عمر الشريف

الجنوب مرة أخرى


الجنوب تلك البقعة التى انشطرت عن خريطة الوطن الكبير ورضى اهلها فى الجنوب بالبعد عن إخوانهم فى الشمال ليس حبا فى وطن جديد ولا تحررا من عبودية ولا رغبة وقناعة منهم لكن لضغوط ووعود خارجية كاذبة هدفها وهمها الاول مصالحها سوى على المدى القريب او البعيد . الشعب الجنوبى بكل قبائله وطوائفه عاش فى الشمال طوال سنين الحرب وامتزج مع الشماليين وباقى اخوانه الجنوبين بكل سلام وأمان . لقد دفع اخوانهم الشماليين ارواحهم وأموالهم فى سبيل استقرار الجنوب حتى اصبح ارضا منتجة ظهرت خيراتها النفطية والزراعية التى اغرت بعض دول العالم الطامع لتحريك هؤلاء ووعدهم بالدعم فى حالة الانفصال وهؤلاء زينوا لشعبهم بأنهم يكونوا افضل شعوب افريقيا وأغنى من الشمال الذى استغل ظروفهم وخيراتهم كما فهموهم .
الحرب اليوم فى الجنوب يتأثر منها الشمال اكثر من اهلها الذين يقاتلون من أجل السلطة والنفوذ وكل منهم يريد قبيلته تكون مسيطره على الوضع أما الشمال الذى فقد الارواح التى كانت تعمل فى الجنوب فى مجال التجارة أو الزراعة أو الخدمات وفقد الممتلكات العامة التى تركها عند الانفصال وتحمل الديون التى انفقها فى ارساء الاستقرار والأمن منذ سنين وتحمل الاعداد المهاجرة منهم للشمال وتحمل دعمهم لتمرد المادى والعسكرى واللوجستى ومازال شريانهم الذى يمدهم بالغذاء لم يقدروا او يراعوا الى هذا كله وأصبح ميولهم الى يوغندا ودول الغرب التى تكن عداوة للشمال . الحرب الجنوبية الجنوبية يمتد تأثيرها سنين على الشمال حتى لو توقفت اليوم لان اصبحت نفوسهم غير مطمئنه الى بعضها البعض والشمال ليس لديه استعداد للاستقبال كوارث اضافية وموقفه الآن لا يحسد عليه. السودان يحتاج للاستقرار وخاصه ولايات التماس مع الجنوب لهذا يصعب ان يدعم طرف على حساب طرف آخر لان الايام تعود والخاسر اليوم يصبح رابح غدا وينتقم .
الحكومة والمعارضة والشعب يجب أن يكونوا محايدين فى ظل هذه الظروف ويعملوا على إطفاء نار الفتنة بالحسنة وتقارب وجهات النظر والعمل على مشاركة كل الاطراف ومساواتها فى الحكم حسب حجمها وعلى الحكومة عدم دعم اى طرف عسكريا الآن وعليها أن تستغل الفرصه لتطرد الحركات المتمردة من أراضى الجنوب حتى لا يكون مركز انطلاق فى المستقبل ليعم الاستقرار والأمن وتستمر التنمية . كذلك على الحكومة التركيز على الزراعة وتطويرها والعمل على استخراج نفط المناطق الشمالية والوسطى والشرقية التى يعمها الاستقرار الآن وأن لا تعتمد على رسوم عبور نفط الجنوب . المعارضة التى تريد التوسط بين الاطراف أن تراعى استقرار وطنها وأمن مواطنها ومستقبل اجيالها ولا تندفع لتحقيق هدف ومصلحة وقتيه على حساب وطنها وشعبها وأن تعمل على إعادة الجنوب الى الشمال ليعم الاستقرار والتنمية والشعب عليه مراعاة مصالحه واستقرار وطنه وتعاليم دينه الذى جاء بالتسامح والتعاون والتكافل . ترك الجنوب ليوغندا ودول الغرب ليس فى مصلحة الشمال والشمال يعلم بأن الدول العربية والاسلامية والافريقية التى تكن له الاحترام والتقدير اصبحت مشغولة فى اوضاعها ، عليه ان يضمن استقرار جنوبه حتى يتفرق لمشاكله الداخلية والخارجية والحكمة والتسامح ليس جبنا ولا خوفا لكنها نصرا وعزة.