المستقبل في الظل: تبادل الاتهامات بين السودان الشمالي والجنوبي يظلل سماء العلاقة بينهما.. والعلاقات التاريخية والاجتماعية هل تعيد الأوضاع إلى مسارها الصحيح؟ نأمل
وفي خطوة ربما تقود إلى تعكير صفو العلاقة بين الدولتين قالت الحكومة السودانية إن دولة جنوب السودان ما زالت تقدم الدعم اللوجستي والمادي للحركات المتمردة ما يتنافى مع الروح المطلوبة للعلاقات، وكشفت الخرطوم عن إمتلاكها كل المعلومات الموثقة لهذه الخروقات.. وفي السياق طالبت وزارة الخارجية السودانية، جوبا بإجراء خطوات عملية وفورية لوقف إيواء ودعم الحركات المتمردة، مؤكدة أن مصلحة البلدين لابد أن تقوم على أسس واضحة وصحيحة لحماية الاستقرار بهما.
وفي ذات الاتجاه قال السفير يوسف الكردفاني المتحدث باسم بوزارة الخارجية إن دولة الجنوب لا تزال مستمرة في دعم الحركات المتمردة وتقدم لها الدعم اللوجستي والمادي وتابع: “هذا أمر يتنافى مع الروح المطلوبة للعلاقات بين البلدين” وكشف الكردفاني في تصريحات صحفية عن امتلاك الحكومة كل المعلومات الموثقة حول هذه الخروقات، داعياً دولة الجنوب للحفاظ على العلاقة والالتزام بالوعود التي قطعتها بشأن إيقاف الدعم لهذه الحركات.
وبالعودة إلى مرحلة مابعد الانفصال كان التوتر قد ساد لفترات طويلة وبعدها دخلت الدولتان في عدد من الجولات التفاوضية التي فشلت لعدة أسباب ولكن القمم الرئاسية التي جمعت (البشير وسلفاكير) لمرات عديدة أفلحت في نزع فتيل الأزمة ومثلت مخرجاتها بحسب المتابعين دفعة قوية للعلاقات بين البلدين في الوقت السابق.. ويعود الفضل في ذلك إلى المجهودات التي قادتها (إثيوبيا) وأفلحت خلالها في تقريب وجهات النظر بين البلدين إلى أن توجت مجهوداتها بالتوقيع على اتفاق التعاون المشترك والذي اعتبره البعض معبرا لعلاقة تحكمها المصالح المشتركة وليس تقاطعات الجغرافيا والسياسة التي تحكمها تكتيكات الساسة في البلدين.
السودان من طرفه ظل يؤكد حرصه على استمرار العلاقة مع الجنوب سيما وأن هناك اتفاقيات للتعاون المشترك بين البلدين طالب بتنفيذها على الوجه الأكمل فضلا عن إكمال بنود الترتيبات الأمنية والتي اعتبرها ستساعد الطرفين على تحقيق السلام والاستقرار وبناء الثقة وتحديد الخط الصفري والمنطقة منزوعة السلاح..
وسبق أن التزمت الخرطوم وجوبا بالاتفاقيات الموقعة بينهما في العاصمة الإثيوبية (أديس أبابا) والتي أكدت على عدم دعم وإيواء أي بلد لمتمردي البلد الآخر.
وسبق أن اتفق الطرفان على ضرورة الالتزام بعلاقات حسن الجوار واحترام سيادة الدولتين ووقف دعم وإيواء الحركات المسلحة والمتمردة، إلى جانب تنفيذ جميع الاتفاقيات الأمر الذي اعتبره بعض المتابعين الوسيلة الأنجع في عملية بناء الثقة بين البلدين لجهة أن الأمر سيقود إلى إغلاق الفصل القديم وفتح صفحة جديدة لتنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه.
بعض المراقبين المهتمين بالشأن شددوا على ضرورة تنفيذ مجمل الاتفاقيات التي تم توقيعها ومن بينها اتفاق الحريات الأربع المبدئي المتمثل في حرية (التنقل والإقامة والعمل والتملك) والاتفاقيات الأخرى التي تم توقيعها في العاصمة الإثيوبية (أديس أبابا) والتي عرفت باتفاق التعاون المشترك، فضلا عن اتفاقيتي ترسيم الحدود وأوضاع مواطني البلدين وترسيم الحدود على الأرض وذلك لاعتبار أن الحدود الدولية الجديدة تتعرض إلى العنف المحتمل مثل الذي حدث في (باكستان والهند، وبنغلاديش وأريتريا وإثيوبيا وكسوفو والحالة السودانية ليست بعيدة عن ذلك الواقع) غير أن الحكومة السودانية بدورها أكدت أن تحديد الخط الصفري مهم وأساسي للأمن على الحدود وتبادل المنافع من (تجارة ونفط وحركة الرعاة عبر الحدود).
ويبدو أن مستقبل العلاقة بين البلدين في الواقع بحاجة إلى استكشاف الفرص والابتعاد عن المخاوف الأمر الذي جعل البعض يطالب بوضع رؤية مبنية على أساس الاقتصاد السياسي على المدى البعيد بخصوص تقييم وخدمة المصالح الاقتصادية والجيوسياسية في ما يتعلق بحسن الجوار من خلال تقييم استراتيجي عميق، وضرورة إعادة النظرة لدولة الجنوب بنظرة أكثر واقعية والعمل بالمنهج الاقتصادي الذي يجعل دولة الجنوب ذات روابط اقتصادية قوية بالسودان.
حسنا، هكذا بدأت تسير الأمور لكن العلاقة بين البلدين من خلال الواقع التاريخي والجغرافي تبدو علاقة تاريخية واجتماعية يصعب فك ارتباطها، ويبدو جليا أن هناك استحالة لفض الاشتباك بين شقي الوطن بعد أن نال الجنوب استقلاله، الأمر الذي جعل المهتمين بعلاقة البلدين يطالبون بترك الباب مفتوحا لإمكانية العودة إلى الوحدة أو العمل الجاد لبناء علاقة تحكمها المصالح المشتركة بين البلدين والتي في ختامها ربما مستقبلا تقود إلى تكامل
الخرطوم – عبدالرحمن العاجب
اليوم التالي
خ.ي