الإعلام والسلام..التزامن القلق
يبدو أن الدولة والمجتمع فطنا حديثاً لأهمية الإعلام بإعتباره ركيزة من ركائز التحول الديمقراطي، الى جانب أدواره المتعاظمة في نشر ثقافة السلام وبلورة الرأي العام والتصدي للهجمات الخارجية.
العمل على خلق إعلام للسلام، كان محور الورشة التي عقدها مركز المرأة للسلام والتنمية بإتحاد المصارف، ونوقشت خلالها عدة أوراق عمل.
وشددت سامية أحمد محمد وزيرة الرعاية الإجتماعية على ضرورة التعامل مع الإعلام بمفاهيمه الحداثية من خلال التحلى بروح المسئولية في الأصعدة كافة. ودعت لإرساء دعائم منظومة إعلامية حقيقية تستصحب معها القيم والأخلاق وصولاً لتأسيس قيم ومشتركات يتفق عليها الجميع بمختلف مشاربهم.
وناشدت الوزيرة الصحافة الإجتماعية بصفة خاصة لمحاصرة الخوف داخل النفوس والعمل على زيادة مساحة الطمأنينة داخل الأوساط الإجتماعية.
وطالب د. ربيع عبد العاطي المستشار بوزارة الإعلام وسائل الإعلام كافة بتبني خطاب إعلامي يطرح قضايا البلاد والتحديات التي تمر بها من خلال بلورة الرأى العام الداخلي والمساهمة في تشكيل الرأي العام الإقليمي والدولي.
وناشد د.ربيع الإعلام لتعميق المفاهيم المتصلة بثقافة السلام والتعايش السلمي وممارسة الشورى والديمقراطية، خاصة والبلاد على أعتاب الإنتخابات. وقال ان على الإعلام نقل وترجمة كل تلك المفاهيم لعبارات مستوعبة للعامة. وأضاف وما يحتم على الإعلام بذل جهود مضاعفة، عدم قدرة الأحزاب في الفترات السابقات على إنشاء نظام ديمقراطي مستقر.
وحث د. عبد العاطي الإعلام السوداني الذي وصفه بالغارق في المحلية للتصدي للإعلام الخارجي الذي يعمل على تشويه صورة السودان.
ودعت إقبال بشير الخليفة مدير المركز قبيلة الإعلاميين وخاصة الإعلاميات ببذل مزيد من الجهد لنشر ثقافة السلام في أوساط المجتمع السوداني. وقالت أتمنى أن تخرج الورشة بآليات يتم من خلالها ترجمة البرامج الى أنشطة يقوم الإعلام بتسويقها.
واكدت فاطمة عبد الفتاح عبد الكريم ممثل صندوق الأمم المتحدة لتنمية ودعم المرأة (يونيفيم) أهمية الأدوار التي تضطلع بها المرأة في نشر وإستدامة ثقافة السلام بسبب إسهاماتها في ذلك الشأن، كما أشارت لأهمية الإعلام في المجتمعات بإعتباره وسيلة لإشاعة ثقافة السلام وكمرآة عاكسة لحقوقها في المجالات كافة.
وكشفت فاطمة عن أن الصندوق يقدم خدماته في (100) دولة حول العالم بما فيها السودان منذ العام (2005) عبر توفير الدعم المادي والفني لتمكين المرأة ومساواة النوع في محاور تقليل الفقر وسط النساء، والحد من العنف تجاههن، والحد من إنتشار مرض الإيدز في صفوفهن، بالإضافة الى مساواة النوع سواء في حالات الحرب والسلم.
وأبتدرت النقاش فكرية أبا يزيد بطرح ورقة عن دور الإعلاميات في بناء السلام حيث شددت الورقة على أهمية إستدامة السلام والوفاق الوطني وجعل الوحدة خياراً طوعياً جاذباً، ومن ثم لإستكمال بناء الأمة السودانية الموحدة بالإستناد إلى إتفاقية السلام الشامل (نيفاشا).
وأوضحت الورقة ضرورة بسط مفهوم السلم ليس على إعتبار أنه نقيض للحرب فقط وإنما بتلافي الأبعاد السالبة بصورها السياسية والإجتماعية والنفسية. كما دعت الورقة الى مراجعة التشريعات والقوانين والتأكد من مواءمتها لدستور العام (2005)، وتعزيز قيم الحرية والديمقراطية، وكفالة حقوق الإنسان، وبناء قوات مسلحة رادعة وقادرة على حماية السلام، وتطوير علاقات البلاد الخارجية، إضافة لتحسين صورة البلاد وفضح النوايا السيئة للنيل منها.
وأشارت الورقة للأبعاد السياسية التي خلقتها إتفاقية السلام الشامل من خلال إلزامها الحكومة ممارسة قيادة رشيدة تدعم سيادة القانون والمساواة وتحترم حقوق الإنسان ما مكن المرأة من خلق حقل يشارك فيه الجميع بشكل عادل دون إستثناءات.
وأشارت الورقة لإسهامات المرأة إبان فترة النزاعات والحرب في الحفاظ على تماسك العائلة من خلال غناء أناشيد للسلام وإقناع أفراد العائلة من الرجال بترك القتال كما لم تنس الورقة أدوارها المتعاظمة في حل النزاعات وتوحيد الجماعات المتحاربة. وضربت الورقة أمثلة لتلك المبادرات ميثاق اونليت بين النوير والدينكا وميثاق ليلير بين مجموعات النوير.
وأوضحت الورقة أن السلام ثقافة واسعة تضم بداخلها مجموعة من القيم والتقاليد والعادات وأنماط السلوك أساليب الحياة بحيث تجسد في مجموعها طموح إحترام الحياة وحقوق الإنسان، ورفض العنف بأشكاله كافة، والإعتراف بالحقوق المتساوية للمرأة والرجل، وحق التعبير المكفول للجميع، والحصول على الرأى والمعلومة، والتمسك بمبادىء الديمقراطية، والحرية، والعدالة، والتنمية، والتسامح، والتضامن، والتعددية، وقبول الإختلاف.
وبما أن الإعلام سلاح ذو حدين، دعت الورقة لإنشاء منظومة إعلام للسلام (إعلام يتعامل مع الأزمات بشكل حذر) يرتكز على معايير أخلاقية الى جانب تلك المهنية تقريباً لوجهات النظر بين الأطراف التي تقف على طرفي نقيض.
وعددت الورقة بعضاً من أدوار المرأة خاصة الإعلامية في نشر ثقافة السلام والتعايش السلمي متمثلة في تعريف الرأى العام بإتفاقية السلام ومطلوباتها، والتفاعل مع مقومات السلام الشامل ومقتضيات السيادة الوطنية، وترقية المجتمع وبناء السلام والأمن الإجتماعيين، والإهتمام بقضايا التنمية وإستدامتها، وإعادة الإدماج ومعالجة أوضاع النازحين، والتركيز على الموروث الثقافي، وتوضيح المكتسبات والحقوق التي يتمتع بها المواطن السوداني.
وفي منحى متصل دعت الورقة الى تعبئة آليات العمل النسوي وتوجيهها لتصويب حركة المرأة، وتوضيح الآثار المدمرة للفتن والمطامع الشخصية، ودعم القرارات والسياسات الداعمة للسلام، وتعزيز المواطنة والهوية السودانية، إضافة لتطوير الإمكانيات والموارد المحلية.
مقداد خالد :الراي العام