الحب قبل أم بعد الزواج؟
إن الحب ميل القلب وتشوقه ولهفته لشخص بعينه ويترجمه على الواقع سلوكيات وأفعال تتماشى مع الميل الداخلي ويظهر في أشكال مختلفة تعبيرية نظرات العين من طول زمن التحديق وقوة التركيز والمتابعة، وخفة ورهافة السمع وسرعة الالتقاط، انبساط الوجه مع وجود ابتسامة لا تفارقه، شعور داخلي بالفرح والسرور ورغبة ملحة بالقرب الجسدي والمكاني. أفكار محددة مركزة وملحة وقهرية فقط في الآخر، تجاهل تام وإلغاء متعمد لكل سلبيات الآخر، تضخيم وتهويل إيجابياته وتعظيمها. «إنه الحب».
للأسف ما سبق ليس حباً إنه الإعجاب!! أما مكونات الحب التي تعرفه فهي: التفهم، القبول، الاحترام، التقدير، الإخلاص، الأمان، التشجيع، الثقة، التأييد والموافقة، الاهتمام، والإعجاب الذي هو أحد مكوناته…. نخلط كل تلك المكونات فينتج لنا الحب الحقيقي الذي ينجلي ويظهر في مواقف الاختلافات ويزيد لمعاناً ولا ينطفئ باللقاء الجسدي.
حث ديننا على ضروره الرؤية قبل الزواج لانه بها يتحدد القبول والإعجاب وهو أحد مكونات الحب، أما الحب بمعناه الذى ذكرناه فهو لن يتحقق إلا بالمواقف والمعايشة الحياتية والاحتكاكات، الزواج يبنى على الإعجاب قبله ثم ينمو ويتطور مكملاً لبقية المكونات مشكلاً الحب الحقيقي، لا اعترف بحب قبل الزواج لأنه لم يوضع في حيز الفعل إنما هو إعجاب واشتياق.
أما اذا لم يأت الحب بعد الزواج ولم تكتمل أركانه ومكوناته فمن الممكن ان يستمر الزواج بالقدر المتحصل من المكونات مع وجود خلافات مستمرة تظلل الزواج. فمثلاً قد يستمر الإعجاب لكن يفتقد الى الاهتمام أو الإخلاص، ولكن تبقى باقي المكونات فتحدث الخلافات ويكون الحب مشوهاً، ولكنه موجود جزئياً في العلاقة. وهذا ما نلحظه عندما يحدث الطلاق ويأتي الزوجان بعده نادمين ويسعيان للرجوع!!
من الأفضل لكل زيجة ان تبدأ بالإعجاب ولهذا شدد النبي «ص» على ضرورة رضا الفتاة بالخاطب، واشترط قبولها بل وفسخ زيجة من لم ترض وتوافق وترغم عليه، وشدد على ان يرى ويتلصص من يريد الخطبة حتى يرى ما يعجبه ويرضيه فيها، هكذا نبدأ علاقاتنا الزوجية السليمة وبعدهها نسعى متعاونين لتطوير هذا الإعجاب وصقله بمرونة خلال مسيرة حياتنا، فلا غنى لاي علاقة من الحب الحقيقي، فالحب من أسمى وأنبل العواطف على الإطلاق فبه تكون المودة والرحمة التي يحيا بها الزوجان.
سارة محمد
صحيفة الإنتباهة
ت.أ