الطيب شبشة: عن المخدرات الرقمية
قبل أسبوع قرأت في الأخبار تحذيراً من وزارة الداخلية من دخول «المخدرات الرقمية للسودان» وما يمثله إدمان تعاطيها من خطر أن يصيب الشباب السودانى من الجنسين بإمراض تتجاوز الوعى إلى اللاوعى «عقلية ونفسية ووجدانية وعصبية» تؤدى في النهاية إلى جنون الهلوسة، الذى دونه «الجن الكلكى» وبدايته العزلة الاختيارية التى تم التعبير عنها في تعريف هذا المخدر الرقمى التقنى بالمقدمة التالية: «انزو في غرفتك .. أقفل الأبواب والنوافذ واسدل الستائر أغلق كل الأجهزة واقطع اتصالها بالانترنت .. ضع عصبة على عينيك .. تمدد على سريرك اخرج سماعة إذن .. وانطلق في رحلة النشوة».. هذا هو الحال اليوم كما يزعمون مع نوع جديد من المخدرات يعرف بالمخدرات الرقمية، وقد بدأ الإعلام العربي أخيراً بتسليط الضوء عليها متأخراً خمس سنوات عن حديث الغرب عنها، فما هي تلك المخدرات؟ وكيف تعمل؟ وهل من آثار إدمان لها تصحب تعاطيها؟
أصل المخدرات الرقمية:
لقد تم اكتشاف المخدرات الرقمية لاول مرة في عام 1839م، من قبل الفيزيائي هينريش دوف ليتم استخدامها لا في علاج العجز الجنسى والشره، وتم ذلك Heinrich Wilhelm Dov من خلال تحفيز الغدة النخامية في الجسم، عن طريق الاستماع الى هذه الموسيقى، من اجل زيادة انتاج هرمون السعادة مثل الدوبامين، إذا سلطت ترددين مختلفين قليلاً عن بعضهما لكل أذن، فإن المستمع سيدرك صوت نبض سريع. وسميت هذه الظاهرة بـ binaural beats واستخدمت هذه الآلية لأول مرة عام 1970م من أجل علاج بعض المرضى النفسيين لاسيما الاكتئاب الخفيف والقلق، وذلك عند رفضهم العلاج الدوائي، حيث كان يتم تعريض الدماغ إلى تذبذبات كهرومغناطيسية تؤدي لإفراز مواد منشطة كالدوبامين وبيتا أندروفين، بالتالي تسريع معدلات التعلم وتحسين دورة النوم وتخفيف الآلام، وإعطاء احساس بالراحة والتحسن. واعتبر موقع Psychology Today أنه يمكن استخدام هذه التقنية لعلاج القلق.
كيف تعمل؟
باختصار شديد، المخدرات الرقمية هي ملفات صوتية وأحياناً تترافق مع مواد بصرية وأشكال وألوان تتحرك وتتغير وفق معدل مدروس تمت هندستها لتخدع الدماغ عن طريق بث أمواج صوتية مختلفة التردد بشكل بسيط لكل أذن. ولأن هذه الأمواج الصوتية غير مألوفة يعمل الدماغ على توحيد الترددات من الأذنين للوصول إلى مستوى واحد بالتالي يصبح كهربائياً غير مستقر، وحسب نوع الاختلاف في كهربائية الدماغ يتم الوصول لإحساس معين يحاكي إحساس أحد أنواع المخدرات أو المشاعر التي تود الوصول إليها كالنشوة، مثلاً لو تعرضت الأذن اليمنى إلى موجة «325» هرتز واليسرى إلى موجة «315» هرتز فإن الدماغ سيعمل على معالجة الموجتين لتشكيل صوت وموجة جديدة لتكون موجة «10» هرتز، وهي نفس الموجة التي ينتجها الدماغ أثناء الارتخاء والتأمل، وكل نوع من أنواع تلك المخدرات، أي كل نوع من الأمواج الصوتية والترددات تقوم باستهداف، وحسب المنظمة العربية للمعلومات والاتصالات فإن تلك المخدرات عبارة عن ذبذبات صوتية تتراوح أمواجها بين ألفي ثم بيتا وثيتا وصولاً إلى دلتا. ويؤدي الاستماع إليها لفترة طويلة لزيادة عدة أحاسيس كالنعاس أو اليقظة الشديدة أو الدوخة أو الارتخاء أو الصرع والانزعاج.
كيف تقدم؟
هناك عدة مواقع انترنت تقدم المخدرات الرقمية وتسوقها على أنها آمنة وشرعية، نعم بالفعل لا يوجد قانون يجرم الاستماع إلى ملفات صوتية في أية دولة حول العالم. وواحد من أشهر تلك المواقع نفضل عدم ذكر اسمه يوفرها عبر عدة منصات مختلفة بدءاً من تطبيقات للهواتف المحمولة وحتى برامج تعمل على ويندوز وماك وملفات صوتية أخرى، وعلى عكس المخدرات الحقيقية فإن تلك الرقمية توفر لك دليلاً مكتوباً يشرح لك خطوة بخطوة الإجراءات التي يجب أن تقوم بها حتى تحقق الفاعلية المطلوبة، حيث أن أكثر من 80% ممن جربوها وفق الدليل حققت الهدف المنشود منها حسب دراسة أجراها الموقع. وتوفر المخدرات على الموقع بعدة أسعار وجرعات حسب الشعور الذي تود الحصول عليه، فهناك ملفات قصيرة طولها ربع ساعة ومنها ما يصل إلى ساعة، كما هناك بعض الجرعات تتطلب منك الاستماع إلى عدة ملفات تمت هندستها لتسمع وفق ترتيب معين حتى تصل إلى الشعور المطلوب، وحسب متحدث باسم الموقع فإن الجرعات التي يقدمونها تعمل على محاكاة تأثير نفس التجربة في العالم الواقعي، ويقصد هنا المخدرات الحقيقية. ويقدم الموقع عينات مجانية يمكن الاستماع إليها وبعدها طلب الجرعة الكاملة، وتتراوح الأسعار ما بين «3» دولارات لتصل إلى «30» دولاراً وأحياناً أكثر!
مكتبة تبيع المخدرالرقمى بـ «100» دولار!
لم يتوقف الموقع عند هذا فحسب، فإن لم تعجبك مكتبة المخدرات المعروضة للبيع سلفاً، يمكنهم مساعدتك لقاء «100» دولار بتصميم الجرعة الخاصة بك للوصول إلى شعور معين تصفه لهم. وتتوفر على يوتيوب عدة مقاطع يصل طول بعضها إلى ساعة تدعى أنها مخدرات رقمية، وتأتي إضافة للذبذبات الصوتية مع مؤثرات بصرية أحياناً تكون ألوان مختلطة ثابتة وأحياناً تتغير ببطء شديد حتى تحفز اللاوعي عند الإنسان.
المصدر: موقع البوابة.
صحيفة الانتباهة