يوميات عائد من القضارف
*الزمان ضحى الأحد الماضي، المكان منطقة سمسم جنوب القضارف، مائة وسبعون كيلومتراً جنوب القضارف، وعلى بعد الإستراحة كيلومترات من شاطئ نهر الدندر، مسرح الحدث كان الإستراحة الصغيرة، التي قد اكتملت تفاصيل تحضيراتها، كنا فقط ننتظر هبوط الطائرة العمودية التي يستغلها السيد المتعافي وزير الزراعة الاتحادية، طال انتظارنا وتمددت هواجسنا وذاكرة الجميع مثقلة بحادثة سقوط سابقة لطائرة السيد المتعافي، قلت لصديقنا الطاهر حسن التوم، والذي كان حضوراً على طريقته في هذا (الخلاء البعيد)، كيف ولماذا؟ لا أدري، وكل قد أتى على طريقته، يجب أن تضاف إلى سيرة المتعافي (أنه قد وقع من السما سبع مرات)، أخيراً قد هبط الرجل بسلام وبدأت فعاليات المحفل الذي نظمته الشركة الزراعية الأفريقية، شابان أوربيان بيض الوجوه خضر العيون قدماً لنا خلاصة تجارب إقامتهما لمدة عامين في هذا الخلاء، التربة الزراعة المكننة الإدارة والحصاد..! وذلك لدرجة التساؤل المقلق (هل الزراعة تحتاج لكل هذا الإنجليزي؟).. بكل أسف، نعم.. فالزراعة أصبحت تحتاج إلى (لاب توب) كمبيوتر محمول فيه كل البيانات والقراءات، وكان حضوراً أنيقاً في هذا الخلاء كل من السيد وزير الزراعة الولائي والسيد مدير عام البنك الزراعي والتربال كرم الله عباس الشيخ الوالي السابق لولاية القضارف.
*وبالمناسبة حاول الأخ الزميل الصديق أسامة عبد الماجد الذي وصل في معية السيد المتعافي.. كيف ولماذا.. تلك قصة أخرى سنعرض لها في حينها، حاول أن يستنطق السيد كرم الله، فقال له (ابن عمنا أبشر الصائم ليه أربعة أيام معانا في القضارف ولم يظفر بتصريح)، لكن أسامة يعرف كيف يحصل على تصاريحه وهو صحفي شاطر، وبالمناسبة تعود جذور السيد كرم الله إلى مدينة بربر وقبيلة الرباطاب، وفي جلسة لاحقة سألته، ما هي أحب الألقاب إليك.. والٍ سابق، رجل أعمال أم مزارع؟ قال الرجل: أحب الألقاب لي (تربال)، قلت: يوم فارقت الولاية شعرت بأنك فقدت شيئاً مهماً، أم أن شيئاً ثقيلاً قد أُزيح عن كاهلك؟، قال لم أنم كما نمت في ذلك اليوم.
*ذهبنا مسيرة مئات الكيلومترات على سفح الحدود الإثيوبية والإريترية ثم أتينا بالضفة الأخرى إلى تخوم البطانة وحلفا الجديدة والفاو، مسيرة خمسة أيام، ونحن نخرج في رحلة زراعية بهذا الشرق الكبير، ولا تملك إلا أن تفرح وتحزن في وقت واحد، أن تفرح بأننا نمتلك هذه الأرض الشاسعة لن تجوع وتعرى، فمهما تعقدت مشاكل الاقتصاد فإن خريفاً ناجحاً مثمراً واحداً سيضع حلاً ناجعاً وسريعاً لهذه الأمة.. إن أحسنا استخدام التقنية والتقانة والتقوى!
*وتحزن لمصير هذا البلد ومستقبله، فأحياناً تذهب مسيرة يومين كاملين ولا تجد مظهراً لحكومة، فالحكومة والشعب والقصص والمقاهي وستات الشاي والعطالى كلها تتوافر في الحوار وبكثافة والأرض المنتجة يقتلها الفراغ وقلة الحيلة والأيدي العاملة، طاقات الشباب المذهلة تتكدس في مداخل واستقبالات الوزارات والمحليات تبحث عن وظيفة مستحيلة في سلك الأفندية!
*وتساءل كيف أن شابين أوروبيين يرتديان بنطالي جينز وتي شيرتات تمكنا من الإقامة في هذا الخلاء لمدة عامين يعاقرا ويسامرا الحقول، بل ويستمتعان بذلك، وكثيرون مجرد وصولهم إلى هناك زائرين يعتبرونها معجزة!
*نحتاج إلى رجل بعبقرية مهاتير محمد ليخرج بنا من المدن وحقول السياسة إلى الحواشات والريف، فاقتصادنا المدمر الذي نحاول أن نعالجه هنا في القاعات علاجه هناك في الحواشات والريف!
*ليس هذا كل ما هناك ولنا عودة..
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
الاخ ابشر الصايم اتمني ان يطلع الوزير الجديد علي كتاباتكم لينفذ منها 10% فقط والباقي يديه البحر هذه البلاد هي في الاصل رعوية وزراعية لا اكثر اما الهرطقات الاخري تاتي في المرتبة الاخري اذا اصلحنا حال الزراعة ينصلح الباقي ثم الاهم يجد الشباب عمل ولانهم نالوا دراسة جامعية وليس ضروريا ان تكون في زراعة فقط تفتح عقولهم وانتظروا الباقي