رأي ومقالات
يوسف عبد المنان : أحزاب أفراحها زايدة؟!
صدم الرجل والدهشة لم تفارق مخيلته حيث اتفقنا مع الأخ “الرزيقي” بأن انضمامه للمؤتمر الوطني يؤدي أولاً لفقدانه كرسي السلطة الذي يجلس عليه.. ووقوفه في صف طويل جداً مع آلاف المنتظرين فرص التوظيف والتعيين! وعملاً بتلك النصيحة لا يزال الرجل يتقلب في المناصب والمواقع كالفراشات بين الأزهار وأمثاله في المؤتمر الوطني دب اليأس في نفوسهم وفكر بعضهم وقدر في تكوين أحزاب مستقلة.. لأن الحزب الحليف اليوم يرضع من ثدي السلطة.. ويشرب من نخب الوزارات ويتغذى على خيرات فوائد الخدمة وينتظر ما بعدها.. من استحقاقات..
{ في السودان الآن يمكنك تشكيل حزب في ثلاثة أيام فقط بعد الحصول على كشف بأسماء مواطنين من عبري ودلقو المحس وهمشكوريب .. والدمازين وزالنجي وأم روابة وهيبان وحي بنفاشا في محلية أم بدة.. مسجل الأحزاب لا يملك آليات فحص دقيق لمعرفة هل هؤلاء المواطنون حقيقيون أم وهميون؟؟ بعد النشر المبدئي للأسماء في إحدى الصحف الصادرة في الخرطوم يعقد الحزب مؤتمره العام.. بعض العاطلين عن العمل.. والمتسكعين في شوارع الخرطوم والذين ينتظرون صورهم في التلفزيون (يكملون) العدد.. وتصبح أنت زعيم حزب، وعضواً في لجنة الحوار الوطني تقول كلاماً (زي الفل) في الإذاعة والتلفزيون.. انتظر الفرص وتحين مواقيت الاستثمار الكلامي.. أنظر جيداً لاتجاهات الريح إذا فشلت المفاوضات لا تنظر لأسباب الفشل الحقيقية.. بل (تكتح بالتراب) وهاجم الحركات المسلحة وطالب بإيقاف التفاوض.. إذا عرض على البرلمان تعديل دستوري.. سارع لتأييد التعديل تبعاً لمصدره واتجاهات رغبات الحكومة.. إذا قدم وزير المالية مشروع الموازنة لا تسأل عن التنمية ولا عن العجز في ميزان المدفوعات ولا تتعب نفسك بأرقام الصادرات.. فقط عليك بالإشادة بانحياز الميزانية للفقراء والمساكين وزيادة الدعم الاجتماعي.. وفي موسم الانتخابات مثل هذه الأيام انتظر الدعم الذي (يتنزل) عليك دائرة جغرافية لرئيس الحزب.. ودائرة جغرافية إضافية من (ذوق) المؤتمر الوطني وكرمه الفياض وإحسانه لعشيرته الأقربين.. ولا ترهق نفسك بالدعاية التي ينوب عنك فيها آخرون.. ولا تخسر من جيبك جنيهاً واحداً بل انتظر مرتب البرلمان .. والمجلس والتشريعي يأتيك كاملاً.
أحزابنا كبيرها وصغيرها تعيش هذه الأيام دفئاً داخلياً رغم برودة الطقس (ونفسها رايق) ومزاجها معتدل بل أن تنازل لها مالك الدار عن بعض الغرف الداخلية واحتفظ هو لنفسه بغرفة الاستقبال الخارجي لحراسة أصدقائه من الحلفاء الذين كلما أغدق عليهم بالدوائر المجانية في العاصمة والولايات زارتهم الدوائر حباً لبعير “غندور” ومما يثير الأسى والشفقة أن الكبار أصبحوا صغاراً.. والصغار باتوا مثل حبة الخردل.. وكل انتخابات ونحن جميعاً بخير وعافية ولا ينقصنا سوى عدم رؤية من نعيش معه في غرفة واحدة.
المجهر السياسي
خ.ي