رأي ومقالات

د. ناهد قرناص: افتح التلفزيون السوداني واتنقل بين قنواته فقط لكي ارى اخر موضات التياب واجمل رسومات (الحنة) ..والجديد في عالم الذهب


تضيع اغلب الأشياء بين الافراط والتفريط ..وهذه مشكلتنا الاساسية ..نفتح الباب على مصراعيه لبعض الأشياء ,ثم نكتشف خطا ما فنسارع باغلاقه (بالضبة والمفتاح)..وما بين هذا وذاك نفقد أشياء كثيرة اهمها المصداقية .

تداولت الوسائط الاجتماعية قرار مدير التلفزيون القاضي بان تلبس المذيعات التياب السادة الخالية من الزركشة ..والحنة تكون سادة ..ويمنع الحلي وخاصة (الغوايش ). الحقيقة انا اول من سيتاذى من هذا القرار ..فقد كنت افتح التلفزيون السوداني واتنقل بين قنواته فقط لكي ارى اخر موضات التياب واجمل رسومات (الحنة) ..والجديد في عالم الذهب ..فيكون مدير التلفزيون قد حرمني هذه المتعة وفقد جمهورا مهما مثلي.

هذا القرار (التعسفي) ذكرني طرفة أؤلئك الصعايدة الأربعة الذين يركبون كل يوم مع سائق التاكسي الذي يمتلكونه ..فقط لمراقبته ….يظل السائق يلف بهم الشوارع ولا يشير احد له بالتوقف فالتاكسي ممتلئ عن اخره ….فما كان منهم الا ان عقدوا اجتماعا طارئا قرروا فيه (تغيير السائق). هذا بالضبط ما فعله القائمون على امر التلفزيون …

ظللنا ننادي بمذيعين ومذيعات مثقفين ..يديرون برامج حوارية ببراعة ..لا يتأتاون و يستطيعون خلق اسئلة ومداخلات من خلال اجوبة الضيف..ظللنا ننادي باختيار الناس اعتمادا على موهبة الحضور والتلقائية وغزارة المعرفة وقوة الشخصية وليس اعتمادا على الواسطة ودرجات اللون فيجيبنا القائمون بمنع التياب المزركشة والحنة . استغرب بشدة وأقول لنفسي هل لا يشاهد القائمون على امر التلفزيون القنوات العالمية؟؟؟

نشرات الاخبار تعد بحرفية عالية تجعلك مشدودا لاخر لحظة .. المذيعون يجملون تلك النشرات باضافة قفشات صغيرة تعليقا على الخبر …اما البرامج الحوارية تكاد تذهلك بثقافة المذيع ولباقة المستضافين المختارين بعناية ..ترى المشهد كله كانه لوحة جدارية رسمها مصور بارع . الديكور المتناسق الهادئ الذي لا يسبب زغللة في العيون ..الموسيقى التصويرية ..الملابس المناسبة التي يشرف عليها شخص مختص .حتى المكياج..تشرف عليه جهات مختصة.

المشكلة يا سيدي ليست في تياب المذيعات ونقش الحنة او على الأقل لم تكن تحتاج منك قرارا مكتوبا تتداوله الوسائط الالكترونية …فكان يمكن جمعهن في اجتماع مغلق ومناقشة موضوع المظهر العام وحبذا لو استعنت باحد المختصين في هذا الامر. وبالمرة بما اننا فتحنا الموضوع اود ان أسالك سؤالا (واقف لي في حلقي) ….لماذا يوجد فنان في كل البرامج التلفزيونية؟؟…

شخصيا لن اندهش اذا قال المذيع في النشرة الرئيسية (قبل الانتقال الى الاخبار العالمية نسمع الفنان الاعجوبة فلان الفلاني في رائعته يا الماشي لي باريس). الشئ المضحك ان الفنان ياتي للغناء فقط ويظل صامتا حتى يؤذن له بالغناء….ثم يتواصل الكلام ولن تجد رابطا بين الغناء وموضوع الحلقة .. ولو حرصت.

اذكر انه في برنامج حواري نسائي ظلت احدى الناشطات تنصح النساء بالاهتمام بالجوهر والتنازل عن المظاهر وانه يجب على الفتاة الا تتوشح بالذهب والتياب المزركشة ولا ترهق نفسها بلبس الكعب العالي ودارت الكاميرا لتركز على الفنانة المصاحبة للبرنامج التي كانت تحمل ما يقارب الكيلو من الذهب في عنقها وساعديها وتنتعل ما يساوي برج الفاتح من الاحذية ولكنها ما قصرت معانا فقد غنت (لوكي القرضة وامسكي في ) ..فاتت الرسالة الينا نحن بان تلك الناشطة تؤذن في مالطة وان (الشريف مبسوط مني).

اختم يا سيدي بطرفة حكاها لي احد الأصدقاء بان مدير المدرسة في قريتهم قد قرر رفع مستوى التلاميذ بالزامهم بالحضور عصرا للمدرسة لدروس تقوية وفرض عليهم رسوما تساوي جنيها في ذلك الوقت ..كان (علي) تلميذا بليدا اتعب الأساتذة ..اتى أبوه للمدرسة ليقول للمدير (المشكلة ما في الجنيه ..مقدور عليهو .المشكلة في علي)…يا صاحب السعادة المشكلة ما في التياب ..المشكلة في الديكور والكاميرا والسيناريو والحوار ووووووو وحاجات تانية حامياني…ومسجل ادم يغني صباح اليوم (المناظر هي ذاتها ..والصور نفس المشاهد )..وووصباحكم خير

د. ناهد قرناص


تعليق واحد

  1. [SIZE=3]عشان المذيعات عارفات اللي بيهمكن شنو من مشاهدة التلفزيون عشان كدا قاعدات يركزن في التياب والحنة والدهب، تلقى البرنامج عن كيفية معاملة الزوجة لزوجها، والمشاهدات تلقاهن طول الوكت مبحلقات في توب وحنة المذيعة وما طلعن بي اي حاجة من الحلقة.

    يعنى دي زي حكاية (الأغاني الهابطة) .. الفنانين بيغنوها تلبية لطلب الجمهور، ونفس الجمهور دا يجي يقول ليك أغاني هابطة .. طيب لو انتو ما عايزنها لقت رواج شديد كيف ! هذا ما يسمى في العلم ب (انفصام الشخصية) .
    [/SIZE]