عثمان ميرغني

نصيحة للبروف غندور


[JUSTIFY]
نصيحة للبروف غندور

البروفيسور غندور وللمرة العاشرة.. قطع بأنه لن يفاوض الحركة الشعبية قطاع الشمال في أي قضية خارج حدود إقليمي جنوب كردفان، والنيل الأزرق.. وبكل صدق أقول للبروف غندور.. تماماً كما قال أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم له في غزوة بدر.. (أهو موقف أوقفكم الله فيه.. أم هي الحرب والمكيدة والرأي؟).
وبالطبع لا حاجة لانتظار الإجابة لأن عهد نزول الوحي ولى.. وبالتأكيد هو موقف (تفاوضي تكتيكي).. وتكرر في كل مفاوضات السلام من لدن نيفاشا إلى الدوحة.. الإصرار على أن القضية محور النقاش يجب أن تظل مرسومة في حدود جغرافية لا تتعدى الإقليم المنكوب..
ليت البروف غندور.. يتوقف عند قراءة هذه السطور هنا لحظة واحدة.. ويسأل نفسه.. لماذا؟ لماذا شرط الالتزام بقضايا الإقليم؟
ولو تجرد بقلبه في البحث عن إجابة.. لاكتشف أن الأمر كان مجرد (موقف عناد) لا يفيد على الإطلاق في التفاوض ولا يمنح الحكومة أي ميزة تفاوضية بل على النقيض تماماً.. يضر بموقف الحكومة..
أولاً.. الإصرار على حصر التفاوض في قضايا المنطقتين يعني مزيداً من حشد السند القبلي والجهوي خلف شعارات الحركة.. وإمعانا في تمزيق الآصرة القومية للسودانيين.. فعندما يطالب زعيم سياسي من جبال النوبة بالتفاوض على مائدة قومية سودانية.. فيصر حزب المؤتمر الوطني على رسم دائرة حمراء تحصر قضايا المنطقة فذلك يعني عملياً أن الوطن يشرِّع لمنهج (القضية.. مقابل البندقية).. كل إقليم تحزه مرارات الغبن، عليه أن يبحث عن بندقيته لأنها معبره للتفاوض حول (قضاياه).. لعمري هذا إيحاء صريح بـ(وما نيل المطالب بالتمني..)..
في المقابل.. التفاوض حول قضايا قومية يغسل كل الشعارات السياسية من أدران الجهوية والعصبية القبلية ويمدها بمطهر وطني يمسح الجراح الغائرة.
أنا أدرك لماذا يتحاشى المؤتمر الوطني التفاوض حول قضايا (قومية).. لأنه يخشى مفردات مثل (الحرية- الديمقراطية المشاركة) وما إلى ذلك من المترادفات التي ما نطق بها أحد إلا وتحسس الوطني مسدسه..
لكن حزب المؤتمر الوطني يتحدث الآن بكل قوة وصراحة (بل وشجاعة) عن التغيير.. فما الذي يخشاه من مثل هذه القضايا إن كانت تصب في ذات الدعوة للتغيير التي يتبناها.. ألا تعضد من تياره الجديد وتزيده قوة؟
ليس من مصلحة الوطن (ولا الوطني أيضاً) أن تكون لكل منطقة قضاياها التي تفاوض فيها بحد السيف وفوهة البندقية.. لأن المطالب كثيرة والغبن كاسح ولكل إقليم قائمة طويلة من مطلوبات ظلت في قوائم الانتظار منذ الاستقلال.. فيفتح ذلك باباً من الجهوية المقيتة لن تخمده مفاوضات السلام ولو استمرت مائة عام في مائة عاصمة أجنبية..
فيا بروف غندور.. في عهدك الجديد.. بالله عليكم لا تستسلموا لمسلمات لا تنفع بل تضر.. اجعلوا السلام هدفاً عاجلاً, كل ساعة يتأخرها يتسبب في طفل يتيم.. وزوجة ثكلى.. وضرع جاف وزرع محترق..
فاوضوا في كل قضايا السودان.. لحل كل مشاكل السودان.!!

[/JUSTIFY]

حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي