حوارات ولقاءات

مدير مركز السودان للبحوث والدراسات الاستراتيجية لـ «الصحافة»: تقيــيم أبوجـــا لإبــراء ذمتنا ولا علاقــة له بأحـــداث أم درمان

17062008020520ali3eesaصحيفة الصحافه – حوار: التقي محمد عثمان
[ALIGN=JUSTIFY]ينعقد اليوم مؤتمر حول «سلام دارفور.. الواقع وآفاق المستقبل» تحت شعار «عامان على طريق السلام» بمشاركة مختصين وخبراء وأهل شأن لمناقشة وتشريح حال ومآل اتفاقية ابوجا، وهنا تلتقي «الصحافة» بمدير مركز السودان للبحوث والدراسات الاستراتيجية الجهة المنظمة للمؤتمر للوقوف على فكرة وسير الاعداد للمؤتمر ومن بعد الحديث عن دور المراكز البحثية وصلتها بصناع القرار، فماذا يقول الدكتور علي عيسى عبد الرحمن.

? دعنا نبدأ معك من توقيت المؤتمر. هل للتوقيت علاقة بأحداث أم درمان الأخيرة بمعنى هل بدأتم التفكير فيه بعد الأحداث؟
* التوقيت غير مرتبط بأحداث أم درمان اطلاقاً لأننا شرعنا في الاعداد للمؤتمر قبل 4 شهور وظللنا في حالة اجتماعات مستمرة الى ان توصلنا للتاريخ المحدد للمؤتمر وهو 71/ يونيو/ 8002.
? من أين جاءت فكرة المؤتمر؟
* مركز السودان ومنذ نشأته قبل عامين اهتم بمسألة دارفور وأول دراسة صدرت عنه كانت تتناول دور أبناء دارفور في العاصمة الاتحادية وجمعنا لها عدداً كبيراً من الخبراء والاكاديميين من ابناء الاقليم وكانت دراسة مفيدة جداً مثلت باكورة انتاجنا في هذا الصدد، أما فيما يلي مؤتمر سلام دارفور بين الواقع وآفاق المستقبل فقد جاءت فكرته بمبادرة من المركز بهدف ان ينظر الناس في اتفاقية ابوجا بغرض تقييمها ليصل الناس إلى نتائج من حيث: هل الاتفاقية فعلاً أتت أكلها واستفاد منها الناس في الواقع أم هناك عقبات ومشاكل وتحديات تواجهها.
? كيف صممت الاوراق المقدمة للمؤتمر؟
* الاوراق صممت وفقاً لهذه الرؤية التي ذكرتها لك. وحرصنا أن تغطي تصورات كل المفوضيات بالسلطة الانتقالية لاقليم دارفور، وايضاً حرصنا أن تحتوي الاوراق على المشكلات والانجازات والحلول في كل جانب تتناوله.
? ما هي الموضوعات التي تتناولها اوراق المؤتمر؟
* لدينا احدى عشرة ورقة تتناول كل ما يتعلق بسلام دارفور بدءاً من «النموذج الامثل للتعويض في سلام دارفور: المشكلات والحلول» مروراً بـ «تفعيل دور الدولة والمجتمع الدولي في اعمار دارفور» و«دور الأمن في استدامة الاعمار في دارفور» و«دور الـ DDR في بناء السلام بالتركيز على النساء والاطفال» و«الترتيبات الأمنية ومستقبل السلام في دارفور» و«تفعيل دور الادارة الأهلية في سلام دارفور» و«ثقافة السلام: مدخل للتحول والتنمية في دارفور» و«حقوق الانسان في دارفور» و«دور الاعلام في تعزيز سلام دارفور» و«آثار التدخل الاجنبي على عملية السلام بدارفور» وانتهاءً بـ «دعم السلام بدارفور» وستكون هذه الجلسات على مدار يومين للخروج بنتائج تحقق المرجو منها.
? هل اتصلتم بالجهات المعنية لضمان سريان النتائج التي ستخرجون بها، لأن التجربة تقول ان المؤتمرات تعقد وتنفض دون ان تخلف اثراً؟
* بالطبع اجتهدنا ونسقنا مع السلطة الانتقالية، ولدينا تنسيق مع الجهات الممسكة بملف دارفور، وهناك نقاش جارٍ في هذا الخصوص والادوار مقسمة بيننا والسلطة الانتقالية والحكومة المركزية.
? هل يؤثر حديث كبير مساعدي رئيس الجمهورية مني اركو مناوي في أن ابوجا لم ينفذ منها إلا ما يتعلق بالوظائف أما البنود الجوهرية فلم تمس، ألا يؤثر هذا على سير المؤتمر؟
* المؤتمر اصلاً نحن نعقده ليكون الكلام محدداً وعلمياً لنصل الى حقائق علمية ومدروسة ومرتبة لما انجز ولما لم ينجز ولماذا لم ينجز، ونأمل ان نخرج بتوصيات متكاملة تقدم اضاءات من شأنها دعم صناع القرار وتحدد مواطن الضعف والخلل في عدم تنفيذ الاتفاقية وتضئ بعض الثغرات غير الواضحة لنكون بذلك قد برأنا ذمتنا.
? هذا يقودنا الى المحور الآخر من هذا الحوار وهو العلاقة بين مراكز البحوث وصناع القرار، كيف ترى الأمر؟ وما هو واقع الحال؟
* ضمن المشكلات التي تواجه مراكز البحث العلمي في السودان انفصامها عن صناع القرار من ناحية وانفصامها عن الجماهير المستهدفة من ناحية أخرى، حيث اصبحت المراكز تتأرجح بين القمة والقاعدة واصبح لا يؤمها سوى الباحثين وبعض النخب السياسية، وعلى الرغم من ان صناع القرار ومنفذيه على مستوى الدولة سعوا في ايجاد تنسيق بين هذه المراكز والسلطة التنفيذية بمجلس الوزراء وتم انشاء وحدة لدعم القرار بالمجلس إلا ان اشكالية انسياب المعلومات لصناع القرار تظل قائمة حيث لا تكتمل دورة المعلومات التي تنتج من المراكز. لأن دورة البحث العلمي لا تكتمل إلا بتكامل الفكر والسياسة فلابد للمخططين والتنفيذيين في الدوائر السياسية من اعتماد ما يقدمه رجال الفكر وإلا فإن الانفصال يظل قائماً بحيث تصبح المراكز ترفاً.
? ولكن البعض يتحدث عن عدم تأهيل وعدم تفرغ تعاني منه المراكز البحثية؟
* بالفعل الدرجات العلمية وحدها لا تكفي إذ لابد من الوقوف على ما انتهى إليه الآخرون وذلك بالدورات التدريبية المصممة لهذا الغرض ومطلوب ايضاً اتقان اللغات الحية حتى تمكن الباحث من التواصل مع الآخرين، كما يجب على الباحث تعلم فنون الحاسوب باعتباره وسيلة العصر التي تعين كثيراً على البحث العلمي، والمعضلة الأخرى التي نقر بها أن معظم القائمين على أمر المراكز البحثية ليسوا مفرغين للعمل البحثي، فبالاضافة إلى البحث العلمي يقومون بأعباء ادارية أخرى هنا وهناك، وما يقال عن عدم تفرغ الباحثين في السودان يمكن أن يقال في سائر الدول العربية خلافاً لما هو عليه الحال في بلدان أوربية ففي فرنسا مثلاً تجد عدد المتفرغين في المركز الفرنسي القومي وحده بلغ أكثر من ثلاثين ألف متفرغ، وأؤكد ان وصفة التفرغ هي التي تمكن من أداء رسالة البحث العلمي على وجهها الأكمل.
? أيضاً البعض يتحدث عن انحيازات مسبقة تخل بعمل المركز وتقترب بها من الايديولوجيا مما قد ينزع عنها صفة العلمية؟
* الانحياز قطعاً صفة لا تلتقي مع البحث العلمي باعتبار ان الموضوعية هي السمة التي تلتقي مع أي بحث علمي، أما اذا كنت تقصد بالايديولوجيا هنا الانتقائية البحثية حيث ينحاز المركز إلى القضايا التي تخدم خطه العقائدي أو السياسي ويترتب على ذلك أولوية بحثه العلمي دون النظر إلى أهمية البحث في حد ذاته فان هذا بالفعل قد يخرج بعض المراكز عن الموضوعية وهي تقدم تقريرها السنوي. عموماً فان الاتجاهات المذهبية التي تمثل قاسماً مشتركاً بين كل مراكز البحوث في السودان واحدة من التحديات التي تواجه هذه المراكز التي يتجه بعضها يميناً وبعضها يساراً ومنها ما هو بين هذا وذاك ولعل التحيز المذهبي بالاضافة الى أنه يقتل الموضوعية والابداع العلمي فانه ايضاً يحول دون التنسيق الكامل بين أنشطة هذه المراكز، وعلى مستوى العالم هناك شواهد كثيرة من المراكز المؤدلجة ولكن تظل المذهبية هناك لاثراء العمل البحثي بينما هنا للكيد السياسي.[/ALIGN]