تحقيقات وتقارير

آهـ.. ما أقسى الجدار” فرقاء العملية السياسية في الداخل تتباين رؤاهم ما بين “ضرورة الحل الشامل” ومخاوف “إعادة إنتاج نيفاشا”.. تتعدد المداخل وتختلف التفسيرات والحائط التفاوضي في “راديسون بلو” لم يزل مستقراً مكانه: ما

[JUSTIFY]انطلقت الجولة السابعة من المفاوضات بين الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال أمس الأول (الأربعاء)، ورغم التفويض الممنوح من مجلس الأمن عبر القرار (2046) بأن يتم التفاوض بين الطرفين على منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان والمعروفة بـ(المنطقتين)، إلا أن وفد قطاع الشمال جاء وبصحبته مني أركو مناوي والتوم هجو، في إشارة كانت واضحة لأن القطاع بقيادة عرمان يريد أن يفاوض على دارفور بجانب المنطقتين أيضا.. وفد الحكومة من جانبه رفض الأمر وأصر على موقفه، في أجواء توقع لها الجميع الفشل، رغم بعض التصريحات المبشرة من الطرفين أمس بأن اجتماعهما السري كان إيجابيا. على مستوى الداخل تباينت ردود أفعال القوى السياسية حول موقفي الطرفين ففي الوقت الذي رأى فيه البعض ضرورة توحيد المنابر التفاوضية لإنهاء مشاكل البلاد، رفضت أطراف أخرى وبشدة تفاوض عرمان وقطاعه عن كل السودان، وذهبت لأبعد من ذلك بأنه لا يحق لعرمان نفسه أن يفاوض على المنطقتين.

1

* “خطة عرمان”

بشير آدم رحمة أمين العلاقات الخارجية للمؤتمر الشعبي قال إن عرمان منذ انفصال الجنوب يفكر في اتفاقية شبيهة بنيفاشا ليتقاسم السلطة مع المؤتمر الوطني، وأضاف رحمة لـ(اليوم التالي) إن هذه خطة عرمان وتدعمه فيها بعض قوى اليسار بالداخل، وبعض المنظمات الدولية، وبعض النافذين في الحركة الشعبية بالجنوب، وتابع: “يبدو أن الحكومة واعية ألا تكرر خطأ نيفاشا، ولذلك رفضت رفضا باتا التفاوض خارج قرار مجلس الأمن”، وزاد: “عرمان يريد أن يكبر (كومه) فضم إليه الجبهة الثورية، يريد أن يعكس أنه يتحدث عن مجموعات كبيرة، بالإضافة إلى توقيعه مع الصادق المهدي في باريس، لافتا إلى أن “التوم هجو لا يمكن أن ينضم للجبهة الثورية دون موافقة مولانا الميرغني”، وقال “هو يريد أن يجمع الأحزاب التقليدية الكبيرة (الأمة والاتحادي) مع حركات دارفور، حتى ينال الجزء الأكبر من الكيكة، وبهذا الوضع إذا تقاسم السلطة مع المؤتمر الوطني فسيستأثر بـ(70%)، وسيعطي حركات دارفور (30%) فقط”، مضيفا: “سيفعل عرمان مثلما فعلت الحركة الشعبية مع التجمع الديمقراطي من قبل في نيفاشا؛ سيترك الحركات بعد أن يحقق أهدافه”.. موضحا أن موقف الشعبي من هذا الأمر هو تفويض مجلس الأمن، والتفاوض حول المنطقتين فقط، بالاتفاق على الجوانب الأمنية والإغاثة وتبادل الأسرى بعدها إن وجدوا، وفصل القوات، ويأتي قطاع الشمال بعد ذلك والحديث مازال لرحمة- لمناقشة جميع القضايا السياسية من داخل الحوار الوطني، مؤكدا أن عرمان لن ينجح في مسعاه، وقال: “هو يبدأ بسقف عال، ولكن المعطيات على الأرض تختلف الآن، فالحركة بالجنوب تسير لاتفاق، والداعمون لقطاع الشمال من يسار الحركة أصبحوا على الرصيف”، لافتا إلى تسريب أنباء عن إعطاء أوامر بخروج القطاع من الجنوب، وقال: “حتى الدعم الخارجي لم يعد في صالحه بعد التوترات الكبيرة التي تشهدها المنطقة”.

2

* “يا أمل موؤد”

أما علي السيد القيادي البارز بالاتحادي الأصل فيرى أن قطاع الشمال اصطحب معه لهذه الجولة قيادات من الجبهة الثورية، بعد أن شعر أن الحكومة غير جادة. وقال السيد لـ(اليوم التالي): “قطاع الشمال مرتبط بالجبهة الثورية الآن، ولا يمكنه التفاوض بدونها”، لافتا إلى أن قطاع الشمال كان قد تنازل في الجولة السابقه على أمل المشاركة في الحوار، وقال: “يبدو أنهم اقتنعوا بأن هذا الأمل بات مفقودا، فعادوا لتعنتهم، لو استجاب المؤتمر الوطني للحوار الجاد مع حاملي السلاح وتقديم تنازلات بمشاركتهم في الحوار، كانت الأمور سارت للأفضل، ولكن في ظل هذا الوضع وعدم وجود حوار جاد مع عدم وجود ضمانات حقيقية فأنا أتوقع أن تفشل هذه الجولة من المفاوضات”.

3

* “رجل خلافي”

من جهته قطع الطيب مصطفى رئيس منبر السلام العادل بأن عرمان ليس من حقه الحديث خارج المنطقتين. وقال مصطفى لـ(اليوم التالي): “عرمان ليس مناسبا حتى للحديث عن المنطقتين، والمفروض أن يتحدث مالك عقار أو عبد العزيز الحلو لأنهما من أبناء المنطقتين”، مؤكدا أن هذه هي طريقة عرمان، وأنه من الصعب الوصول معه لاتفاق، مضيفاً بالقول: “إنه رجل خلافي ومن الصعب جدا أن يتغير، كلنا نسعى للسلام، ولكن ليس بهذه المطالب التعجيزية، وليس من حق الحكومة أن تفاوضه إلا بموجب قرار مجلس الأمن”، وقال: “لا يمكن أن يعطى لعرمان دور أكبر من الجميع حول قضايا الوطن، فهناك الحوار الوطني الذي تشارك فيه المعارضة وتناقش فيه كل القضايا، فعليه أن يكون جزءا من هذه المعارضة، وأن يعود مع بقية المحاربين” متوقعا إما أن يرجح صوت العقل وتسير المفاوضات، أو أن تفشل هذه الجولة سريعا.

4

* “مع الحل الشامل”

بالنسبة لدكتور إبراهيم الأمين القيادي البارز بحزب الأمة فإنه مع الرأي الذي ينادي بتوحيد كل المنابر. يقول الأمين في سياق حديثه لـ(اليوم التالي): “لابد من حل شامل لمشاكل البلاد عبر تفاوض موحد”، مضيفا: “بعد توقيع أديس أبابا بين الجبهة الثورية ومجموعة السبعتين من المناسب جدا مناقشة كافة القضايا”، لافتا إلى أن الخلاف حول نواح إجرائية ليس في صالح العملية، وقال: “نحن مع الحل الشامل لقضايا البلاد في منبر واحد، حتى يستطيع الجميع الانتقال إلى مرحلة تقود البلاد للاستقرار”، مفسرا: “القصة تكمن في تمسك الدوحة بمفاوضات دارفور، ولكن يجب أن تحل كل القضايا في منبر واحد في إطار سودان موحد وبشروط ملزمة للجميع”، مضيفا: “أما إذا تمسكوا بموقفهم فستعقد الأمور والوقت ليس في صالح الجميع”.

5

* “نوع من الاعتراف”

أما فيصل محمد صالح الكاتب الصحفي والمحلل السياسي فيرى أن ظهور هجو ومناوي مع وفد قطاع الشمال لم يكن مفاجئا. وقال صالح لـ(اليوم التالي): “اتفاق أديس أبابا الأخير بين الجبهة الثورية ومجموعة (7+7) كان نوعا من الاعتراف بالجبهة الثورية، ولذلك كنا نتوقع مناقشة وقف إطلاق النار مع الجبهة الثورية، وأن ينخرط الطرفان في مفاوضات عامة”، وتابع: “الحكومة لا تقدم تفسيرا لاتفاق أديس أبابا”، مؤكدا أن هناك ربكة وأن الأمور لا تسير على مايرام في هذه الجولة، وقال: “لن يصلوا إلى اتفاق في ظل هذه الأجواء، وأتوقع فشل هذه الجولة اذا لم يتدخل الوسطاء”، مضيفا: “أنا مع توحيد المنابر”.

6

* “تضييع زمن ومال”

في الأثناء يرى د. أسامة توفيق عضو المكتب القيادي لحركة الإصلاح الآن أن اتفاق أديس أبابا الأخير أحدث اختراقا كبيرا. وقال توفيق لـ(اليوم التالي): “لا يوجد مبرر لتصعيد المشاكل، يجب على الجميع مناقشة قضايا السودان كله، فلا يوجد مبرر إلا سياسة فرق تسد”، وتابع: “الحكومة تريد أن تلتقي كل فصيل بمفرده للاستمالة، وطالما أن الجميع من الحركات المسلحة والقوى السياسية وافقوا على إعلان أديس أبابا، فلماذا هذا التعنت؟”، وزاد: “يجب أن يكون اتفاق أديس أساسا للتفاوض، خاصة مع ذهاب وفد 4+4 من مجموعة السبعتين غدا أو بعد غد لمواصلة ما تم الاتفاق عليه مع الجبهة الثورية في اتفاق أديس أبابا”، واعتبر توفيق موقف الحكومة مجرد تسويف ومضيعة للزمن والأموال، متوقعا فشل الجولة الحالية من المفاوضات.

7

* أسئلة ربما للإجابة

حسناً، ما بين “ضرورة توحيد المنابر لحل جميع قضايا البلاد العالقة”، وبين “مخطط عرمان لإعادة نيفاشا من جديد”، تقف القوى السياسية السودانية مختلفة حول الجولة الحالية من التفاوض بين الحكومة وقطاع الشمال في أديس أبابا، فهل ستنجح خطة الفوز بأكبر قدر من الكيكة؟ وهل نحن بالفعل بصدد نيفاشا2؟ أم أن طاولة الحوار الوطني ومؤيديها ستكون لها الكلمة العليا في هذا الشأن؟ وهل وجود المؤتمر الوطني في كفة الحوار سيرجحها؟ أم أننا سندخل مسلسلا متبعا بضغوط خارجية يصحبه تقديم تنازلات على الطاولة بالعاصمة الإثيوبية؟[/JUSTIFY]

اليوم التالي