د.حسن حميدة: مرض السكري – من الألف إلي الياء الجزء الثالث
من العوامل المؤدية إلي إرتفاع حالات مرض السكري عالميا، أولا: متوسط العمر للفرد. لقد كان متوسط العمر المتوقع لسكان الكاميرون في العام 1960م حوالي 35 عاما، وقد تحسن هذا المتوسط بمرور السنين ليصل في عام 1990م إلي ما يقدر بحوالي 55 عاما للفرد. ثانيا: هجرة الشعوب من الأرياف إلي الحضر، وتفضيل المدن عن القري والبوادي بداعي توفر فرص العمل. ثالثا: تحول غذاء كثير من شعوب الدول النامية وذات الجو الحار، إلي غذاء البلدان الغربية ذات الطقس البارد، وبالتالي إحتواء أغذيتها الغنية بالطاقة علي سعرات حرارية عالية. وهذا يتمثل في الأطعمة والمشروبات المشبعة بالسكر أو الدهون أو كلاهما، زيادة علي ذلك إرتفاع إستهلاك سكان هذه الدول للمنتجات الغذائية المصنعة بنسب كبيرة من الملح والسكر والدقيق الأبيض. رابعا: الخمول الجسدي، وغياب الحركة البدنية الكافية، وبذل المجهود البدني لحرق السعرات الحرارية الزائدة عن حوجة الجسم. زيادة علي ذلك كثرة إستخدام المركبات الآلية مثل السيارات الخاصة والحافلات وعربات النقل الجماعي، والدراجات النارية. بالإضافة إلي ذلك تلعب العادات في إختيار الغذاء والثقافة الغذائية دورا فعالا في التحكم في وزن الجسم، علي سبيل المثال العادات الصحية غير المتوازنة، مثل عدم تنويع الغذاء، عدم تناول الغذاء في مواعيد محددة، التخلي بقصد عن تناول كميات كافية من البروتينات والفيتامينات والمواد الليفية، والتركيز علي الغذاء الغني بالبروتينات والدهون الحيوانية. إضافة إلي ذلك التخلي عن الوجبات الخفيفة التي يتوجب توزيعها على مدار اليوم، والإفراط في تعاطي النيكوتين والكحول، وفي بعض الدول تفشي إستعملا المسكنات والمخدرات بين فئة كبيرة من السكان، عوضا عن تناول الغذاء الصحي (دول جنوب أمريكا والمكسيك كمثال).
توزيع مرض السكري حسب العمر:
حتي العام 2011 ضمت وحسب الإحصائيات الفئة العمرية ما بين 40 إلي 59 عام، أكبر عدد من بين مرضي السكري، والذين بلغ عددهم حوالي 179 مليون مريض بالسكري. وكانت الأغلبية العظمي من مرضي السكري (ثلاثة أرباع المرضي)، من ذوي الدخل المتوسط والدخل المنخفض. وسوف تستستمر هذه الفئة بضم أكبر عدد من المرضى في السنوات القادمة، حيث يتوقع إحصائيا إزدياد هذا العدد من المرضي، ليصل إلي حوالي 250 مليون مريض بالسكري في العام 2030م، ويتوقع أن تسجل الدول ذات الدخل المتوسط والدخل المنخفض نسبة أكبر تقدر بحوالي 86% من مجموع مرضي السكري في العالم، ويكون نصيب الدول الغنية منها بسبب الرعاية الطبية والتثقيف الصحي حوالي 14% من الإصابات الكلية بالسكري.
توزيع مرض السكري حسب الجنس:
تتوقع إحصائيات المسح الطبي لمرض السكري عالميا فارق طفيف بين الجنسين (مرض السكري وتوزيعه بين النساء والرجال) من حيث عدد المرضي من العام 2011م وحتي 2030م . إذ يزيد عدد الرجال على عدد النساء بحوالي أربعة ملايين مريض فقط (185 مليون رجل مقابل 181 مليون إمرأة) في عام 2011م. ولكن من المتوقع إنخفاض هذه الفارق إلي حوالي مليونين مريض (277 مليون رجل مقابل 275 مليون إمرأة) بحلول العام 2030م.
توزيع مرض السكري حسب المدن والقري:
مازال عدد مرضي السكري عالميا في المدن أكثر منه في المناطق الريفية. ففي الدول ذات الدخل المنخفض والدخل المتوسط،، يبلغ عدد المرضى في المدن حوالي 173 مليون مريض، وفي المناطق الريفية حوالي 119 مليون مريض. ومن المتوقع أن يتوسع الفارق بحلول عام 2030م، ليصبح العدد 314 مليون مريض في المدن و143 مليون مريض في المناطق الريفية.
معاناة مرضي السكري في الدول النامية:
في كثير من الدول النامية يعاني مرضي السكري ويلات المرض. ذلك لعدم توفر المستشفيات والمراكز الصحية، ونقصان الكوادر الصحية المتخصصة في علاج مرض السكري، مثل توفر الأطباء ومساعدي السكري ومستشاري التغذية. وفي أغلب الأحيان يعاني سكان الأرياف من مرضي السكري أكثر، ذلك لإنعدام أقراص السكري وهرمون الإنسولين. كما أنه في كثير من أرياف الدول النامية، لا تتوفر حتي الكهرباء (الثلج) لحفظ هرمون الإنسولين لمرضي السكري تحت درجات حرارة ملائمة. وهنا يعاني وفي أغلب الأحيان الأطفال والشباب المصابين بالنوع الأول من مرض السكري (المعتمد علي الإنسولين). بل في كثير من الأحيان يتعثر علي هؤلاء المرضي الوصول إلي المدن الكبيرة بغرض العلاج، فيقضون نحبهم في الطريق قبل وصولهم إلي الطبيب المداوي. وهذا دون النظر إلي حوجة مريض السكري إلي الغذاء المتوازن في وقته إذا توفر. ومن أعراض مرض السكري ذات الصلة بالغذاء، الشعور بنوبات الجوع القاتلة، وفي شكل هجمات متتالية. وفي كثير من الدول النامية يشح الغذاء (الغذاء متوفر في هذه الدول، ولكن هناك مشكلة في توزيعه)، علي الأطفال وكبار السن والحوامل والمرضعات وعلي المرضي، بما فيهم كثير من المرضي المصابين بمرض السكري.
تكلفة علاج مرض السكري:
تعتبر تكلفة علاج مرضي السكري تكلفة باهظة، إذا ما قورنت بغيرها من الأمراض، والتي يبلغ متوسطها في الدول النامية لكل مريض، حوالي 21 دولار أمريكي في الشهر، وهو ما يعادل حوالي 70% من دخل الفرد في الدول النامية. ,إذا نظرنا لما توفره الحكومات والمرافق الصحية في هذه الدول للمريض، يبلغ فقط حوالي 2 دولار أمريكي للعلاج شهريا إذا وجد. وفي حالة العلاج بهرمون الإنسولين يحتاج مريض السكري لما يقدر بحوالي 160 دولار أمريكي سنويا في المتوسط كحد أدني للعلاج. وتكاليف علاج مرض السكري لا تتوازي إطلاقا مع الإيرادات الأسبوعية للأسرة أو مع دخلها الشهري. ويسبب مرض العائل الأسري بالسكري في هذه الدول عائقا كبيرا في بعض الدول النامية، هذا بسبب مضاعفات المرض التي تؤدي في كثير من الأحيان إلي غياب المريض العائل عن العمل، وبالتالي تأثر دخل الأسرة الشهري سلبيا بسبب الغياب عن العمل. في أغلب الحالات تعاني كل الأسرة بسبب مضاعفات السكري وعواقبه المتأخرة، مثالا لذلك إذا فقد العائل بصره، أو قدمه، أو توجب عليه معاودة الغسيل الدوري بسبب الفشل الكلوي الذي قد ينتج عن مرض السكري بسبب عدم توفر الرعاية الصحية من طبيب وعلاج.
وللمقارنة والتصور فقط: أنفقت الدول ذات الدخل المرتفع في العام 2011حوالي 82% من جميع نفقات الرعاية الصحية علي التحكم في مرض السكري (أي حوالي 383,30 مليار دولار أمريكي)، بينما أنفقت الدول ذات الدخل المنخفض حوالي 1,10 مليار دولار أمريكي فقط في نفس المجال. ولذ يعلل إنعدام الإستثمار في رعاية ومعالجة مرضي السكري في الدول ذات الدخل المنخفض، الفارق في الإنفاق علي الرعاية الصحية لمرضي السكري والإرتفاع النسبي لمعدل الوفيات بسبب المرض.
طرق تحليل وتشخيص السكري:
تحليل السكر في الدم والبول:
هناك عدة طرق للكشف عن سكر الجلكوز في الدم والبول، منها الإستعانة بمحلول فهلينج الذي يستخدم إعتمادا علي قوة الإختزال الخاصة بسكر الجلوكوز. بمساعدة محلول فهلينج، يمكن الكشف عن سكر الجلوكوز في البول، حيث يتحول لونهما الأزرق مع التسخين إلي راسب أحمر اللون. وهناك طريقة إستخدام أجهزة تحليل سكر الجلكوز، هذه الطريقة تعتمد علي إختزال سكر الجلوكوز بواسطة إنزيم الأكسدة، من ثم خروج غاز الأكسجين، ثم تقدير كمية الغاز الخارجة قياسيا، ومن ثم قياسه إلكترونيا بواسطة هذه الأجهزة. وتعتبر هذه الطريقة من أدق الطرق في تحليل سكر الجلوكوز في المختبرات الطبية الحديثة. إحد الطرق هي إستعمال الشرائط، التي تحتوي علي الإنزيم المؤكسد لسكر الجلكوز. وهذه الطريقة يمكن إستخدامها بسهولة عن طريق المريض نفسه. ومن أضرار هذه الطريقة، هي نسبة الخطأ القياسية عند بعض مرضي السكري، خصوصا كبار السن منهم، ذلك يرجح لضعف نظر بعض المرضي، الذي يؤدي إلي تداخل الألوان في شرائط الفحص، وبه التقدير الخاطئ لها.
تحليل السكر عشوائيا:
من فوائد هذه الطريقة، هي أنها تعطي فكرة عامة عن مستوي السكر في دم المريض، حيث يتم تحليل العينة في أي وقت خلال اليوم، وتؤخذ نتائج هذا التحليل إلي الطيبب المعالج ليقوم بتشخيص حالة المريض بالسكري.
تحليل سكر الصائم:
يجرى هذا التحليل علي المريض بحيث يكون صائما ما بين 8 إلي 12 ساعة، علما بأن المستوي الطبيعي للسكر في الدم يتراوح ما بين 70 إلي 110 ميليجرام جلكوز لكل 100 ميلليتر دم. فإذا زادت النسبة عن 120 ميليجرام جلكوز عند الشخص، فهذا مؤشر لحدوث الاصابة بمرض االسكري في المستقبل عند الشخص، وإذا تجاوزت النسبة 130 ميليجرام جلكوز عنده، فهذا يعتبر الشخص مريضا بالسكري، ويتم التأكد من ذلك بإعادة التحليل لفترتين أوثلاثة فترات متتالية علي الأقل، وبفاصل فترة زمنية قدرها إسبوع بين كل قياس.
تحليل السكر بعد تناول وجبة:
يتم هذا التحليل عند المريض بعد تناول وجبة طبيعية (أو شرب 75 جرام من محلول سكر الجلوكوز)، ومن ثم قياس السكر في الدم، في فترة تبلغ ساعتين من تناول الوجبة أو محلول سكر الجلكوز. من فوائد هذا التحليل، هو أنه يعطي فكرة عن مستقبل حدوث مرض السكري عند المريض، وهل يحتاج المريض إلي تحليل منحنى السكر أم لا. فإذا تجاوزت النسبة 140 ميليجرام جلكوز بعد ساعتين من تناول الوجبة، فهذا يدل على أن هناك خللا في إمكانية عودة السكر إلي مستواه الطبيعي، وبه الإصابة بمرض السكري.
تحليل منحني تحمل السكر:
يجرى هذ التحليل عندما يكون هناك شك في الإصابة بمرض السكري، خصوصا عند الحوامل والبدينين من المرضي في متوسط العمر. ومنحنى تحمل السكر يعطي فكرة عن إحتمال الإصابة بمرض االسكري في حين تلقي الشخص لجرعات مركزة من الجلكوز تحت ظروف معينة. ومن شروط إجراء هذا التحليل، لا بد من أن يكون المريض صائمآ من 8 إلي 12 ساعة. بعد أخذ عينة من الدم والبول، يتناول المريض جرعة محلول سكر جلوكوز مقدارها 75 جرام (أو 1 جرام لكل كيلوجرام من وزن المريض)، ثم أخذ عينة أخري من الدم والبول كل نصف ساعة ولمدة 3 ساعات، وقياس السكر في كل عينة دم وفي كل عينة بول. بعد تناول جرعة الجلكوز، يمنع المريض موقتا من الحركة، ومن تناول الغذاء والتدخين. المنحنى الطبيعي يظهر أن مستوي السكر عند الصائم يتراوح ما بين 70 إلي 110 ميليجرام، ثم يصل إلي أقصى درجة، وهي ما بين 120 إلي 130 ميليجرام بعد ساعة ونصف، ثم يعود إلي مستواه الطبيعي مرة أخري بعد 2 إلي 3 ساعات. ويمكن أن ينخفض السكر في الدم أقل من المستوي الطبيعي، ثم يعود مرة أخري للمستوي الطبيعي، بسبب زيادة إفراز الإنسولين عند بعض الأشخاص. وفي منحني تحمل السكر يظهر أن مستوي السكر عند الصائم أكثر من 130 ميليجرام، ويتعدي 180 ميليجرام بعد ساعة ونصف، ثم ينخفض مرة أخري ولكن لا يصل إلي نقطة البداية في خلال ساعتين ونصف. إذا لم يرجع مستوي السكر إلي مستواه الطبيعي في خلال 2 إلي 3 ساعات ، فهذا مؤشر علي إمكانية الإصابة بالسكري مستقبلا علما بأن سكر الصائم طبيعيا.
قياس نسبة الهيموجلوبين السكري:
الهيموجلوبين السكري عبارة عن بروتين في الدم مرتبط بعنصرالحديد، ومن وظائفه هو أنه يعمل علي نقل وتبادل غاز الأكسجين في الدم بين خلايا وأنسجة الجسم المختلفة. ويتميز الهيموجلوبين بإرتباطه مع سكر الجلكوز بنسبة 5 إلي 10%، ويطلق علي هذا النوع من الهيموجلوبين بالهيموجلوبين السكري. نسبة إرتباط الجلوكوز بالهيموجلوبين تعتمد علي مستوي الجلكوز في الدم ، فكلما زادات نسبة سكر الجلوكوز في الدم، كلما زادت تبعا لذلك نسبة الهيموجلوبين السكري. ولكن من خواص هذا الإرتباط هو أنه يتم ببطء وينفك ببطء، ولا يعطي الهيموجلوبين السكري مؤشرا عن نسبة السكر في الدم. ولذلك يعتبر قياس الهيموجلوبين السكري من أدق الطرق القياسية للتأكد من مرض السكري ووجوده، حيث يعطي فكرة عن تأريخ مرض السكري، وحالة الجلكوز في الدم لفترة ثلاثة شهور منصرمة، أي ما يعادل فترة حياة كريات الدم الحمراء في الجسم، والتي تبلغ حوالي 120 يوما أو في المقابل ثلاثة أشهر. والنسبة الطبيعية للهيموجلوبين السكري تتراوح ما بين 5 إلي 6%. فاذا كانت نسبة الهموجلوبين السكري تتراوح ما بين 6% إلي 6.5%، فهذا دليل علي قابلية الشخص للإصابة بمرض السكري، وإذا كانت النسب أكثر من 6.5% فهذا يعني إصابة الشخص بمرض السكري. وتزداد نسبة الهموجلوبين السكري عند مرضي السكري في حالة عدم الانتظام في العلاج، وكذلك عند مرضي السكري من النوع الاول، إذا كان المريض في حاجة ملحة إلي زيادة جرعة هرمون الإنسولين.
قياس نسبة الفروكتوزامين:
تعتبر هذه الطريقة من أحدث وأدق الطرق للكشف عن مستوي السكر بالدم في الفترة ما بين15 إلي 20 يوم سابقة للتحليل عند المريض بالسكري. وتستخدم هذه الطريقة في قياس نسبة البروتينات السكرية، وذلك عن طريق قياس نسبة الفركتوزامين المرتبط بالبروتين، ومن خواص هذا التحليل هو أنه لا يتأثر بتناول الوجبات الغذائية.
الحلقة الأولي (1 من 5)د.حسن حميدة: مرض السكري – من الألف إلي الياء الحلقة الثانية (2 من 5)
د. حسن حميدة : مرض السكري – من الألف إلي الياء – الجزء الثاني
…تابع البقية في الحلقات القادمة…
د.حسن حميدة – مستشار التغذية العلاجية – ألمانيا
Homepage: http://www.nutritional-consultation-dr.humeida.com
E-Mail: [email]hassan_humeida@yahoo.de[/email]
حقوق الطباعة والنشر محفوظة للكاتب – نوفمبر/
جزيت خيرا يادكتور دي معلومات عن السكري كانت غائبه علينا ودكاترة الزمن داء بخيلين حتى في تثقيف المريض وتوعيته.
تشكر يادكتره
بس السوال ليه الانسولين ده لازم يكون حقن ؟ ليه مافى حبوب يعنى؟
[SIZE=3][B]عمل رائع للتوعيه بطاعون العصر والقاتل الخفي لمن لا يملك الثقافة في التعامل معه او الوقايه من الاصابة به شكرا دكتور حسن على المجهود الرائع والمعلومات السلسه والمبسطه[/B][/SIZE]