء والتعاون وجعل الحدود المشتركة منطقة تكاملية تصبح فيها الحدود الوهمية المصنوعة بلا وجود، تتمدد فيها حركة الناس والسلع والبضائع والمنفعة والمصالح المشتركة..
مر هذا المشروع منذ البدء في تنفيذه بعدة مراحل، منها إنشاء الخطوط الناقلة والمخارج والدوائر بطول «365» كيلومتراً من محطة شهيدي بإقليم الأمهرا في إثيوبيا حتى محطة القضارف التحويلية بالسودان، وتم إنشاء هذه المكونات المهمة داخل إثيوبيا في محطات شهيدي وبحردار وقندر وشهيدي، ووصلت الخطوط الناقلة إلى الفاو والحواتة والقلابات والشوك والقضارف..
ويستفيد السودان من الكهرباء القادمة إليه من إثيوبيا في هذا المشروع «300 ميغا وات»، وبربط الشبكتين في البلدين سيتحقق الاستقرار في الشبكة القومية بالسودان وكذلك الشبكة الإثيوبية، وقد تم هذا المشروع بخبرة وكفاءة سودانية خالصة بجانب مشاركة شركة صينية..
لكن روح هذا المشروع ومعانيه الكبيرة تجلت في الاحتفال الرامز الذي أُقيم أمس بالقضارف وخاطبه السيد رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء الإثيوبي ووزير الموارد المائية والكهرباء والسدود في السودان ونظيره الإثيوبي ووالي ولاية القضارف..
فاللافت في اللقاء والاحتفال التاريخي المشهود بمدينة القضارف أمس، ليست التفاصيل والمعلومات التي قيلت خلاله، إنما الإرادة الجبارة والعزيمة الصادقة من قيادتي البلدين، في ترسيخ مفاهيم التعاون والثقة والإخاء وتقدير مصلحة الشعبين وإتاحة كل الفرص للتقارب والاستفادة من الموارد في الجانبين حتى تتحق تطلعات الشعبين وكل شعوب المنطقة..
كل الإشارات الواردة في حديث الرئيس البشير ورئيس الوزراء الإثيوبي، تقول إن من مصلحة المنطقة أن تتعاون وتتكامل مواردها وتبني نهضتها ولا تعتمد على غيرها فهناك ما يكفي لارتياد آفاق التنمية والاستقرار والسلام، وهناك ما يكفي من الموارد لتقاسمها والاستفادة منها وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الإنتاج الزراعي والصناعة وإقامة منطقة قوية باقتصادياتها وإنسانها وتضامنها وتوحدها.. ولم تستثنِ هذه التوجهات أحداً فالأيدي ممدودة لبناء منطقة كانت في عصور مضت كتلة واحدة لم تتبعض أو تتجزأ أو تفصلها الحدود السياسية التي صنعها الاستعمار..
إذا كانت هذه هي بداية طريق طويل، نحو الأهداف المرسومة والمنشودة، والطاقة والكهرباء التي صارت عصب الحياة وملحها، فعلى هذا القطار أن ينطلق إلى كل مساراته، ولتتوسع المشروعات المشتركة وتتعدد، فلا عاصم اليوم عن المضي قدماً لتثبيت الروح الجديدة التي تسري في عروق الأرض وخلايا الإنسان تؤكد أن واقعاً ينضح بالحقائق والآمال قد بزغ فجره ولا بد من السير تحت راياته من أجل الرفاهية والتنمية والاستقرار والنهضة..
غداً تفاصيل أوفى عن الاحتفالات وزيارة رئيس الوزراء الإثيوبي..
[/JUSTIFY]

أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة