بروفة تغيير
وقبل أن تتضح معالم التغيير تبرع الدكتور نافع على نافع بدليل وبرهان أكيد أن التعديل ما هو إلا طلاء جديد لبيت قديم.. إذ نشرت صحف الأمس تصريحاته في ولاية نهر النيل التي ـ كالعادة ـ ينعي فيها المعارضة ويمجد تفوق حزبه المؤتمر الوطني عليها.. مثل هذا التصريح يبعث برسالة مربكة للشعب.. تؤكد أن منهج التفكير السياسي للحزب الحاكم والحكومة لم يتغير حتى ولو هز التغيير قائمة الأسماء الكبيرة..
ييدو غريباً للغاية ـ على الأقل لمثلي ـ أن يفهم كيف تفرح الحكومة بأنها وطن (بلا معارضة).. هل يعني ذلك أن نظرية الحكم عند المؤتمر الوطني.. تقصد حكومة قوية ومعارضة واهية؟.. ألا يعلم حزب المؤتمر الوطني أن أركان الدولة الديموقراطية تقوم على مبدأ دولة متوازنة تطير بجناحي حكومة ومعارضة؟.. ألا يتذكر الدكتور نافع الصورة التاريخية للزعيم إسماعيل الأزهري يداً بيد مع زعيم المعارضة الأستاذ محمد أحمد محجوب وهما يرفعان علم الاستقلال في أعظم لحظة تاريخية من عمر السودان؟..
المعارضة جزء لا يتجزأ من منظومة وقوام الدولة العصرية.. لكن قومنا يفهمون أن المعارضة رجس من عمل الشيطان فاقتلوه.. ونجاح الحكومة مرهون بموات المعارضة.. وتزداد قوة الحزب الحاكم كلما أجهز وخنق الأحزاب المعارضة له.. هل هذا هو التغيير الآتي؟..
ما يفيد الشعب السوداني لو تغيرت الوزارة وكل الهياكل من قمة شعرها حتى أخمص قدميها.. ثم بقيت السياسات والعقلية الحزبية الضيقة كما هي؟.. عقلية تقسم السودان إلى كرام بررة ضد لئام فجرة.. عقلية ومنهج تفكير يجعل الوطن شطرين.. فاجع ومفجوع بينهما شعب موجوع..
لا أعلم ـ والله العظيم ـ كم تكلف الحزب الحاكم الكلمة الطيبة؟.. ألا يكفي التأكيد والضمان الإلهي الذي نطق به القرآن (كَلِمَة طَيِّبَة كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ)؟.. ما هي دواعي الحرب اللفظية التي يغرق فيها خطاب الحزب الحاكم؟… حتى في اللحظات التي يعد ويبشر ناس فيها بـ(التغيير)؟..
ليس مهما من يذهب ومن يبقى إذا بقى الحال على ماهو عليه.. إذا وفد جيل جديد يحمل ذات الأدب السياسي بلون آخر.. وذات الخطاب الإعلامي بلسان آخر..
على كل حال.. نحن في الانتظار.. هل هو تغيير.. أم يبقى الحال على ما هو عليه؟.
[/JUSTIFY]حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي