تحقيقات وتقارير

في وضح “النهار” حضور الرئيس البشير والشيخ حسن الترابي ومخاطبتهما المؤتمر الثالث لحزب الأمة الفيدرالي بقيادة “نهار” أثارت الكثير من الجدل وفتحت باب النقاش على مصراعيه

لم يكن ظهور زعيم المؤتمر الشعبي وأمينه العام حسن عبد الله الترابي في المؤتمر الثالث لحزب الأمة الفدرالي بصفته ممثلا لقوى المعارضة أمراً متوقعاً. الترابي الذي ظهر أمس (السبت) بقاعة الصداقة برفقة الإمام أحمد المهدي، كان يدعو في الفترة الماضية نده التقليدي الإمام الصادق المهدي إلى العودة للداخل ومواصلة الحوار الوطني، يبدو أنه يبحث الآن عن تقارب مع أطياف أخرى من حزب الأمة (المتشرذم) خاصة تلك التي تدعو إلى حوار الوطني.

من جهة أخرى، ربما يؤكد حضور رئيس الجمهورية راعي الحوار الوطني المؤتمر العام للأمة الفدرالي التحالف القائم بين الوطني والفدرالي. حيث أعلن الأخير دعمه لترشيح البشير إلى رئاسة الجمهورية، واكتفائه بالمشاركة في انتخابات المجلس الوطني والمجالس التشريعية بنحو (823) مرشحا في الدوائر الانتخابية المختلفة، فيما وصف البشير رئيس الفدرالي أحمد بابكر نهار بأنه من الصادقين، كاشفاً قولهما هو وعبد الله مسار في بدايات الإنقاذ بأنها لم تأت لتنقذ السودان فقط، بل جاءت لتنقذهما من حزب الأمة الذي فشل في إدارة البلاد، مشيراً إلى أن ذلك ما دفعه للمشاركة في المؤتمر ومخاطبة أنصار الحزب الفدرالي.

البشير جدد دعوته للأحزاب السياسية للحوار بقوله: (تاني بعد الانتخابات نقعد وندعو الأحزاب والقوى السياسية التي تريد أن تشارك، لكن عبر برنامج موحد)، وزاد: (يعني ما تكون داخل الحكومة وتعارض الحكومة)، واصفاً أحزاب المعارضة بأنها لا تملك فرصة أخرى لأنها لا تملك جماهير تدخلها البرلمان، باعتبار أن الفترة الانتقالية بعد اتفاقية السلام أعطت عدداً كبيراً منها فرصة لدخول البرلمان عبر التعيين، وأردف: (تاني مافي تعيين الداير يدخل البرلمان يمشي للشعب ويجي عبر الصناديق والداير يحكم يجي عبر الصناديق)، مؤكداً أن الانتخابات ستكون حرة ونزيهة، وأنها ستلتئم بتمويل من الشعب السوداني ولم يتم دعمها من أي جهة، وأضاف: من المعروف أن انتخابات دول العام الثالث يتم دعمها بواسطة المنظمات وبعض الدول.

بالنسبة للترابي فقد بدا متمسكاً بالحوار للخروج بالبلاد إلى وحدة وائتلاف دائم بحسب وجهة نظره، التي وصفت الأزمات التي تحيط بالبلاد بأنها ابتلاءات أصابت الوطن في أطرافه وكثر فيه الخصام والاصطدام، داعيا إلى الائتلاف والتوحد ونبذ القبلية والتشرذم، وأضاف: هذه فتنتنا بأن تتوحد شعوب العالم وشعب السودان يختلف، مشيراً إلى أن البلاد تحتاج للاستقرار، وأبدى الشيخ حماساً غير مسبوق للحوار عندما وصف الحكومة القائمة بأنها (وعيت لتلك الفتن التي تحيط بالبلاد)، فتقدمت للناس بكلمات، ومددنا إليها أيدينا و(جنحنا للسلم) حسب ما أمرنا ديننا.

الترابي لم يكتف بدعوته تلك، لكنه تجاوزها إلى إسكات الأصوات المناوئة للحوار بقوله: (إن من يتحدثون بأن الحوار مخادعة وتخدير من الحكومة، نقول لهم حسبنا الله)، وزاد: (لا نريد أن نعود إلى انقلاب وثورة، ثم انقلاب وثورة، بل نريد أن يأتلف هذا البلد وأن لا يحترب وأن يتمدد بناء الأمة إلى كل مناطق السودان ومن ثم الدول الأخرى).. نريد أن تأتلف كل الأمة السودانية حتى نرتاح من الحروب التي أصابتنا، واصفاً ما يحدث في سوريا والعراق واليمن وليبيا بـ(غضب من الله على المسلمين)، وختم متمنياً أن يشرح الله قلبه بالائتلاف قبل أن يتوفاه الله وقد اقترب الأجل، مضيفاً: نحن ابتلينا بهذا الوطن لنطمئن عليه.

المشير البشير رئيس المؤتمر الوطني أعلن عن اكتمال الحوار الوطني خلال الأيام المقبلة بعد اكتمال كافة التحضيرات واختيار اللجان والسكرتارية، الذين يشاركون من خارج الأحزاب، مبيناً أن الباب لا يزال مفتوحاً ليلحق من أراد بالحوار إلا من أبى، مشيراً إلى أن الدعوة للحوار لم تكن عن ضعف، مبيناً: (نحن لم نستسلم في ظروف أصعب من الحالية وعندما جينا البلد كان وضعها كيف والآن وضعها كيف.. نتحاسب والحساب ولد)، مشيراً إلى أن البعض افتكر أن الدعوة للحوار هي النهاية و(صلحوا جلاليبهم وبدلهم) وأصبحوا يتحدثون عن حكومة انتقالية، لكن نقول ليهم : (مافي حكومة انتقالية ولا قومية)، لكن في حكومة برنامج. وقال إن أحزاب حكومة الوحدة الوطنية التقت عبر برنامج واحد وما كان برنامج مؤتمر وطني، بل كانت رؤى جميع الأحزاب التي اتفقت عليها، وأضاف أن السودان تعب من أن تأتي أحزاب في حكومة واحدة وكل حزب ببرنامج مختلف وبرنامجه يقوم على هدم الحزب الذي يشاركه الحكومة وكل واحد (يحفر للتاني لغاية ما كبرت الحفرة ووقعوا فيها كلهم).

رئيس حزب الأمة الفدرالي أحمد بابكر نهار أكد سعى حزبه للوصول إلى حوار وطني للخروج بالبلاد من أزماتها المزمنة في المجالات المختلفة الاقتصادية، الأمنية والسياسية، لافتاً إلى أهمية ردم هوة الثقة بين الأحزاب المختلفة والاحتكام إلى صوت العقل، نهار الذي أُعيد اختياره رئيساً لحزب الأمة الفدرالي عبر مؤتمره العام يدعو القوى السياسية والحركات المسلحة الانضمام للحوار الوطني لتحقيق الحد الأدنى من الوحدة الوطنية من أجل الوطن والمواطن، مشيراً إلى ضرورة التوافق على دستور دائم يتيح التداول السلمي للسلطة وممارسة سياسية راشدة وصحافة حرة، وأضاف: أن الذي يجمع أهل السودان أكثر من الذي يفرقهم، وأوضح أنهم في حزب الأمة الفدرالي ماضون في تشخيص المشكلة السودانية ووضع الحلول للأزمات القائمة، وأضاف: أننا نتعامل بشفافية ومسؤولية مع القضايا الوطنية وليست لدينا معاملة (تحت التربيزة).!

خضر مسعود : صحيفة اليوم التالي