داليا الياس

رجالة النسوان!!

[JUSTIFY]
رجالة النسوان!!

حكت لي صديقتي يوماً من بين ضحكاتها عن موقف طريف حدث معها حين قدمها قريبها الرجل البسيط معرفاً إياها على صديقة على أنها فلانة الفلانية ابنة خالتي و(رجلة) أعمال!، وكان يعني بالضرورة عملها الحر في مجال السفر والسياحة الذي يصنفها ضمن سيدات الأعمال، اللاتي أضحين جزءا أصيلا من المجتمع الاقتصادي السوداني يستحق التقدير والتمحيص.
لهذا لم يكن مستغرباً من مؤسسة اقتصادية رائدة وواعية في دنيا البنوك مثل البنك الفرنسي السوداني أن تبادر لاستضافة ملتقى سيدات الأعمال برعاية السيد محافظ بنك السودان، وتحت شعار (تعزيز فرص المرأة لريادة الأعمال والمشروعات التنموية).
الحضور النوعي الأنيق من النساء اشتمل على كافة التخصصات في مجالات الاستثمار والعمل العام والخاص. وقدمت خلال الملتقى العديد من أوراق العمل الضافية والمتخصصة التي تناوله وضع المرأة في الاقتصاد السوداني ما بها وماعليها وأين كانت وإلى أين وصلت وإلى أين تمضي، مع تفصيل دقيق لمتطلبات المرحلة القادمة والاحتياجات اللازمة لتعزيز وجود السيدات على الساحة الاقتصادية لاسيما وأن غالبية الدراسات والملاحظات والحكايات تؤكد أن المرأة أصبحت هي العمود الفقري والعائل الرئيس لمعظم الأسر السودانية داخل وخارج العاصمة!!
المتحدثات كنَّ على قدر وافر من الوعي والخبرة في ما يلي شؤون النساء، ومنهن الأستاذة (رجاء حسن خليفه) ذات الباع الطويل في تاريخ العمل النسائي العام، التي شاركت بتقديم ورقة عمل رائعة بعنوان (تطور مشاركة المرأة السودانية في العمل العام.. المرأة والمجتمع) كانت من الشفافية والعمق بمكان، وجاء تعقيب الباشمهندس (وداد يعقوب) عليها بسيطاً وصادقاً وحميماً طالبت فية بضرورة تخصيص نسب مقدرة للسيدات في اتحاد أصحاب العمل والنقابات العمالية وغيرها، وإلزام الرجال باحترام ذلك مشيرة إلى إمعان الرجال في إقصاء النساء عن هذه الكيانات بتشكيلهم للوبي قوي تسنح له الفرص للتلاقي والتخطيط في مجتمعات مقفولة يصعب على النساء اختراقها مثل بيوت العزاء ومناسبات عقد القران والجلسات الرجالية الخاصة! وطالبت المعنيين في حال لم تتوفر فرص العمل للنساء يجب بالمقابل توفير التمويل اللازم لهن لاستثمار طاقاتهن ومساعدة أسرهن. والمعلوم أن أبرز التحديات التي تقابل السيدات هو تحديهن لواقعهن الإجتماعي وزواتهن، إذ تتعرض الفتاة ما بين 25 إلى 35 سنة من عمرها لضغوطات رهيبة تبدأ بالقلق من العنوسة، وتمر بأعباء الزواج التي تفرض عليها رغبات الزوج وضرورة وجودها الدائم رهن إشارته لتحقيق صورة العروس الجميلة المتفرغة، ثم يأتيها وهن الحمل، فآلام المخاض، فمصاعب الأمومة، بالإضافة للطقوس الاجتماعية المتعددة التي يصبح لزاماً عليها ممارستها حالما تزوجت، فتضطر في غمرة ذلك للتنازل عن طموحاتها ورغباتها وأحلامها في إنفاذ مشاريعها الخاصة.
ثم أن صورة سيدة الأعمال النمطية تحتاج عملياً لإعادة نظر لتخرج من عباءة التمويل الأصغر والخبائز وصناعة العطور السودانية وتجارة الشنطة!! لماذا لا تقتحم السودانية مجال المقاولات والإنتاج الزراعي والاستثمار؟
إن أكثر ما يعجبني في (وداد يعقوب) امتلاكها الجرأة اللازمة لتحقيق كل ما تريده رغم تنازلها عن الشكل البرجوازي التقليدي لسيدة الأعمال ذات الكعب العالي والشعر المنسدل والنظارات الشمسية والأظافر الطويلة المطلية بعناية!! نحن لا نحتاج لأعمال نسائية ذات طابع أنثوي، إننا نحتاج لأعمال نسائية ذات طابع إنساني، ويحمد كثيراً للملتقى هذا التلاقح الكبير وعرض الأفكار الخلاقة وقدرته على حشد تلك النسبة الكبيرة من النساء اللائي أثق تماماً في قدرتهن على التغيير وتقديم الدفع اللازم لعجلة الاقتصاد.
تلويح:
شكراً حميماً للبنك السوداني الفرنسي، وهو يشرع أبوابه أمام النساء بكل ذلك الكرم والإيمان المطلق بقدراتهن، ويعلن استعداده للتمويل، ويطربنا بأن نسبة إعسار النساء في تعاملاته البنكية، صفر .

[/JUSTIFY]

إندياح – صحيفة اليوم التالي

تعليق واحد

  1. كلام الطيـــــــــــــــــــر فى الباقيــــــــــــــــــر