مراقبة الانتخابات..
> حتى اللحظة، وافقت جهات دولية وإقليمية عديدة على المشاركة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية منتصف أبريل، وتكوَّنت شبكة من المنظمات الوطنية لذات الغرض، وتجري الترتيبات الحثيثة لانطلاق أكبر حملة للمراقبة في تاريخ الانتخابات السودانية، تقترب في حجمها من سابقتها في 2010م، بيد أن هذه الحملة الراهنة، تكتسِب أهمية قصوى لعدد الجهات والمنظمات الرسمية والحقوقية والصحفية والبرلمانات التي تشارك فيها..
> وستبدأ وفود فرق المراقبة في التوافد على البلاد قبل أسبوع من بداية الانتخابات، وقد تم الترتيب والتنسيق لانطلاق هذه العملية بواسطة المفوضية القومية للانتخابات، بالتعاون مع جهات إقليمية ودولية واتحادات ومنظمات، في مقدمتها الاتحاد الأفريقي الذي يقود فريقه ووفده الرئيس النيجيري الأسبق أوباسانجو الذي يحتفظ بعلاقات طيبة مع السودان ورعى مفاوضات أبوجا التي انتهت باتفاق سلام في 2006م بين الحكومة وحركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، وبعض الحركات الأخرى، وفتح الطريق بعدها لانضمام حركات أخرى عبر منبر الدوحة التفاوضي..
> وستكون هناك منظمات ومجموعات مراقبة عربية وأوروبية ومن أمريكا اللاتينية ودول آسيوية واتحادات صحافية مثل الاتحاد الدولي للصحافيين والفدرالية الأفريقية للصحافيين واتحاد الصحافيين العرب واتحادات الصحافة الإقليمية بالقارة الأفريقية والهند، واتحادات المحامين ونقاباتهم المحلية والإقليمية والدولية، واتحادات مهنية أخرى ذات صلة، وتوافد هذه المجموعات، ونشاط المجموعات الوطنية يختصر في هذه الفترة على عملية الاقتراع، غير أن هناك رقابة بدأت منذ ابتدار الحملة الانتخابية، لمراقبة كيفية سير هذه الحملة ومدى عدالة توزيع فرص المرشحين في ممارسة حقهم الدستوري والقانوني، وتعاون كل الجهات المعنية بالعملية الانتخابية معهم بما فيها أجهزة الإعلام ومؤسسات الدولة العاملة في هذا المجال.
> سيتوزع آلاف المراقبين من الداخل والخارج في كل مناطق السودان المختلفة، بعضهم قد تلقى دورات تدريبية على كيفية المراقبة، وتشترك الاتحادات المهنية مثل اتحاد المحامين واتحاد الصحافيين والاتحادات الإقليمية والدولية، في هذه العملية الطويلة والمعقدة، لتغطي فرقهم الدوائر الانتخابية ومتابعة سير العملية حتى نهاياتها وإعداد تقارير حول نزاهتها وشفافيتها ومطابقتها للمعايير الدولية..
> في حال توفُّر الظروف المناسبة ومساعدة فرق المراقبة على أداء مهامها وتسهيل مرورها وعبورها وتمكينها من القيام بواجبها، فإن تقارير هذه الجهات الأجنبية التي ناهزت الستين تقريباً، ستكون هي شهادة النجاح للانتخابات وتُعطيها صدقية وتجلب لها الاعتراف الدولي. وتتأهب فرق المراقبة القادمة من الخارج وشبكات وتحالفات قوس قزح وغيرها من الجهات الداخلية، للعمل وفق تعاون فعال من كل الأطراف، خاصة الناخبين والمفوضية القومية للانتخابات حتى تستطيع إنجاز مهامها بدقة، وعكس الصورة التي ينبغي أن تكون عليها الانتخابات..
ولذلك من واجبنا في الأحزاب السياسية والجماعات المختلفة التي قررت الانخراط في الانتخابات أو حتى القوى الحزبية التي قاطعت، الاستفادة من هذه التجربة التي تضيف وتراكم لنا الكثير في تطورنا السياسي والديمقراطي، ولن تكون مرحلة الاقتراع مرحلة سهلة، إلا إذا أثبتنا بالفعل أننا شعب يريد دون أدنى شك جعل الانتخابات وصنادق الاقتراع هي الوسيلة الوحيدة للتبادل السلمي للسلطة، ولا يلتفت لأي أسلوب آخر سواها.
> إذا تعززت الثقة بين الفرقاء السياسيين في الحكم والمعارضين، وحفزهم حماس الشعب، ودفعتهم الشفافية المطلقة إلى ممارسة حقهم الانتخابي بكل حرية وساعدتهم الجهات المراقبة بتقديم ما ترى بحياد كامل ونزاهة مطلقة، يمكن أن يخف غلواء السياسة في بلدنا وتنفتح مسارات جديدة للتوافق والترافق في العمل الوطني، تبعدنا عن شرور النزاع والصراع والاحتراب الذي لم نحصد منه إلا الخراب والدمار والقطيعة القاسية.