تحقيقات وتقارير

هذا (المشترك) لا تصل المذكرة إليه

[JUSTIFY]كلما هبت رياح غاضبة لقواعد للحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) تجاه مسلك قيادته ورئيس الحزب (السيد) محمد عثمان ميرغني، ودبجت حتى المذكرات ظل (السيد) يلتزم الصمت، كأنما تلك الرسائل الغاضبة لم تطرق مسامعه بعدما عادت في أعقاب تلقيها تنبيهاً شبيهاً للمتصل على الهاتف المحمول المغلق بأن (هذا المشترك لا يمكن الوصول إليه).

لم تختلف المذكرة التي تقدم بها أكثر من ألف عضواً بالحزب الاتحادي الأصل التي شملت ممثلين عن مركزية المحاميين الاتحاديين بمشاركة آخرين من قطاعات أخرى (أطباء، معلمين، صيادلة، رجال أعمال وممثلين للحزب بالدوائر الجغرافية) التي طالبت طبقاً لما أوردته الزميلة (المستقلة) في عدد الصادر يوم أمس الأول من الميرغني بالتنحي طوعاً والاستقالة أو القبول بمؤتمر جامع مع إبداء مقدمي المذكرة إمكانية قبولهم لرئاسته للحزب مجدداً في حال انتخابه بشكل ديمقراطي متراضي عليه، إذ سارع أحد القيادات الحزبية للرد على مقدمي المذكرة اختارت الزميلة (الوطن) الصادرة أمس أن تبرزه بصدر صفحتها الأولى بأن (على مقدمي المذكرة أن يبلوها ويشربوا مويتا).

يعتبر البعض أن وصول أنباء تلك المذكرات للميرغني يسبقها ردود فعل من المقربين إليه، وأنباء تصديهم لتلك الانتقادات بشكل يجعل الوقائع تروي للرجل بمشهدي الانتقاد له والدفاع عنه مما يجعله غير ملزم بالتعليق على ما يقال أو يثار، هذا بجانب ارتداء (السيد) عباءة مرشد الطريقة الدينية الذي ينأي بنفسه عن الدخول في أي سجالات مع مريديه ومنسوبيه ولا يحدثهم إلا بالاشارات فيهز رأسه نحو الأسفل إذا رضا ويلزم الصمت في حالة الغضب.

إصرار المشاركة
من بين العلامات الفارقة على المستوى التنظيمي للحزب التي حسبت في غير مصلحة الميرغني، والتي ترتب عليها تصاعد الأصوات الناقدة والرافضة، نتيجة تجاهله للقرار الذي أصدرته الهيئة القيادية العليا للحزب في أكتوبر 2013م القاضي بفض المشاركة السياسية للحزب بالجهاز التنفيذي على المستويين الاتحادي والولائي بتعامله معها بوصفها توصية رغماً عن صدوره بموافقة كل المشاركين في الاجتماع ولم يتحفظ عليها إلا شخص واحد هو تاج السر محمد صالح.

أما أبرز ملاحظات اجتماع هيئة قيادة الحزب التي اتخذ فيها قرار فض المشاركة هو غياب وزير مجلس الوزراء أحمد سعد عمر عنه بسبب وفاة شقيقه قبل ساعات من انعقاده، والتزام وزير التجارة الخارجية عثمان عمر الشريف للصمت خلال المناقشات وخروجه من الاجتماع دون نطقه لأي كلمة.

رغم أن قرار فض الشراكة قوبل بارتياح وترحيب كبير من قيادات وقطاعات واسعة بالحزب (الأصل) التي ظلت رافضة لها إلا أن وقائع الأيام اللاحقة أحدثت ردة فعل صادمة، حينما شاهدوا وزراء الحزب يباشرون مهامهم كالمعتاد ويحضرون أول جلسة عقدها مجلس الوزراء، بل حتى وزير الدولة بوزارة الزراعة جعفر أحمد عبد الله الذي قدم استقالته من موقعه الوزاري في أعقاب تظاهرات سبتمبر 2013م، وأوقف سيارته بفناء وزارته وسلم مفاتيحها وجمع أغراضه وودع العاملين معه وقاد التيار الداعي لفض الشراكة بذلك الاجتماع باشر لاحقاً مهامه الوزارية والتي كان آخرها مشاركته في لقاء نفرة المزارعين التي خاطبها رئيس الجمهورية أول الأسبوع الجاري.

وما بين الحيرة والذهول فإن بعض جماهير الحزب كانت تلوك الصبر على أمل إنهاء ذلك الوضع بإصدار الميرغني قراراً رسمياً حول المشاركة تضع حداً لتلك الحالة الاستثنائية التي شرحها القيادي بالحزب ميرغني مساعد والذي يصنف ضمن المقربين لرئيس الحزب – والذي أشار بعد أيام من ذلك الاجتماع باستمرار وزارء (الأصل) في مواقعهم ومباشرة مهامهم لحين صدور قرار رسمي من رئيس الحزب حول مستقبل الشراكة باستمرارها أو فضها، ورغم عدم صدور قرار رسمي معلن حتى اللحظة فإن وقائع الأشياء تقول إن فحواه كانت (الاستمرار في الشراكة على بركة الله)، وبخصوص وقائع اجتماع الهيئة القيادية العليا للحزب فلا يوجد تفسير سوى تعثر إيصاله له أو انتهاج المقربين منه لذات المنهج المتبع في المذكرات بأن يحيطوه علماً بمحتواها مع عدم إغفالهم للجهود الكبيرة في التصدي لها وإخمادها وانقضائها في أعقاب جعلها أثراً بعد عين.

الرئاسة محسومة
صحيح أن مثيري الألف شخص طالبوا الميرغني بالتنحي الطوعي عن رئاسة الحزب ولكنهم أشاروا في ما يشبه الاستدرك بترحيبهم باختياره إذا ما تم انتخابه في مؤتمر جامع بشكل ديمقراطي متراضي عليه، ولعل هذا الاستدراك سيعيد للاذهان وقائع مؤتمر القناطر الخيرية بمصر الذي عقده الحزب في مايو 2004م – والذي اشتهر أيضاً باسم مؤتمر المرجعيات – عند فتح باب الترشيح لمواقع الحزب القيادية ابتداءً من النائب الأول للرئيس ويليه نائب الرئيس والأمين العام ولم يتطرق يومها أي من المشاركين ولو بشكل إجرائي لأسباب إغفال فتح باب الترشيح لمنصب رئيس الحزب، وهو أمر ربما كان سيصب في مصلحة الميرغني مستقبلاً وتمكينه من استخدامه في وجه المعترضين على رئاسته تضاف لحجته الراهنة ببأنه لم يسع لرئاسة الحزب ولكنه شغل هذا الموقع استجابة لقطاعات واسعة من الاتحاديين بعد انتفاضة أبريل 1985م ولذلك فلو قدر له شغل موقعه لرئاسة الحزب انتخابياً بمؤتمر المرجعيات بغض النظر عن الشكل سواء كان اجماعاً سكوتياً وتزكية أو حتى بالأغلبية باعتباره أن معيار وصوله لسدة القيادة بالحزب تمت بـ(الانتخاب) وليس بـ(الميراث).

صحيفة الصيحة
ت.أ[/JUSTIFY]