هويدا سرالختم : لن ينصلح الحال ولن تنتهي الأزمة بهذا النهج الدكتاتوري .. قرفنا.. قرفنا.. قرفنا..!!
منذ مطلع التسعينات وحتى الآن (ربع قرن) لم تجد الأحزاب مجالاً لإقامة أنشطتها السياسية خارج دورها، بل حتى الندوات داخل دور الأحزاب كانت ممنوعة في فترة من الفترات.. لذلك لا يعلم الشعب شيئاً عن الأحزاب الحديثة ولا حتى جديد الأحزاب التاريخية إلا من خلال الأخبار التي تنقلها الصحف ووسائط الإعلام الأخرى.. كل الأجيال الحديثة لا تعرف شيئاً الالتحام السياسي الشعبي في الميادين.. وليس لديهم وعي سياسي الا من اجتهادات فردية ربما تحكمها ظروف تنشئة أسرية.. ونحمد للازمة التي تمر بها البلاد ساعدت في رفع الوعي السياسي ووسعت قاعدة المشاركة (عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم).!
يا سادتنا وساستنا الديمقراطية لا تتجزأ.. لا يمكن للحزب الحاكم أن (يدعي) الديمقراطية بإطلاق الحوار الوطني والإعلان عن الانتخابات.. والسياسات القمعية المتعارضة مع النهج الديمقراطي مستمرة.. لماذا يعتقل الدكتور أمين مكي مدني والأستاذ فاروق أبو عيسى في وقت (تدعي) فيه الحكومة السعي لتضميد الجراح ولم الشمل وإنقاذ الوطن.. ما الذي تنتظره الحكومة من مواطنين سياسيين يحملون الجنسية السودانية يكفل لهم الدستور بموجب هذه الجنسية ممارسة جميع الحريات التي لا تتعارض مع القوانين في (دولة القانون.!).. وإذا افترضنا أنهم خالفوا القوانين فلماذا لا يقدموا لمحاكمة عادلة تكفل لهم جميع حقوق المواطنة.!
حينما يعطل الدستور والقوانين وتنهار المؤسسية وتصبح الدولة ملكاً لحزب واحد وليس للشعب.. كل السيناريوهات تصبح متوقعة ومشروعة حتى يستطيع الشعب أن يسترد كيان الدولة أولاً ويسترد حقوقه ويمارس حياته بكرامة وإنسانية سقطت منه لفترة طويلة.. إذا أدى الحزب الحاكم أمانته في الحكم بموجب القسم المغلظ واحترام الدستور والقوانين بكل ما تحمل من عدالة ومساواة ومسؤولية.. هل كان يمكن أن يحدث تمرد.. وهل كان يمكن أن يحمل السلاح ضده.. وهل كان انفصل الجنوب..؟؟ وإذا كانت وثبة الحزب الحاكم جادة وصادقة في إنهاء الأزمة.. هل كان يمكن أن يفشل الحوار الوطني في الداخل ومع الحركات المسلحة.. وهل كان سينشأ تجمع (نداء السودان) وهل كان سيختار الشعب بكل مكوناته السياسية بالداخل والخارج مناطحة الحزب.. الحاكم.. وهل كان سيخرج من رحمه ساخطون عليه.. لن ينصلح الحال ولن تنتهي الأزمة بهذا النهج الدكتاتوري، بل ستتعاظم وتنفجر بشكل قد يفوق التوقعات وسيتحول ملف الإنقاذ الى صفحات التاريخ الأسود.
صحيفة الجريدة
ت.أ