باحثة اجتماعية: المخدرات سبب رئيسي للاعتداء على الوالدين
عرفت الجريمة منذ بداية الخليقة وظلت تتطور مع مستحدثات المجتمع، وهي تتفاوت من بيئة إلى أخرى ومن مجتمع إلى آخر حسب الديانة بكل مجتمع.. مثلاً المجتمع المسلم نجد الجريمة فيه محدودة أو أقل انتشاراً من غيره، لأن الإسلام نهى بصورة قاطعة عن قتل النفس بغير وجه حق.. ومنذ أمد بعيد يشهد العالم جرائم تقشعر لها الأبدان ترتكب في حق ضحايا بعضهم أبرياء، والبعض الآخر يتم نتيجة أسباب منطقية أو غير منطقية، هذا بصفة العموم.. أما عن الجريمة في الساحة السودانية فإنها تتطور بصورة مقلقة ومؤسفة رغم سيطرة الأجهزة الشرطية على الأوضاع، وردع السلطات العدلية للمجرمين، وظللنا نتابع وبصورة يومية ما تحمله أخبار الحوادث والجريمة من تفاقم جرائم تبدو غريبة في بطون الأسر، مثل أن (يعتدي شاب على والدته بآلة حادة ويسبب لها الجراح)، وآخر (يسدد طعنات إلى شقيقته) و(مخمور ينهال ضرباً على والده) وأكثرها أسفاً (شاب يقتل والدته).
{ عقوق والدين
ذلك المخمور الذي انهال ضرباً على والده بدار السلام، وسبب له الأذى الجسيم فأوقفته الشرطة، ودونت في مواجهته بلاغاً وأسعفت الوالد. وحسب ما نقلته (المجهر) في الخبر قبل أيام، فإن الشاب عاد إلى منزله مخموراً، وعندما حاول والده توجيه النصح له بالعدول عن شرب الخمر غضب الشاب وانهال ضرباً على والده مسبباً له الأذى الأمر، الذي دعا بقية أفراد المنزل لإبلاغ الشرطة.. وهناك حالات أخرى يتعرض فيها الوالدان لاعتداءات من قبل أبنائهم.
في هذا الشأن، غاصت (المجهر) وتحرت، وطرحت القضية على عدد من أفراد المجتمع واختصاصي علم اجتماع.. جميعهم استنكروا الأمر وعدّوه جريمة نكراء ويجب إنزال أقصى العقوبات على مرتكبيها.
{ آراء الشارع
قالت “أم سعد” (ربة منزل) إن ظاهرة اعتداء الأبناء على والديهم تعدّ أمراً مكروهاً يخالف أمر الدين وما أوصى به، وهي خطوة تؤدي إلى هاوية تهدد عصب المجتمع والحياة برمتها. وترى أهمية إتاحة الحرية ومناقشة القضايا بطرق معرفية لما يدور في مخيلة الأبناء، واستخراج ما في دواخلهم وخيالاتهم النفسية، وربما حالة الهيجان وما تفرزه من أعراض مرضية لا يعلمها أفراد الأسرة، تدفع الابن إلى الإتيان بتصرفات شاذة وينفذ دوافعه الانتقامية تجاههم.
أما “سمية الطاهر” فتساءلت قائلة: (ما نسمعه ونقرأه في الصحف عن الاعتداءات والسلوكيات المشينة لا تمت بصلة للأخلاق الحميدة التي أساسها الاحترام وحقوق الوالدين)، وأضافت إن هذه الأفعال تستدعي وقفة بدراسة نفسية وإرشادات دينية. وأرجعت “سمية” الأمر إلى أن الفضائيات والأفلام الأجنبية أثرت في نفوس الأجيال، وهو ما يلاحظ من خلال عنادهم القوي وعدم الانصياع لتوجيهات الأسرة، وغيره من أساليب مكتسبة من غزو دخيل، أثر على منظومة التكوين الشخصي. مضيفة: (إذا تعود الأطفال منذ الصغر على قواعد الاحترام لقلت ظاهرة الاحتراب والتشظي والجفاء السلوكي). وزادت بأن بعض المشكلات بين الأب والابن تصدر عنها ردود أفعال وخيمة جداً، ضاربة المثل بأن يترك الولد المنزل ويغيب عنه لأسباب واهية. ووصفت الأمر بأنه طامة كبرى تشير إلى اشتعال فتيل الأزمة الأسرية وقد تخلف إشكاليات يصعب السيطرة عليها، إضافة إلى غرس الغبن والكراهية في نفوسهم.
“أحمد موسى” (طالب) أوضح أن التهور الزائد والتأثر بأفكار أجنبية هو السبب الأساسي في زيادة معدلات الاعتداء على أولياء الأمور، إضافة إلى غياب الوازع الديني لدى الأبناء الذين يميلون إلى انتهاج أسلوب عدواني.
{ رأي علم الاجتماع
تقول الباحثة الاجتماعية “فاطمة التوم” إن تعاطي المخدرات والخمور هو العامل الرئيسي في الاعتداء على الأب، بجانب الإحساس الوليد بروح الاستقلالية والعجرفة، وأشارت في حديثها لـ(المجهر) إلى أهمية التنشئة السليمة في تكوين الأنماط الشخصية، وأبانت أن السلوك السلبي الذي يصدر عن الأبناء تجاه أسرهم في الغالب يشير إلى أنهم شخصيات غير سوية (وأن كل الأبناء قد يكونون غير شاذين واحتمال يطلع واحد منهم في الأسرة غير سوي)، ولفتت إلى أن حالات الاعتداء مرتبطة بالأولاد أكثر من البنات. وعزت ذلك إلى أن هناك قسوة جديدة دخيلة على المجتمع، هي ما نشاهده من طرد ورمي امرأة في الشارع، وتركها في العراء بدون مأوى.
المجهر السياسي