عثمان ميرغني

الله يكضب الشينة


[JUSTIFY]
الله يكضب الشينة

مساء الأربعاء الماضي زرنا الدكتور حسن الترابي في منزله .. طبعاً جزء من عملنا قراءة المشهد السياسي عبر تحسس رأي اللاعبين الاساسيين في الساحة السياسية السودانية وبالتأكيد الترابي في صدارة هؤلاء اللاعبين.. ورغم أننا أمضينا معه عدة ساعات تحدث خلالها بإسهاب في موضوعات شتى .. إلا أنني لا أخفي عليكم قلقي (الشديد) من عبارة رددها الترابي اكثر من ثلاث مرات متتابعة..
سياسي بوزن وذكاء وفكر الترابي لا يرمي بالكلام على عواهنه.. هو يدرك -جداً- كل حرف يقوله.. الذي أقلقني تعبير الترابي عن (قلقه الشديد) من القادم الآت.. الترابي قال ( إني أرى أشجاراً تتحرك..) او هكذا قال.. كرر هذه العبارة في سياق لغوي مختلف لكن بمضمون واحد يعبر عن خطر ماثل محدق بات يدق الباب بعنف.. وكان واضحاً في تقاسيم وجهه و(لغة الجسد) أنه فعلاً يعبر عن إحساس صادق بهواجس الخطر الذي بات قريباً..
قراءة هذا القلق الترابي مصحوباً مع صمته (الصاخب!!!) هذه الأيام يعني إما أنه يرى تحت الرماد وميض نار.. أو أنه لايرى من الأصل رماد بل نذير نار ولهب مندلع.. وربما انفجار.
بالتأكيد خبرة أكثر من خمسين عاماً في العمل السياسي منها حوالى (١٤) عاماً في غياهب السجون.. من سجن بورتسودان في أقصى الشرق الى سجن (شالا) في أقصى الغرب.. مروراً بعشرات السجون في كوبر ومدني والأبيض وغيرها .. كل هذه الخبرة تصنع (مجسات) عالية الدقة في استشعار الزلازل والإحن والفتن ماظهر منها وما بطن..
ما الذي يراه الترابي ولا نراه.؟؟
حزب المؤتمر الشعبي وصف في إحدى إطلالاته الإعلامية التغييرات الوزارية والسيادية الأخيرة التي ازاحت الرعيل الأول من عتاة صناع (الإنقاذ) من مواقعهم الحصينة في الدولة والحزب بأنه (إنقلاب كامل الدسم)..وكأنى بالشعبي يريد أن يبث رسالة مفتوحة في عدة اتجاهات.. رسالة لمن يهمه الأمر فحواها ( كلنا في الهم.. شرق)..
خطورة هذه الرسالة أنها ترفع (قرني الاستشعار) لمن يهمه الأمر.. إلى أقصى درجة!!
من واقع ووقائع المشهد السياسي.. أحزاب المعارضة الأخرى ليست في وضع يمكنها بأكثر من نثر التصريحات في أثير الإعلام المجاني.. لكن هل هذه الأحزاب هي الأخرى تستشعر ما يشعر به الترابي؟؟؟
الإجابة في تقديري لا ثم لا.. فأحزاب المعارضة الظاهرة على سطح الملعب السياسي لا تملك (المعلومات!!) فضلاً عن القدرات اللازمة لاستشعار الخطر الحقيقي.. وهي منشغلة بخلافاتها وهواجسها من بعضها البعض .. وهي مع كامل احترامي (خارج الشبكة)..
هناك ترتيب ما.. لشئ ما.. لن يطول انتظاره..
هذا أقصى ماهو متاح.. من الكلام المباح..

[/JUSTIFY]

حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي