الصادق الرزيقي

هل من جديد في تعديلات المؤتمر الوطني؟!


[JUSTIFY]
هل من جديد في تعديلات المؤتمر الوطني؟!

لم تحمل تعديلات المؤتمر الوطني في قطاعاته وأماناته التي أعلنت أخيراً جديداً، وجاءت كما التوقعات والتكهنات، ولم يكن الجديد فيها سوى تعديلات طفيفة كانت حتمية بفراغ بعض القطاعات والأمانات كان لا بد من ملئها وفق المعايير السابقة، وهذه التعديلات برمتها لم تحمل فكرة التغيير والإصلاح الذي كان مرتقباً ومنتظراً، حيث تظل بنية المؤتمر الوطني وصلته العضوية بالدولة والجمع بين المنصبين التنفيذي الحكومي والسياسي هي الغالبة إلى حين يهتدي أهل الحزب الحاكم إلى صيغ أكثر فاعلية ومرونة.
وجوهر الإصلاح السياسي بوصفه مفهوماً يقوم على ضرورة افتراع طريق جديد وإنتاج أفكار وسياسات وبرامج متطورة وخلاقة، تستطيع مخاطبة كل قضايا الحزب وإشكالاته ومعضلات الحكم وعثراته، وإن حمد الناس التحولات التي حدثت في جسم الدولة والحكومة واعتبروها خطوة في مشوار الألف ميل، فعلى الحزب الحاكم أن يعبر هو نفسه وهو يقود السلطة الحاكمة وبصورة أقوى عن الفكرة الجوهرية التي بنى عليها التغييرات الأخيرة، ولفترة طويلة كان السجال السياسي يدور في داخل الحزب الحاكم ومؤيديه عن خطورة الجمع بين الموقعين التنفيذي والسياسي، ووجود هذه الصيغة ماثلة يعني هيمنة الحكومة على الحزب، وعدم قدرة الحزب على محاسبة وزرائه، وبذا يصبح الحزب فاقداً للهيبة ولا يخافه أحد إن كان مسؤولو الجهاز التنفيذي هم أنفسهم مسؤولو العمل الحزبي، وعلى رأس المؤسسات التنظيمية.
في العالم اليوم بدأت تطورات كبيرة تطرأ على فكرة الحزب نفسها، فالممارسة السياسية والتشكيلات الحزبية، أصبحت أقرب ما تكون للعمل المفتوح القريب من النبض العام لحركة المجتمع، حيث تكون الأداة الحزبية المركزية ضامرة رشيقة تنتج الأفكار العامة والسياسات، وتتفرع البرامج إلى مستويات أقل وأدنى إلى قاعدة البناء الحزبي في سلاسة ويسر بوجود أدوات مختلفة وأذرع متعددة تتغلغل في خلايا وأنسجة المجتمع تخدمه وترتفع بوعيه السياسي وتحمل له الموقف الصحيح، ودون أن يحتاج الحزب إلى تفريغ القيادات وتكريس واقع الوظيفية التنظيمية للكوادر الحزبية.
وبما أن المؤتمر الوطني قد اختار البناء التقليدي والأسلوب التحكمي كما هو حاصل في الأحزاب الحاكمة في بعض بلدان العالم الثالث أو الأنظمة الشمولية القابضة، فإن هاجس السيطرة والاحتواء والانغلاق الداخلي، سيظل يلازمه مادام وجوده رهيناً ببقائه قابعاً في جلباب السلطة دون أن يجرب تنسم التنفس في الهواء الطلق حر اليدين طليق القدمين تمتلئ رئتاه أو قل خياشيمه بأوكسجين العمل السياسي المفتوح غير المقيد إلى أوتاد السلطة.
وقد يقول قائل إن هناك وجوهاً جديدة ظهرت إلى السلطح لأول مرة في قيادة القطاعات والأمانات، وهي خطوة لا بأس بها وبداية مسير في الاتجاه الصحيح..
لكن يدحض هذا القول، أنه مع اعتماد الحزب كما يقال الورقة الإصلاحية التي عكفت عليها لجانه المتعددة وتمت مناقشة هذه الأوراق نقاشاً مستفيضاً متطاولاً وأُجيزت بتفصيلاتها، كان ينبغي عدم تدوير وتكرار الوجوه والبحث عن أفق جديد، يطل من خلاله الحزب على جمهوره وقواعده وهو يستعد لإعادة البناء تمهيداً لمؤتمره العام نهاية هذه السنة، فما جرى يعني بقاء الحزب على ما هو عليه، فلا توجد أية إضافات على البرامج والسياسات لأن كثيراً من القطاعات والأمانات باقية كما هي، خاصة تلك التي تتصل بالعمل الداخلي الحزبي.
ونعجب لحزب يمتلك أعداداً مهولة من الكوادر والوجوه والكفاءات والقيادات، يصر على بقاء وجوه لسنوات طويلة في قيادة أماناته ومواقعه التنفيذية، وعلى الرصيف يجلس وزراء سابقون وولاة وقيادات ذات قدرات كبيرة وتمثل حيثيات سياسية واجتماعية ومناطقية ولها صلة بالجماهير، وعلى الرصيف أيضاً علماء وكوادر لم تجرب وأصحاب قدرات لديها دربة ومواهب في العطاء والبذل، لكنها محجوبة لأن البعيد عن العين بعيد عن القلب أو كما قيل!!
[/JUSTIFY]

أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة