غياب “البشير” عن افتتاح مستشفى حوادث بحري .. التزام بالضوابط أم دعاية انتخابية جديدة ؟
عندما احتشد المئات في موقع الحدث الخاص بافتتاح حوادث مستشفى بحري والمجمع الجراحي ومركز غسيل الكلى، منتظرين مقدم رئيس الجمهورية لتشريف حفل افتتاح أكبر مجمع حوادث طبي بالبلاد والمشاركة في هذا الحدث المهم. ووقفت تشريفة القصر الجمهوري في (كنفوي) مصحوب بأسطول من السيارات تتبع صافرة الموتر الشهيرة – ومعها حشود من السيارات الفخيمة التابعة للمسؤولين والدستوريين على مستوى مجلس الوزراء الاتحادي وولاية الخرطوم، اتجهت الأنظار صوب العربة الرئاسية متوقعين بأن الذي سوف يخرج هو “البشير” ملوحاً بعصاه ومحيياً للجماهير التي احتشدت لاستقباله والترحيب به، لكن تفاجأ الحضور بمقدم نائب الرئيس “حسبو محمد عبد الرحمن” لينوب عن الرئيس “البشير”، في المشاركة التي سبق وأن تم الإعلان عنها أن الرئيس “البشير” سيشرف الفعالية الصحية التي تهم سكان ومواطني الولاية. ليتساءل الحشد في حيرة: أين الرئيس؟ ليلتقط والي الخرطوم “عبد الرحمن الخضر” القفاز معلناً حينها بأن ضوابط العملية الانتخابية تحول وتمنع “البشير” من حضور الافتتاحات والاحتفالات حسب ما وردهم من رئاسة الجمهورية، باعتبار أن “البشير” مرشح على حد تعبيره .
واثأر ظهور الرئيس في الاحتفالات والافتتاحات والمناسبات بعدد من حواضر ومدن الولايات مؤخراً جدلاً واسعاً خاصة وسط منافسيه من المرشحين لمنصب رئاسة الجمهورية، حيث اعتبروا الأمر دعاية له ونوعاً من أنواع استخدام موارد الدولة للترويج في حملته الانتخابية، وعدم تساوي الفرص بينه والآخرين المنافسين له في المنصب.
المفوضية ترد
عضو مفوضية الانتخابات “محاسن حاج الصافي” قالت في حديث لــ(المجهر)، بأنه لم يصدر من المفوضية أي سند يمنع الرئيس من أداء مهامه. واعتبرت عدم حضور “البشير” تصرفاً يرجع للحزب أو له، ولكن ليس هنالك ما يمنع من أن يمارس مهامه التنفيذية مع العلم بوجود مواد للحملة الانتخابية تنص على أنه بإمكانه أن يمارس مهامه التنفيذية، بشرط أن لا يرد في حديثه مع يفهم منه بأنه دعاية انتخابية .
الافتتاحات دعاية انتخابية
القيادي بالحزب الاتحادي (الأصل) “علي السيد” كشف بأن المسألة لا تعدو كونها مسألة انتخابية رخيصة، مشيراً إلى أنهم في المؤتمر الوطني أجلوا جميع الافتتاحات منذ فترة طويلة حتى تتزامن مع الانتخابات.
واتهم “السيد” في حديثه لــ(المجهر) بأن المؤتمر الوطني يستخدم في حملته الانتخابية موارد الدولة من خلال الدعاية والافتتاحات، مشيراً إلى أن مثل هذا الخبر (ضوابط الانتخابات تمنع “البشير” من افتتاح حوادث مستشفى بحري)، يعد دعاية شخصية وتغبيشاً للشعب ولكن المواطنين أوعى ويفهمون مثل هذه الأساليب.
وسخر “السيد” في حديثه من الحملة الانتخابية للوطني وقال: (يعني ليه الوطني منزعج كدا ما أصلا الانتخابات محسومة لصالحهم يعني ما في جديد).
تضليل أم خداع ؟
وعلى ذات المنوال سار تحالف المعارضة عبر ناطقه الرسمي “بكري يوسف” والذي اعتبر في حديثه لــ(المجهر)، بأن الأمر لا يعدو كونه شكلاً من أشكال الدعاية الرخيصة للبشير والذي ما يزال يستفيد من موارد الدولة، مثل الافتتاحات وغيرها في الترويج لحملته الانتخابية وفي إطار خداع الجماهير.
وأضاف “بكري” بأن الأجواء الحالية غير مهيأة للانتخابات ومحسومة سلفاً للبشير في ظل وجود مرشحين للرئاسة ليس لهم وزن ولا قيمة سياسية، وفي ظل توزيعهم للدوائر الانتخابية عن ثقة مع المشاركين معهم بالانتخابات.
وقلل “بكري” من عدم حضور “البشير” للافتتاحات وقال: (هي مسألة ليست ذات قيمة والغرض الأساسي منه تضليل وخداع الشعب).
موقف إيجابي
القيادي بالمؤتمر الوطني “ربيع عبد العاطي” اعتبر الأمر يشكل ملمحاً إيجابياً للعملية الانتخابية وتساوي الأحزاب في العرض للحملات الانتخابية. وقال لــ(المجهر) بأن المسألة تعبر بصدق عن الشفافية العالية للمؤتمر الوطني ومرشحه في أن تمضي العملية الانتخابية بلا شوائب. وأضاف في حديثه بأن “البشير” من الآن فصاعداً يعتبر مواطناً سودانياً لا يفتتح المؤسسات بصفته رئيساً، ولا يظهر إلا في إطار حملته الانتخابية. واعتقد بأنه رد على سير العملية الانتخابية بصورة طيبة.
المرشح الرئاسي “عمر عوض الكريم” اعتبر في حديثه بأن الأمر هو نوع من أنواع الدعاية. وجدد حديثه السابق بأن بعض الجهات الحكومية تستخدم الموارد الحكومية في حملة وترشيح “البشير”، ولذا اتجه أيضاً بسؤال للمفوضية هل هي مستقلة في ظل هذه الإشكاليات، مشيراً إلى أن “البشير” ظل يظهر في الفترة الماضية باستمرار في الافتتاحات وهو على رأس الهالة الإعلامية .
مسرحية جديدة
المحلل السياسي “صلاح الدومة” يختلف مع الرأي السابق ويعتبر الخبر الذي صدر عن عدم حضور الرئيس لافتتاح مستشفى بحري، بأنه لا يعدو كونه نوعاً من أنواع المسرحية والتمثيليات تتجدد كل مرة وذر الرماد في العيون، وإظهار ضوابط وإجراءات وجزء من العبث السياسي الذي يمارسه على مدار (25) عاماً. وأشار في حديثه لــ(المجهر) في معرض الطرح بأن الضوابط الانتخابية لا تمنع “البشير” كونه رئيساً بأن يؤدي أداءه التنفيذي، لأن فترته تنتهي حتى انتهاء الانتخابات وتنصيب الرئيس الجديد، والأمر لا يعدو كونه دعاية شخصية له وحتى لو أنكر لأن الإنكار شكل من أشكال الدعاية.