رأي ومقالات

الطيب مصطفى: حذارِ من خلط ملفي المنطقتين ودارفور

سألني أحدهم لماذا هذه اللغة المتشدِّدة مع عرمان حتى بعد أن وافقت على إعلان باريس الذي اعتبرته فتحاً مهّد لاتفاق أديس أبابا؟.. لماذا فعلت ذلك بالرغم من أن عرمان وقطاع الشمال جزء من الجبهة الثورية التي أبرمت ذلك الاتفاق مع السيد الصادق المهدي؟

أجيبُ بأنني أُصدر أحكامي ورؤاي بناءً على ما أراه أمامي من مشاهد، فقد كان البون شاسعاً بين إعلان باريس وما يهرف به عرمان الآن في أديس أبابا فضلاً عن أنني أكاد أجزم أنه لو كان عرمان هو من أُنيط به توقيع إعلان باريس لما وقع البتَّة على ذلك الإعلان و(لعصلج) بذات الأسلوب الذي يتعامل به الآن، ولوضع المتاريس وحبك المؤامرات واستدعى كل رِفاقه ومن يعرف من القوى الدولية المتربّصة لتعديل الإعلان حتى يحشر فيه مفرداته المعلومة من سودان جديد وتذكُّر لرسوله أو معبوده قرنق وحشد لعبارات تحرير السُّودان وإسقاط النظام وغير ذلك مما يسعى إليه الآن من أجندة ظل يحوم حولها منذ شبابه الباكر.

لقد كان مقصد إعلان باريس مضمَّناً في عنوانه الرئيسي حين حدَّد هدفه الاستراتيجي في إيقاف الحرب، ثم مضى الإعلان إلى التأكيد على التغيير السلمي الديمقراطي وتجنُّب كل ما رفضناه في اتفاق نافع عقار الذي سميناه وقتها بـ (نيفاشا تو)، أما عرمان اليوم فإنه جاء بأجندة أخرى بالرغم من أن الهدف الرئيسي للمفاوضات المنعقدة الآن يتمثل في مناقشة قضايا المنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق).

اصطحب عرمان معه في سبيل تعقيد المشهد السياسي وتوتير الأجواء مني أركو مناوي حتى يُضمِّن قضية دارفور في أجندة التفاوض وكان للضغوط التي مارسها مني مناوي على عرمان وقبل ذلك التحريض الأمريكي على رفض التوقيع على الاتفاق الإطاري أثرهما على عرمان الذي أجزم بأنه لا يحتاج إلى ضغط لكي يتمنَّع فذلك دأب الرجل الذي لم يوقع اتفاقاً في حياته، فقد كان على الدوام أحد أدوات (العكننة) والتغابن والاحتقان والحروب طوال مسيرته السياسية المُترعة بالدماء والدموع.

أعجب أن ينص القرار الأممي 2046 على قصر التفاوض على المنطقتين ثم يعمد عرمان ومساندوه الأمريكان إلى ضم مشكلة دارفور التي ينبغي أن تكون وغيرها من القضايا ضمن أجندة الحوار الوطني أو قل أن تُناقش في مسارٍ آخر مع الحكومة على غرار ما حدث في الدوحة التي حقَّقت بعض النجاحات الأمر الذي يثير التساؤل المريب: لماذا الانتقال بقضية دارفور إلى أديس أبابا ومحاولة ضمها إلى قضية المنطقتين؟!

على كل حال أكاد أشم شيئاً من الأجندة (الأمريكية) المُريبة المسنودة من بريطانيا والنرويج (الترويكا) من وراء ضم دارفور إلى المنطقتين ونقل الملف إلى أديس أبابا حتى يكون تحت سمع وبصر الاتحاد الأفريقي أو قل مجلس السلم الأفريقي الذي أصبح لعبة في يد أمريكا ومجلس الأمن مما رأينا شاهداً عليه عند إصدار مجلس الأمن قراره رقم 2046 .

لا ينبغي على الحكومة أن تتنازل قيد أنملة عن قصر التفاوض مع قطاع الشمال على المنطقتين ولا بأس من فتح مسار دارفور في أديس أبابا أو في الدوحة، فالمكان ليس مُهماً بقدر ما يهم تحديد الأجندة بالرغم من التداعيات السياسية السالبة التي يمكن أن تلقي بظلالها على العلاقة بين السُّودان ودولة قطر لكني أثق في أن قطر أو قل أميرها بمواقفه الكبيرة المساندة للسُّودان لن يتأثر بما تفرضه السياسة وتقلباتها وأجندتها حتى ولو جاءت خصماً على الدور القطري الذي ظل يتعاظم على المستوى الإقليمي والدولي ولن يضيره انتقال ملف دارفور إلى بلد آخر.

المهم للغاية كما ذكرت أن يقتصر الاتفاق الإطاري للتفاوض مع قطاع الشمال على المنطقتين على أن تتم مناقشة أزمة دارفور في إطار آخر مع مكتب دارفور الذي يقوده د. أمين حسن عمر بعيداً عن عرمان وغندور اللذين يعالجان ملف المنطقتين.

الطيب مصطفى- الصيحة

تعليق واحد

  1. سبحان الله يحدث فقط فى السودان كل من هب و دب اصبح يتحدث فى السياسة و كل من امتلك المال اصبح رئيس تحرير و مالك صحيفة !
    , سبحان الله الناس بتشتري بعد ده كلو ! و كمان بتقرا ليو َ
    والله يا شعبي الحبيب كان مشيتوا خطوة واحدة لي للامام فالتعدموني رميا بالشباشب !