بعد الاختفاء.. الكاسيت من طيات النسيان إلى الحياة مجدداً
وسائط الاتصال والتواصل الحديثة سددت ضربة قاضية للأسطوانات الكلاسيكية بصغر حجمها وسعتها الضخمة، حتى كاد الكاسيت الذي حصد إعجاب الملايين متخطيا عوائق الأمية والفقر، أن يذهب إلى مثواه الأخير.
لاذ مختفياً ولكن
ساهم الكاسيت في صناعة الحدث الفني والسياسي والديني ومواكبته، وكان أحد علامات العصر التكنولوجيا، هذا الاختراع جوبه في السنوات الأخيرة بمنافس خطير ألا وهو (الشريط الالكتروني) (سي دي)، وذلك بالتزامن مع انتشار أجهزة الكمبيوتر وأجهزة التسجيل الرقمية والهواتف النقالة، فلاذ الكاسيت مختفياً أمام زحف الحداثة التقنية الهائل.
ولكن في المقابل تسببت أجهز التسجيل الرقمية في إضعاف ثقافة أبناء الجيل الحالي وعدم معرفتهم بشعراء وملحني الأغاني التي يستمعون إليها، وبات كثير من الفنانين يسجلوا أغنياتهم داخل الاستديو وينشروها عبر مواقع التواصل الإلكتروني.
أسئلة مهمة
(اليوم التالي) طرحت عدة أسئلة هل يخرج الكاسيت من طي النسيان مجدداً إلى الحياة مع ظل هذه التطورات التقنية الهائلة أين هو الكاسيت؟ هل تخطاه الزمن؟ أم أنه قادر على التعايش مع هذه الثورة الرقمية؟ وماذا عن نعيه في العالم المتطور، الذي تصلنا أصداؤه عبر الصحافة والفضائيات، وهل ينطبق على عالمنا العربي؟ أم أنه ما زالت في الكاسيت السوداني روح؟
نظم وقوانين
ابتدر الحديث الفنان كمال كيلا قال إن التكنولوجيا تدعم الشيء المألوف، وأصبح الشغل عشوائياً وجعلت الشباب يتناولون أشياءً من غير معرفة صاحبها. وأضاف كيلا أن الإعلام ساعد في نشر الأشياء الخطأ، وقال على وزارة اللثقافة والإعلام أن تضع نظماً وقوانين لكي لا يتعدوا على حقوق الغير. وأضاف كمال زمان كانت الشركات ترعى حقوقها وحقوق الآخرين، وتساءل أين الكاسيت اليوم؟ هل يخرج الكاسيت من طي النسيان مجدداً إلى الحياة ؟
أغنيات وضوابط
في السياق، قال الشاعر عبدالوهاب هلاوي عضو لجنة النصوص وإجازة الأغنيات التي تبث عبر الوسائط (شريط الكاسيت) أضاف: الكاسيت منتج بسيط جدا من الصعب أن نتحصل عليه بسهولة. وزاد: انحسر التداول لأشرطة الكاسيت التي كانت قد ساهمت في تقديم أغنية نظيفة ناحيه الكلمة واللحن والأداء لأنها تمر عبر لجنة النصوص. وقال إن ظهور وسائط (mb3) أدت إلى انحسار الكاسيت لأن الأغنيات بلا ضوابط (الكلمة، اللحن، الأداء) وأغنيات فجة كثيرة. وقال إن الشركات كانت ضابطاً ولم تنتج أغنيات بدون أن تمر على لجنة النصوص، قال هلاوي أمر محاربة تلك الأغنيات (الهابط) لا تحارب عبر اللجان بل القذف يحارب بأعمال جيدة، وعلى الإذاعات والفضائيات إنتاج أغنيات جيدة بمواصفات وضوابط تحفظ للأغنية دورها، والأمر لا يتلخص في ضوابط المهن الموسيقية. وقال هلاوي يتمنى أن تعود أشرطة الكاسيت لأن فيها خيراً كثيراً .
النجاح بأغنية
وقال محمد الأمين – خريج كلية الاقتصاد – أعتقد أن المطربين لجأوا إلى هذه التجربة لأننا أصبحنا نعيش عصر الأغنية الواحدة وبالتحديد الأغنية المصورة، فأي مطرب الآن قادر على الظهور من خلال أغنية واحدة فقط يختار الكلمات والألحان ويدخل الأستديو يسجلها وبعدها يتم تصوير هذه الأغنية لتعرضها القنوات الفضائية ليل نهار، ولو تابعت الأسماء التي حققت النجاح في السنوات الأخيرة ستجد أنها نجحت من خلال أغنية واحدة، واستطاعوا بعد ذلك تكملة المشوار وتحقيق النجاح، لهذا تجد كثيرا من المطربين يقولون لك ما الداعي أن أقدم ألبوما يحتوي على عشر أغنيات، ولا يعرف منه إلا أغنية واحدة، خاصة أن بعضهم لا يهمهم عمل تاريخ غنائي بقدر ما يهمهم عمل بـ (القروش) وتحقيق شهرة بارزة.
الأقراص المضغوطة
من جهته، قال السيد حمدي محمد صالح صاحب مكتبة (كرشاب) مع انتشار أجهزة الكمبيوتر وأجهزة التسجيل الرقمية للأسطوانات الرقمية المضغوطة التي لاقت إقبالاً كبيراً من المستخدمين بسبب تفوّقها النوعي على الكاسيت.
إذا عادت الأسطوانة بتقنية جديدة للانتقام، وهي لا تتوقف أبدا عن التطور، قال حمدى بعد أن انتشر السي دي وتطور وتمغنط أنجب لنا الابن الشرعي لعصر التكنولوجيا الرقمية القرص الرقمي المضغوط بكثافة هائلة تستوعب مئات أضعاف ما يستوعبه السي دي، وقال حمدي يعاودني الحنين إلى أيام الكاسيت الماضية التي ثقفتنا كثيرا وعرفتنا على الفنانين والشعراء والملحنين، ولا تتوهم بأن تعود هذه التقنية لتجتاح العالم كما كانت في السابق، ويقبل الزبائن على شراء الكاسيت، رغم أنهم باتوا يعتمدون على الأقراص المدمجة في سماع الموسيقى، وتحسر حمدي على اختفاء الكاسيت لأنه يعد ثقافة كافية للجيل الحالي، وكان يضم أعمالاً جميلة. وختم حديثة: إن التكنولوجيا ساعدت على انتشار أغان كثيرة في الساحة ليس لها معنى وقال “أين أنت اليوم أيها الكاسيت؟”.
اليوم التالي
خ.ي