الصادق الرزيقي

هـــل ستنفـــتـح العقـــول والــقلــوب؟!

[JUSTIFY]
هـــل ستنفـــتـح العقـــول والــقلــوب؟!

تحتاج وثيقة المؤتمر الوطني الإصلاحية التي سيعلنها رئيس الجمهورية ورئيس المؤتمر الوطني مساء اليوم بقاعة الصداقة، إلى دعامات قوية من الثقة وحسن الظن بها بقدر ما تحتاج إلى توضيحات كثيرة وشروح لمتونها، لأنها حسب المعلومات المتوافرة تحتوي على مبادئ عامة وموجهات وتوجهات وسياسات جديدة تحدد ملامح الفترة المقبلة، خاصة أن قوى سياسية معارضة تكاد تركب سرجاً واحداً مع الحزب الحاكم، وتوصلت إلى تفاهمات معه في هذا الاتجاه.
وقبل الإعلان عن هذه الوثيقة الإصلاحية المتمخضة عن عمل لجان وحوارات سياسية طويلة، إلى آلية عملية وفاعلة في تنفيذها وتطبيق ما انطوت عليه، صحيح أن الرئيس البشير سيقود بنفسه العملية السياسية لبلوغ المرام المنشود وجعل هذه التوجهات الجديدة واقعاً معاشاً يغير وجه الحياة السياسية ويدفع لتوافق بين الخصماء السياسيين في البلاد.
لكن بدون أن تكون هناك قيادات سياسية ذات صدقية كبيرة وعلاقات واحترام متبادل مع الجميع، وآلية تتابع ما اتفق عليه وتعذر البعض في ما اختلف فيه، لن تتمكن البلاد من اجتياز وعبور الوهاد وبرك الوحل التي غاصت فيها الأقدام.
وقد لا يختلف الناس كثيراً حول قضايا الدستور والحكومة القومية أو العريضة، وإزالة كل القيود التي تعيق حرية العمل السياسي وتوسيع قاعدة المشاركة في الحكم، وأهمية قضية السلام، فقط يختلفون حول ثقتهم في بعضهم البعض، والمؤتمر الوطني وحكومته يحتاجان في هذه اللحظة المهمة من تاريخ البلاد إلى تدعيم وتعزيز مناخ الثقة والمصداقية حتى تؤتي هذه التوجهات الجديدة ثمارها من دون أن تتحول في نهاية الأمر هذه الثمار إلى مذاق مُرٍّ لا يستساغ!!
إذن المطلوب آليات ووسائل وبراهين عملية تطبيقية على أن ما يطرح اليوم لن يكون مجرد كلام وحديث جيد التوصيف والتعريف والتشخيص للأزمات، وعميق الحلول، لكنه غير قابل للاختبار العملي في الواقع.
ولن يعجز السيد رئيس الجمهورية عن إيجاد الآليات المناسبة وابتداع أكثر من طريق ومسلك لجعل التوافق والوفاق الوطني والحوار السياسي الخلاق، هو الذي تتأسس عليه كل المرحلة المقبلة المفضية إلى الانتخابات.
كثير من القوى السياسية ترى أن المؤتمر الوطني يحتكر السلطة ويمسك بمفاصل الدولة ويتحَّكم في مسارات العمل السياسي، فإن اطمأنت هذه الأحزاب والتكوينات السياسية إلى أن الحزب الحاكم يريد حقاً تفاهماً وتنافساً حراً ونزيهاً، ويطمح إلى تهيئة الأجواء نحو ديمقراطية حقيقية وحريات كاملة، فإن المسافة ستكون قريبة جداً بين الفرقاء السودانيين.
وستمتد كل الأيادي والمساهمات إلى الحركات المتمردة والى الذين اختاروا العمل المسلح، لإدماجهم في الحياة السياسية وتغليب العمل السلمي المدني على أية وسائل عنيفة لا تقود إلا إلى الدمار والاحتقان والخراب.
والكرة الآن في ملعب أهل الحكم والمؤتمر الوطني، فكل شيء رهين بما سيطرح وما تطمئن إليه النفوس من تدابير وبرامج وكيفيات جادة وصادقة.. فالسيد رئيس الجمهورية وهو يقدم لشعبه رؤيته الجديدة التي بلورتها لجان حزبه الذي يقوده، لا بد له من مخاطبة كل الأسئلة التي تدور في الأذهان ونزع حجاب التردد والشك والظنون والخوف من نفوس الأحزاب التي ظل كثير منها لا يرى في المؤتمر الوطني وحكومته إلا نقض العهود والمواثيق.. فكلما صدق الحزب الحاكم في قوله وفعله وجد الجميع بجانبه يعاونونه ويتعاونون ويتعاملون معه.
إذا كان الفريق أول بكري حسن صالح النائب الأول لرئيس الجمهورية قد قال بعيد تسلمه مهام منصبه الجديد لدى لقائه مع قيادات العمل الصحفي والإعلامي بالبلاد «إن كل شيء بيد الرئيس»، فإن الرئيس اليوم وهو يمسك بدفة المركب وسط تلاطم أمواج هائجة محلياً وإقليمياً وترقب دولي يراقب عن كثب، فإما أن يعبر بالبلاد اليوم إلى بر آمن.. أو يتوه مركبنا في ظلمات بعضها فوق بعض، ويصعب بعدها رتق الأشرعة الممزقة وتجميع الحطام والعثور على المجداف!!
فهل ستنفتح القلوب والعقول لدى كل مكونات العمل السياسي والقوى الاجتماعية، لروح جديدة ستسري في أوصال الجسد المثخن بالجراح؟!
[/JUSTIFY]

أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة