مبادرة أوروبية لانعاش الإقتصاد الافريقي
ثمة خطة من المفوضية الافريقية لتخطي الحكومات الافريقية لتستهدف القطاع الخاص لانعاش القدرات التجارية والزراعية في القارة وبذلك تحث على خلق فرص العمل، وقد انطلقت هذه الخطة من العاصمة الدنماركية كوبنهاجن في 6 مايو الجاري.
وحسب اعضاء لجنة المفوضية وهم رؤساء الدول واعضاء المجتمع المدني والاكاديميون والمنظمات الدولية والاقليمية ومعظمها من افريقيا، فإن المقترحات تنبثق من مشروعات المساعدة التي تزداد باضطراد لأفقر قارات العالم.
والهدف الرئيسي من مبادرة الحكومة الدنماركية هو وضع النمو الاقتصادي الافريقي وفرص العمل في افريقيا على رأس الاجندة العالمية وزيادة فاعلية التعاون الانمائي الدولي مع القارة. وهذا المشروع التمويلي الذي يبلغ ثلاثة بلايين دولار سوف يوفر اكثر السلع ندرة للشركات والأعمال التجارية الصغيرة وهي التمويل.
غير أن الزراعة تستخدم حوالي «56%» من سكان القارة الافريقية، وقال وزير التنمية الدنماركي يولا تيرنيس لوكالة أيرين (لايمكننا ان نملي على الدول الافريقية إملاءات في مجال الزراعة، وعلى الدول الافريقية نفسها ان تحدد مجالات اولوياتها التي تريد ان تخلق فيها فرص عمل).
اما دونالد كابروكا – رئيس بنك التنمية الافريقي فقد قال: (نحن لا نتجاهل الزراعة فهي اكبر قطاع خاص في القارة ولكنها ينبغي أن تتحول إلى عمل تجاري ولذلك فهي في حاجة الى قروض من المصارف من اجل تطويرها وتنميتها)، واضاف (الاعمال التجارية المتوسطة والصغيرة تفتقر إلى التمويل للاستثمار ولقد أدت الأزمة الاقتصادية الدولية إلى زيادة تردي الوضع.. وهذا ما حدا بنا لاقامة «هيئة الضمان الافريقي»، والتي تهدف لحشد قروض قدرها ثلاثة مليارات دولار، ومن شأن هذا ان يجتذب استثمارات تقدر بـ «02» بليون دولار. توازي «1.5» من اجمالي الناتج المحلي الافريقي، وقد ظل الانتاج الزراعي الافريقي في حالة من الخمول طيلة العقود الاربعة الماضية بالرغم من ان المساعدات الزراعية من الدول المتقدمة ظلت تشهد ارتفاعاً مضطرداً بلغ بليون دولار يومياً وقد فشلت حوالي (004) بليون دولار من المساعدات (وهذه تعادل ستة اضعاف مشروع مارشال) فيما بين عامي 0691 و 7991م. وكان الهدف هو احداث تغيير في أوضاع الفقر التي كانت تعاني منها أفريقيا. أما (نجوزي اوكونجو) المديرة الادارية للبنك الدولي ووزيرة المالية النيجيرية السابقة فقد أبدت تبرمها قائلة: (وهل تظل المفوضية الافريقية على ما هي عليه؟) وفي باديء الامر رفضت أن تكون جزءاً من هذه المبادرة ما لم يكن لها برنامج محدد.
خطة عمل جديدة
وقالت تورناس وزيرة التنمية الدنماركية: (ان المفوضية الافريقية الحالية ليست كسابقاتها من المفوضيات وانها لم تكتف بتسليط الاضواء على القضايا المعروفة التي تواجه القارة ولكنها تشاورت مع شركاء افريقيا حتى تتضح الرؤية) واضافت (أن هذه المفوضية لديها رؤية لخلق الملايين من فرص العمل الجديدة. وهذه المفوضية تختلف عن مفوضية بلير التي لم تكن سوى وصفاً للتحديات. والمفوضية الافريقية الحالية شديدة التركيز وليست مثل مفوضية بلير التي كانت لديها «48» توصية – وهذه لديها خمس مبادرات فقط).
ويعتمد نجاح المفوضية الافريقية على اقامة (صندوق ضمان افريقي) بشراكة مع بنك التنمية الافريقي للترويج للطاقة المستدامة وتحسين التنافس بين الاعمال التجارية وخلق بيئة مساعدة للشركات ودعم التعليم العالي والبحث العلمي وربط كل هذا بممارسات العمل التجاري خاصة التوسع في الانتاج الزراعي.
واعتماد القارة الافريقية على إستيراد السلع من المعادن وحتى المنتجات الزراعية والذي من شأنه ان يحقق ارباحاً كبيرة ويوفر فرصاً مستدامة للعمل برواتب افضل- يعتقد أنه العقبة الكأداء امام خلق ثروات في القارة.
مثلاً افريقيا تنتج ثلث انتاج العالم من الكاكاو لكن لم تشهد القارة سوى استثماراً قليلاً في المنشآت التحويلية وتحسين العلاقات الاقتصادية مع صغار المزارعين او العمل على زيادة الانتاج.
ووفقاً لما قالته المفوضية: (لو أن 650.000 طن متري) من الكاكاو تمت صناعتها التحويلية في افريقيا، فإن من شأن ذلك ان يخلق «1000» عمل تجاري جديد ويوفر «250.000» فرصة عمل إلى جانب توفير «150» مليون دولار من الدخل السنوي.
وقد أشارت المفوضية للنجاح الذي تحقق في مضمار الزراعة في اثيوبيا التي ارتفعت فيها صادرات الزهور من اقل من مليون دولار في العام 1002م إلى أكثر من «02» مليون دولار خلال السنوات الست الماضية، وفي يوغندا ازدادت الصادرات من المواد العضوية وبلغت «7» بلايين دولار، وحقق هذا عائداً مجزياً بالنسبة للمزارعين يقدر هامشه بما يتراوح بين «08» إلى «001%» أعلى من نسبة اولئك المزارعين الذين يستخدمون الطرق الفلاحية التقليدية ولدى يوغندا «200.000» هكتار من الاراضي الزراعية العضوية المصدق عليها يعمل فيها حوالي «200.000» من المنتجين، وقال كابيرويكا- رئيس بنك التنمية الافريقي إن تمويل النمو سوف يوفر «05%» من القروض المصدقة التي تكون بمثابة «جسر» ولكنه لا يريد منح «001%» من القروض لأن من شأن ذلك أن يخلق نوعاً جديداً من الإتكالية.
وقالت نوقوزي اوكنجو المديرة الإدارية للبنك الدولي: (لفترة طويلة من الزمن لم نول الاهتمام اللازم للزراعة خلال حقبة الثمانينيات والتسعينيات وقد ظلت قضية الزراعة بلا حل). فكيف يتسنى لنا الحصول على زراعة اكثر إنتاجية؟ وقالت نوقوزي لوكالة أيرين (إن التشوهات التجارية الناجمة عن المعونات الزراعية في العالم المتقدم يجب (أن تزول) ولن يكون من الميسور على الزراعة الافريقية إن تقف موقف الند وتنافس عالمياً تحت هذه الظروف).
وخلص اجتماع عقد في العاصمة اليوغندية كمبالا في اكتوبر 8002م إلى الاعتراف بأن (القليل من الدول شهدت نمواً مستداماً على مستوى عال دون تحقيق نمو في الانتاجية الزراعية وأن ارتفاع اسعار المنتجات الغذائية والبحث عن الوقود الحيوي المستدام سوف يجعل الاستثمار في الزراعة اكثر ربحية في العديد من الدول الافريقية).
ولكن الظروف السائدة التي أسهمت في الأزمة الغذائية في افريقيا مثل سوء التخطيط الزراعي وسياسات حيازة الارض الضعيفة وضعف القدرات على التكيف مع الظروف المتغيرة والاسواق من شأنها ان تكون نقيضاً لهذه الحوافز.
تجسير فجوة الطاقة
بخلاف العديد من الدول المتقدمة التي ترفض إنهاء الدعم الحكومي الزراعي للمنتجين، فإن الدنمارك واحدة من بين دول قليلة متقدمة تفضل انهاءها وثمة حجر عثرة آخر يتمثل في الطاقة غير الكافية في سبيل تنمية التنافس.
وحوالي نصف الشركات في الدول الافريقية جنوب الصحراء في جميع القطاعات تظهر القصور في الطاقة بحسبانه العقبة الكؤود. وحوالي «57%» من السكان لا يستطيعون الحصول على الكهرباء وترتفع هذه النسبة إلى «09%» في المناطق الريفية التي تشكل أقل المستويات العالمية للحصول على الكهرباء، وقد جاء في تقرير المفوضية (بالنسبة للاغلبية الساحقة خارج نظام الطاقة الوطني فأن عدم وجود الكهرباء والاشكال الجديدة من الطاقة له تعقيدات بعيدة الأثر على الانتاجية وفرص العمل والاتصالات والرعاية الصحية والتعليم).
وفي مثل هذه البيئة يكون انتاج الطاقة غالباً لا مركزياً وغير مبتكر، ففي جزيرة موريشص في المحيط الهندي تنتج «04%» من متطلباتها من الطاقة من بقايا قصب السكر. وفي مالي تقوم المتعهدات من النساء بتجفيف المانجو بوسائل الطاقة الشمسية. وفي نيجيريا احدى اكبر دول القارة في تصدير النفط تحصل على «04%» من احتياجاتها من الكهرباء من القطاع الخاص الذي يبلغ ثلاثة اضعاف تكلفة الكهرباء التي تولد من الشبكة القومية وسوف تقدم المفوضية موجهات في مجال السياسات للحكومات وتدعم وتمول تطوير الاعمال التجارية الصغيرة. وجاء في تقرير المفوضية: (توجد فرص سوق واعدة في افريقيا للاعمال التجارية الصغيرة والمتوسطة بصفتهما مستهلكة للطاقة او موردة للطاقة سواء كان ذلك في مجال الزراعة والتصنيع الزراعي أو السياحة او التجارة).
محمد رشوان :الراي العام