خالد حسن كسلا : شعبية «الصادق المهدي» الوهم السياسي
الجديد المدهش في تصريحات السيد الصادق المهدي هذه المرة، هو قوله في لقاء فضائي تلفزيوني إنه يتمتع بشعبية أكبر من عضوية الحزب الذي يتزعمه «حزب الأمة القومي».
وهذا إما يعني أنه شعر بانحسار عضوية حزبه بسبب الوفاة والخروج وعدم الدخول لأعضاء جدد من الأجيال الجديدة، وإما أن الشعب السوداني يراه زعيماً ملهماً مثل الزعماء الذين تمتلئ الميادين والطرقات بالجماهير من أجل مشاهدتهم والاستماع إليهم إعجاباً بهم.
وإذا وقفنا عند الاحتمال الاول.. من هم هؤلاء الجماهير الذين يزيد حجمهم على عضوية حزب الأمة ويشكلون شعبية للسيد الصادق؟!. وهل سجلوا اسماءهم في السجل الانتخابي حتى إذا ما خاض السيد الصادق وأعضاء حزبه الانتخابات تحت الرقابة الدولية ورقابة مناديب الأحزاب ومنها حزب الأمة القومي نفسه، يكون قد استفاد من شعبيته التي قال إنها تفوق عضوية الحزب؟!
إنه إذن يخذل شعبيته التي تفوق في حجمها عضوية حزبه، إذا صح كلامه في اللقاء الفضائي التلفزيوني. فلا هو يخاطبها ولا هي تخرج لتطالب بترشحه في الانتخابات، بشرط ان تكون تحت الرقابة الدولية والحزبية، وهذا أهم شرط فإذا توفر صلحت الانتخابات وغدت نزيهة مثل الانتخابات النيجيرية، ومعروفة الأجواء الانتخابية التي فاز فيها «محمد البخاري» وأصبح رئيساً منتخباً لنيجيريا، فإن شعبيته الحقيقية هزمت التآمر الأجنبي الفرنسي وغير الفرنسي الذي يهيئ الفوز هناك لغير المسلمين رغم أنهم أغلبية.
الصادق المهدي الآن يتباهى بشعبية غير عضوية حزب الأمة القومي.. والسؤال ببساطة هل هي قوى وطنية مستقلة؟! لكن المعلوم أنه حتى عضوية حزب الأمة القومي ليست كلها على إجماع أن السيد الصادق هو الزعيم المناسب في هذه المرحلة.. خاصة بعد أن نجحت صفقته السرية للغاية مع الحكومة بخصوص تعيين ابنه مساعداً لرئيس الجمهورية.. وهذه الغرض منها طبعاً التأسيس للخلافة في رئاسة الحزب وإمامة الأنصار و «الشعبية المزعومة» التي يقول إنه يكتسبها الآن.
فهناك تيار مادبو وتيار الدومة، وهذا غير الذين خرجوا من عضوية الحزب مع مبارك المهدي والصادق الهادي المهدي وعابدة المهدي والراحل الزهاوي إبراهيم مالك وعبد الله مسار.
إن شعبية السيد الصادق المزعومة خارج دائرة حزبه لم نرها تهتف باسمه بشعارات حزبه مثل «لا نصادق غير الصادق».
أما المغالطات الفكرية التي يمارسها في الإعلام ليكسب بها مؤيدين لها حينما يحدِّث عن مشروعية زي المرأة في الإسلام أو تطبيق الحدود في زمن كهذا يأكل الفقراء فيه مئات الأصناف من الوجبات. ويسهل فيه صيد الأسماك من النيل في كل روافده، وتنجح فيه الزراعة المطرية، وليست الهمَّة بصعبة. ولا ننسى توزيع مال الزكاة لمستحقيها.
والسيد الصادق طبعاً يريد تطبيق الحدود بعد أن يصبح كل الناس أغنياء.. ترى هل يريد تطبيقها بعد أن يصبح كل المجتمع ثرياً على القطط والكلاب والفئران؟!
إن الصادق المهدي هو المسؤول عن أوّل حالة انشقاق وانقسام لحزب الأمة عام 1968م.. وقد قاد ذاك الانشقاق الأوّل لكي يصل الى هذا الهدف.. وهو أن يأتي يوم يقول فيه إن شعبيته أكبر من عضوية حزبه. وإذا كان قد قاد الانشقاق ليقود حزباً يحمل اسم حزب الأمة ويستقطب إليه باسم «المهدي» الأنصار حفدة وأبناء الأنصار، فهو قد خطط لمشاركة ابنه في الحكوم لصالح قضية إعلامية وتاريخية.. فمن خلال مشاركته في السلطة يتسع نطاق شهرته وسط الأنصار. أما أن تصبح أيضاً له شعبية أكبر من حجم الأنصار فهذا من باب الوهم السياسي أيضاً.