دوران

منذ أن التقيتك في مفارق المفازة العاطفية وأنا أسير في ركبك طائعة مختارة.. لم أتردد يوما في المضي قدما بهذه الرحلة الميمونة مهما بلغت أهوالها.
لقد حدثني الناس يوما عن عواقبها غير المأمونة ودروبها الشائكة وحرها القائظ وظمئها المالح ولكنني قررت برغم نصائحهم أن أختبرها وحدى.. بإرادة نافذة وقلب نابض.
كانت بالنسبة لي رحلة العمر. مهما بدا عليها من ملامح المغامرة، لا سيما وأنني مضيت فيها دون زاد ولا رفقة سوى أنك كنت قائد الركب وهذا كان كل ما يعنيني.
هل كنت حمقاء يوم امتطيت صهوة جوادي الجامح وحاولت اللحاق بك عند مضارب العشق؟.. هذا ماتراه أنت ويراه غيرك. ولكني تمردت على خوفي ومنطقي ورغبت صادقة في الترحال. لم تردعني قسوتك ولا استوقفني برودك. فبذات الحماقة كنت أرى فيك ما لايراه سواي ولا تراه حتى أنت بأعماقك.
رحلتي هذه كانت بوجهة واحدة وطريقي معك باتجاه واحد. وحسبت يومها أن صحراء الهيام بهجير أشواقها لا تعرف شوارع الأسفلت، لهذا لن تكون أمامي فرصة للنكوص والدوران ، فشارع الحب ليس به (يوتيرن).
كنت أخشي من ضعفي.. من نفاد صبرى.. من يأسى.. من أن تعتريني رغبة ملحة في العودة والانسحاب. كنت أخشي أن أجبن.. أن ينال مني صلفك وغرورك.. أن أستكين لذلك الاعتقاد الجازم الذي رحت تمعن في ترسيخه في أعماقي بكونك لست لي ولن تكون يوما.. وأنك لا تصلح للعب دور العاشق كونك قد اختبرت الحياة كما يجب وتعلمت منها أن هذا الذي نسميه عشقا لا يعدو كونه (حمى) عارضة ستزول حتما!!
فمن أي ضلع أعوج قد خلقت يا رجل البرود؟ من أي آلة حاسبة خرجت؟ ومن أي كتاب عتيق تستمد أفكارك العشقية المتطرفه؟. وأي طريق سلكته في قلب تلك الصحراء فجعلتني أفقد أثرك؟.. وكيف طاوعتك رجولتك على تركي وحيدة بين المسالك أتلفت بقلق وحيرة ولا أدري أيها أسلك لألحق بك؟
هل تعمدت حقا الهروب؟.. هل كنت تعي تماما أنك تسعى لتضليلى؟..إذاً، ألم يكن من الأفضل أن تترك لي خارطة الطريق؟.. أن تدلني على مسار العودة؟.. أن تعلمني كيف (ألزم) حارتي وأدير مقودي بثقة حتى إذا ما تأكدت من إعراضك (رميت) إشارتي واستدرت بقلبي في الاتجاه المعاكس؟
أنت حقا رجل الدوران.. تدور حول فكرتك ويدور كل الناس حولك مسلوبي الإرادة، تحفظ كل الدروب والمداخل.. وتجد دائما منفذا للعودة أو الابتعاد. تهرب من المشاعر وتتمرد على العواطف وتكتب على جدار قلبك في اللحظة المناسبة (مغلق للتحسينات)!!
لقد كنت طموحة جدا حين فكرت في سفلتة الصحراء. فالصحراء لا تصلح لشوارع (الهاي واي) ولا تصلح للأسفلت.. هي فقط تصلح للمغامرة.. للضياع.. وللدوران.
* تلويح:
وأدور أدور مع الأحزان..
أبحث في الحب عن الإنسان
اندياح : صحيفة اليوم التالي [/SIZE][/JUSTIFY]


ما ليه حق
يستحق – اذا سمحت – الدعاء عليه،