تحقيقات وتقارير

هل قرر السودان مواجهة المجتمع الدولي؟

[JUSTIFY]تبرر الحكومة السودانية قراراتها بطرد اثنين من أهم المسؤولين الأمميين في السودان بإساءتهما للشعب السوداني وقيادته السياسية، لكن محللين يرون أن الخرطوم تتجه لجولة من المواجهة مع المجتمع الدولي قد تفضي لعزلها بسبب أزماتها الداخلية والخارجية.
بقرارها طرد أهم مسؤولين ببعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي (يوناميد) في السودان، تكون الخرطوم قد بدأت تنفيذ وعيدها بإنهاء وجود البعثة، بعدما أعلنت قبل أيام أنها أخطرت المنظمة الدولية بضرورة الاتفاق على خطة خروج للبعثة من البلاد.

ويعتقد متابعون سياسيون أن أسبابا قوية -لكنها غير معلومة- دفعت الخرطوم لاتخاذ قرار بطرد أهم موظفي المنظمة الدولية دون سابق إنذار بذلك.

وطردت الحكومة السودانية الخميس الماضي المنسق المقيم للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والتنموية بالخرطوم علي الزعتري -أردني الجنسية- وأمهلته فترة محدودة -لم تكشف عنها- لمغادرة البلاد.

ولم يوضح المسؤولون السودانيون أسباب اتخاذهم قرار طرد المسؤول الأممي، الذي جاء قرار طرده بعد أقل من 24 ساعة من قرار مماثل بطرد مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالسودان إيفون هيلي -هولندية الجنسية- وإمهالها 72 ساعة لمغادرة البلاد.
الزعتري وجّه رسالة لمديري وكالات الأمم المتحدة أبلغهم فيها برحيله مطلع يناير المقبل(الجزيرة نت)

مغادرة السودان
ورفض مسؤولون بالأمم المتحدة بالخرطوم التعليق على القرارين، قبل أن يوجه الزعتري رسالة إلى مديري وكالات الأمم المتحدة في السودان، قال فيها إنه “سيرحل”، قبل أن يقول “يؤسفني أن أبلغكم أن الحكومة السودانية طلبت مني مغادرة البلاد، وقررتُ المغادرة في الثاني من يناير/كانون الثاني المقبل”.

وكانت صحف أجنبية نسبت إلى الزعتري قبل شهر تصريحات اعتبرتها الحكومة السودانية مسيئة لها، مما دفع المسؤول الأممي إلى إصدار بيان نفى فيه تلك التصريحات.

ويربط متابعون قرار الطرد بموقف مندوب الحكومة الأردنية في مجلس الأمن، والذي دعا خلاله إلى ملاحقة مطلوبي المحكمة الجنائية الدولية، ومن بينهم الرئيس السوداني عمر حسن البشير.

وسبق للحكومة السودان أن طردت في أبريل/نيسان الماضي المسؤولة عن مكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان في السودان بعد اتهامها بالتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد.

إدانة أممية
وفي أول رد فعل للمنظمة الدولية، نقل أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أدان قرار الحكومة السودانية، مشيرا إلى أن الموظفين الأمميين جاؤوا للسودان لأداء واجباتهم وفقا لميثاق الأمم المتحدة.

ودعا في بيان له الحكومة السودانية للعدول عن قراراتها فورا، مع حثها على التعاون التام مع جميع هيئات الأمم المتحدة الموجودة في السودان.

وبررت الحكومة السودانية قراراتها بما اعتبرته “إساءة” الزعتري للشعب السوداني وقيادته السياسية، وتعامل هيلي “بغطرسة وتعال” مع المسؤولين السودانيين، وفق ما جاء في بيان لوزارة الخارجية السودانية.

وأعربت الخارجية السودانية عن أسفها “لتعجل” الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بإدانة قرارات طرد المسؤولين الأمميين، وقالت إن قراراتها لا تستهدف الأمم المتحدة كون السودان عضوا أصيلا فيها، لكنها شددت على أن الخرطوم “ستمارس حقها السيادي في حال تجاوز أي من منسوبي الأمم المتحدة اختصاصاته”.

محللون سياسيون اعتبروا أنه على الرغم من الإقرار بحق الحكومة السودانية في إبعاد من يخالف بروتوكولات الأمم المتحدة، فإنهم يعتقدون أن قرارات الطرد تشير إلى وجود أزمة حقيقية في البلاد.
مكي: السودان يتجه للعيش في عزلة جديدة (الجزيرة نت)

عزلة جديدة
الكاتب والمحلل السياسي تاج السر مكي يرى أن الحكومة السودانية تتوقع صدور قرارات دولية جديدة بحقها وبشكل أخطر من سابقاتها بعد خطاب مدعية المحكمة الجنائية الدولية حول أزمة دارفور.

وقال للجزيرة نت إن تلك التوقعات دفعت الحكومة إلى اتخاذ قرارات طرد للمسؤولين الدوليين، ومن قبلهم الحديث عن خطة خروج لبعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي (يوناميد) من البلاد، “وبالتالي فهي تسعى إلى إيجاد مبرر مقنع للشعب السوداني يستبق تلك القرارات”.

وتوقع في تعليقه للجزيرة نت أن يعيش السودان في عزلة جديدة، “بسبب تراكم الإخفاقات الداخلية”، مشيرا إلى احتمال حدوث أزمات حقيقية تنتظرها البلاد.

وقال إن الحكومة تعيش محنة حقيقية يعبر عنها خطاب الحكومة خلال الأسبوع الماضي عن حسم المتمردين عبر العمل العسكري وعدم تأجيل الانتخابات ومواصلة الحوار السياسي مع من حضر من القوى السياسية”.

من جهته، يرى رئيس المجموعة الاستشارية لمنظمات المجتمع المدني الحاج حمد أن من حق الحكومة كعضو في الأمم المتحدة اتخاذ أي قرارات بحق ممثلي المنظمات الدولية التابعة للمنظمة في السودان.

وقال للجزيرة نت إن القرارات ذاتها “يجب أن ترتبط بانتهاكات أو مخالفات معينة”، مشيرا إلى أن طرد المسؤولين الدوليين “بلا مبررات منطقية” يعني أن البلاد ستواجه مزيدا من القرارات “لأن العالم يتخوف من أن الدولة المعنية تسعى لعمل شيء في الخفاء”.

واعتبر أن حدوث مشكلة مع “يوناميد” وقبلها مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، قبل مشكلتي برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وأخيرا الزعتري، ستدفع كلها الأمم المتحدة إلى البحث في الأسباب الحقيقية، ومن ثم اتخاذ القرارات بحجمها “كون القرارات السودانية تشكك في تقدير المنظمة لمنسوبيها”.

ولم يتسن للجزيرة نت الحصول على أي تعليق من جانب الحكومة السودانية التي لم تعلق على قراراتها حتى الآن.

الجزيرة[/JUSTIFY]