خالد حسن كسلا : جرائم روافد «الجيش الشعبي» في أبيي
المسيرية في أبيي.. أضيفت إلى معاناتهم من بروتوكول منطقتهم في اتفاقية نيفاشا كارثتين أخريين هما عسكرة متمردي الجبهة الثورة في جغرافيا المنطقة، وجعل قوات «اليونسفا» رافداً للجيش الشعبي لتقوم بالاعتداءات على المواطنين هناك، مثلما كان يفعل الجيش الشعبي أيام ادوارد لينو هناك.
بل، إن هذا الرافد الجديد الذي يضاف هو الآخر إلى الرافد القديم الذي هو قوات قطاع الشمال أكثر قسوة على «المسيرية» من «الجيش الشعبي الأم».. ومن الرافد القديم «قوات قطاع الشمال».
طبعاً يبقى رحم الكارثة الأمنية في «أبيي» ضد المسيرية هو بروتوكول المنطقة في اتفاقية نيفاشا. والبروتوكول أصلاً كان مؤامرة صاغتها القوى الاجنبية لتقدمها كمقترح من خلال المبعوث الأمريكي الأسبق دان فورث ليجد القبول مع عدم الرضا من الحكومة في أجواء تعتبرها القوى الأجنبية ابتزازية يمكن أن يضغط فيها على الخرطوم لتوقيع على ما قد لا يروق لها وهي بلهفة شديدة تتطلع إلى حسم المشكلة التاريخية المؤرقة عبر العهود «قضية الجنوب» هذا بالرغم من أن ابيي لا علاقة لها بالجنوب ولو كانت هناك علاقة فهي أنها «منزح» أو ارض نزوح لمجموعة من قبيلة تنتمي إلى جنوب السودان. انها مجموعة «دينكا نقوك».. التي طردتها الحروب القبلية من مناطقها القديمة في عمق الجنوب فتوجهت إلى ارض المسيرية في ابيي. لكن كل هذا تضعه القوى الاجنبية جانباً كما تضع تاريخ الفلسطنيين في ارضهم فلسطين جانباً وهي ترفض أن تحاسب الكيان اليهودي على عدم تطبيق القرارات الأممية. الآن أصبح المسيرية يواجهون ثلاث مشكلات هي التقليل من انتماءهم إلى منطقتهم أبيي بما جاء في بروتوتكول ابيي الذي تحدث عن أن المنطقة تسكنها مجموعة من الدينكا وقبائل أخرى. فقد اصبح حضور النازحين إلى المنطقة قبل عدة عقود حسب البروتوكول، هم اهل المنطقة الأصليين، وأن أهلها الأصليين من المسيرية هم «قبائل أخرى».. هكذا ذكرهم بروتوكول دان فورث دون أن يسميهم باسمهم.. ودان فورث نفسه ليس من سكان امريكا الأصليين «الهنود الحمر» ولذلك لا يجد غضاضة في أن الانتماء إلى الارض يكون بالقوة والعدوان واستضعاف الأقل قوة كما حدث من أجداده ضد الهنود الحمر. هذه هي المشكلة الأولى «مشكلة صياغة بروتكول المنطقة» التي تحاول هدم انتماء المسيرية إلى منطقتهم باستضعاف دولتهم اذا ما قورنت قوتها بقوة واشنطن.. رغم قول اسحق احمد فضل الله الذي يقول بأن امريكا ما يقودها هو الحريق الذي يحيط بأصابعها في المنطقة كلها وما ينقذها هو السودان. لكن دون الخوض في هذه الرؤية نريد فقط من السودان أن يُنقذ المسيرية من بروتوكول ابيي ومن روافد الجيش الشعبي في المنطقة وهي قوات قطاع الشمال قوات حركات دارفور وقوات اليونسفا.وقرأنا أمس في «الإنتباهة» أن قوات تتبع للجبهة الثورية «قطاع الشمال وحركات دارفور» والجيش الشعبي «بقيادة سلفا كير» داخل مربع أبيي. هذا حديث رئيس اشرافية أبيي «حسن نمر» الذي نقله إلى قائد «اليونسفا». لكن «اليونسفا» نفسها ليست افضل من الجيش الشعبي ورافديه «قطاع الشمال وحركات دارفور» بالنسبة للأمن والاستقرار في المنطقة فهي تقطع الطريق على المسيرية وهم عائدون من معركة استرداد ابقارهم التي نهبها الجيش الشعبي.. وتقتل اليونسفا من المسيرية العشرات، وتنحاز للجيش الشعبي وهذا ما يجعلنا نصفها بأنها احد روافده، اضافة إلى قوات قطاع الشمال وحركات دارفور. المسيرية لا يرون امكانية حل بواسطة الحكومة لأن المنطقة لا تدخلها القوات المسلحة بحرية باعتبار انها اصبحت مخصصة لانتشار قوات اممية، وهذه القوات الأممية «اليونسفا» لا تقوم بالواجب المنوط بها بتجرد، بل تتخذ من نفسها رافداً للجيش الشعبي. والمسيرية حينما يشتكون لليونسفا يتضح انهم شكوا لقوات اصبحت عدواً لهم مع الجيش الشعبي وقوات الجبهة الثورية. اذن.. ما الحل الذي يمكن أن نراه وتراه واشنطن وهي من بعيد تراقب جني ثمار مؤامراتها التي قدمها دان فورث ابنها ومبعوثها الاسبق كمقترح في اجواء انتهازية وابتزازية كانت الخرطوم تتطلع فيها إلى «السلام المزعوم» بأي ثمن دون أن تحسب أن تكلفة هذا «السلام الموهوم» ستكون أعلى من تكلفة الحرب الحقيقية التي كانت بعيد حتى عن جوبا دعك من أن تنتقل بواسطة أحد روافد الجيش الشعبي الي أبيي الجريحة محلياً وإقليمياً ودولياً.