طب وصحة

“تداخل الأمراض” الاضطرابات السايكوماتية.. تأثيرات نفسية على الجسد

أثبتت دراسة أجراها عدد من أساتذة الطب بالسودان أن 60% من مرضى ولاية الخرطوم، يعانون من الأمراض (النفسو جسدية)؛ التي يطلق عليها المختصون بالاضطرابات السايكسوماتية، فوجدوا أن كثيرا من الحالات المرضية التي تزور المستشفيات والمراكز الصحية، تعاني من مشكلات نفسية في المقام الأول، عزاها المختصون إلى الضغوطات الحياتيه المتزايدة، وقد أحدثت خللا جسديا في أبدانهم.

وهنا يظهر التداخل الواضح بين المرض النفسي والجسدي، فحين يصاب المراهقون على سبيل المثال بانتكاسة عاطفية، فإنهم يفقدون الرغبة في تناول الطعام وشيئا فشيئا يفقدون أوزانهم، أو أن تتعرض إحداهن لتساقط الشعر بسبب تدهور حالتها النفسية.

تداخل الأمراض

وقياساً على ما سبق ذكره تجلى للأطباء التداخل بين أمراض الجسد والأمراض النفسية، وهنالك أمراض كثيره يظنها الناس عضوية اتضح بعد العلاج أنها ليست سوى تداعيات الجسد لألم الروح، وفي هذا التقرير استعرضنا جزءاً من هذه الأمراض مع تعريف مفصل للأمراض السيكوماتية.

علاقة الروح بالجسد

تقول مروة فضل المولى معلمة مرحلة الأساس هنالك أعداد كبيرة من الأطفال يعانون من القهر النفسي من الأبوين، فيسمع الطفل عبارات الإهانة من والديه على شاكلة (أنت بليد) أو (عمرك ما حتتعلم) فينمو بداخله شعور بالغباء، وبالتالي يستحيل على نفسه أن يصبح متفوقا في دراسته، ويبدأ الطفل في اختلاق الأمراض كي يستدر عطف والديه، وما يجهله الأبوان هو أن الطفل يشعر بآلام جسدية حقيقية، تسبب فيها شعوره بالإذلال النفسي، وهذا ما أثبتته الدراسات الحديثة، وأيدها محمد خالد – طالب علم نفس – قائلا: بالفعل تتسبب المشكلات النفسية في أزمات جسمية، وأنا شهدت أكثر من حالة تعاني أمراضاً عضوية، كان السبب الرئيسي فيها الانتكاسات النفسية، وقد تم علاجها بصورة نهائية بعد خضوع المرضى للجلسات النفسية، وأضاف ذكر من الحالات التي خضعت للعلاج النفسي، سيدة مصابة بالشلل الرباعي؛ جاءت للعيادة النفسية بعد أن يئست من الطب العضوي، ومع تكرار الجلسات اتضح أنها تعاني من اكتئاب حاد، نجم عن زواج زوجها بأخرى، ما جعللها تشعر بأن حياتها تحطمت ولم تعد هنالك فائدة منها، لكن بعد المعالجة التقنية والتمارين الذهنية تعافت تماماً وتجاوزت الأزمة، وتمكنت من استعادة قدرتها على الحركة في غضون أسبوعين. ويستطرد قائلاً: وهذا ما يوضح الرابط بين الروح والجسد، وبما أن الروح هي أهم مركب في الجسد، فمن الطبيعي أن تؤثر في كل صغيرة وكبيرة في جسم الإنسان.

تأثير الأمراض النفسية على الجسد

قال الدكتور علي بلدو استشاري الطب النفسي والعصبي وأستاذ الصحة النفسية إن هنالك تداخلاً كبيراً بين الجسد الذي يطلق عليه اسم (السوما) وما بين النفس، والتي يطلق عليها اسم (السايك)، وتعد الأمراض النفس جسدية أو السايكسوماتية من الأمراض المتداخلة، حيث أن أزمات النفس تؤثر في الأجساد وبالعكس، وتلعب الحالة النفسية دوراً حاسماً في العلاج وتحسن الكثير من الأمراض، على سبيل المثال لها مرض الضغط، السكري، الأزمة، المصران، وفي كثير من الأحيان تكون هي السبب المباشر في المضاعفات وعدم استجابة الأدوية رغم العناية اللازمة، وهنا تكثر المرضى فبعضهم يقول (الدكتور ده ما شاطر) أو أن يصفوا الدواء بأنه غير مفيد فيقولون (الدوا ما نفعني). واستطرد قائلاً هذا إلى جنب الأمراض النفسية مثل الاكتئاب، القلق، التوتر، وما يرفع من معدلات بالالتهابات ويقلل من المناعة فيؤثر في الصحة والوزن بصورة مباشرة، حيث أن أي مرض عضوي به جوانب نفسية تستدعي التعامل معها، عبر حل الإشكالات والتطمين والإرشاد النفسي، ويتم اللجوء للحلول النفسية بجوار الأدوية العضوية في الأمراض الخطرة مثل السرطان، التهاب الكبد الوبائي، والإيدز، ويواصل بلدو أن أمراض النفس جسمية تعد من أكثر الأمراض شيوعاً في المجتمع، وأثبت إحدى الدراسات التي قمنا بها في كلية الطب, إن أكثر من 60% من مرتادي المستشفيات والمراكز الطبية في ولاية الخرطوم، يعانون من الإشكالات النفس جسدية؛ وبالتالي يؤدي إلى خطأ في تشخيص المرض، ما يجعل من الأدوية والعقاقير غير مجدية، ويضيف فتزداد معدلات الوفيات والمضاعفات بسبب الأخطاء الطبية، وتكثر جلسات التقاضي في المحاكم بسببها.

مسببات انتشار السيكوماتية

ويواصل علي بلدو ومن أهم مسببات هذه الظاهرة هي الانفعالات العصبية والشعور بالتعاسة والحزن والخوف، إلى جانب غياب المعلومة الطبية وفقدان التثقيف الصحي اللازم، ونظر الأطباء للمريض على أنه جسد فقط دون الانتباه للعامل النفسي أو التهيئة الوجدانية، وعدم امتصاص التوجس والخوف من المريض، وقال بلدو: وعبركم أود أن أقدم روشتة مجانية عن أهمية التعامل مع من يعانون من الاضطرابات السيكوماتية بصورة شاملة، والاتجاه لمعالجة الجسد والروح معاً، وإلا فإن العلاج سيطول في مدته وسيتأخر في التحسن كثيرا، فتزداد الآثار الجانبية، وهذا كله ناجم عن النظر للمريض من زاوية واحدة، وهي زاوية الجسد فقط، وأتوقع أن ترتفع معدلات الإصابة بالاضطرابات النفس جسديه أكثر في الفترة القادمة، وذلك بسبب الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية

اليوم التالي