رأي ومقالات

مزمل ابوالقاسم : الاتحادي.. خطوات تنظيم

* أثار الصعود المفاجئ لنجم مولانا الحسن الميرغني (نجل مولانا محمد عثمان الميرغني) وتصدره للمشهد السياسي في الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) حالة من الجدل والتنازع وسط الاتحاديين.

* دخل مولانا الابن في مفاوضات ماراثونية مع الحزب الحاكم لتحديد نصيب الحزب الاتحادي في كعكة السلطة والهيئة التشريعية، نظير مشاركته في الانتخابات المقبلة.

* المطلعون على ما يدور في ردهات الحزب العريق يعلمون يقيناً أن الحسن (الحاصل على شهادات عليا في الهندسة) كان من أبرز المحتجين على ضآلة نصيب الحزب في كعكة السلطة سابقاً، ويرى أنها لا تليق بالحزب الاتحادي، ولا تتناسب مع جماهيريته ووزنه في الساحة السياسية السودانية، بل إنه كان من أبرز الداعين إلى فض الشراكة مع المؤتمر الوطني، والخروج من الحكومة في أعقاب أحداث سبتمبر الشهيرة.

* أثار قرار المشاركة في الانتخابات حنق عدد من القيادات الاتحادية، فقرروا إرسال وفد يضم شخصيات مرموقة لمقابلة مولانا في لندن، سعياً لإثنائه عن القرار، وفي مقدمتهم الدكتور بخاري الجعلي وطه علي البشير وآخرون.

* يرى هؤلاء أن مشاركة الحزب في الانتخابات تتعارض مع رغبات القواعد، وأن الحزب الحاكم لم يف بالوعود التي قطعها على نفسه، ولم يلتزم بتنفيذ استحقاقات الحوار، ولم يهيئ الساحة السياسية لحالة توافق وطني قبل الانتخابات، ويعتقدون أن تحديد موقف حزبهم من الانتخابات المقبلة ينبغي ألا يتم بقرارٍ فردي، لأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى شق الحزب، ويرفع معدلات الاحتقان التي تعتري الساحة الاتحادية منذ سنوات.

* الثابت أن السيد الحسن يبحث عن (شراكة) وليس (مشاركة)، وأن قرار خوض الانتخابات مرتبط عنده بما يمكن أن يحققه الحزب من مكاسب في البرلمان والجهاز التنفيذي، وقد رشحت أنباء تفيد حصول الاتحاديين على وعدٍ قاطعٍ بمنحهم منصب نائب الرئيس، مع زيادة عدد ممثليهم في الحكومة، ورفع عدد نوابهم في البرلمان المقبل.

* يرى المعارضون لقرار المشاركة أن حزبهم الرائد تحول إلى مجرد تابع للحزب الحاكم، يتبنى مواقفه، ويقنع منه بالفتات، بل يتبنى ترشيح قيادات المؤتمر الوطني للانتخابات المقبلة بقراراتٍ فردية، تتخذ من دون الرجوع إلى مؤسسات الحزب.

* في المقابل يرى المساندون لقرار المشاركة أنها تتوافق مع رغبات معظم القيادات الاتحادية، ويقللون من شأن معارضي المشاركة، ويعتبرونهم قلة لا يُعتد بها، علاوةً على أن المساندين يرغبون في ملء الفراغ الناتج عن ابتعاد حزب الأمة (الغريم التاريخي للحزب الاتحادي) عن ساحة الانتخابات.

* يقطع مؤيدو استمرار الشراكة مع المؤتمر الوطني بأن الهيئة القيادية التي تبنت الدعوة للمقاطعة لا تمتلك ذلك الحق، لأنها (مُعّينة) من رئيس الحزب، كهيئة استشارية ليس إلا.

* التنازع الحادث في الحزب الاتحادي مرده غياب المؤسسية عن ساحة حزبٍ لم يعقد مؤتمره العام منذ العام 1968، وبقيت كل مؤسساته معينة بقرارات فردية من زعيم الحزب، قرابة نصف قرن من الزمان.

* ذلك الواقع الكئيب يفسر لنا مسببات حالة التشرذم التي تعتري أعرق الأحزاب السودانية قاطبة، ويوضح مسببات تحول الحركة الاتحادية إلى شيع وأحزاب، تتقاطع وتتصارع باستمرار.

* الديمقراطية الموجودة في اسم الحزب العريق غائبة عن ساحته تماماً، لذلك لا نستغرب أن تتسم خطواته بالتردد والتخبط، وأن تبقى كل قراراته مرهونةً برغبة ساكن دار (أبو جلابية)، أو من ينوب عنه من أبنائه وخلفائه ومريديه!

اليوم التالي
خ.ي