الشيخُ الشابُ – محمد سيد حاج
مِن أكثرِ الشخصاتِ التى أثرتْ على الشبابِ السوداني، شابُ يُقارِبُهم سِناً و يتقاربُ مِنهُم مسافةً حتى يحتوي إهتماماتِهم ويُلامس إحتياجاتهم بل و يدنو جداً من هواجِسهم ومخاوِفهم، مُتفقهُ فى الدين مُتبحرُ فى علومِهِ مُتفردُ بإسلوبهِ الذى جمعَ بين العِلمِ بأمور الدينِ ومزجها بواقعِ الشبابْ، كان يُقدمُ لهُم المعلومةِ على طبقٍ يتناسبُ مع سِعة معدتِهِم ومقدرتها على الهضم، يُخالطهم، يُمازحهم، يُخاطبهم بلغتهِم، يتداخل بينهم فى حنوٍ سلسبيل، يزورَ الجامعات والمُجمعات الشبايبة والطُلابية حتى تأثر به الكثيرون فأصبحوا يتتبعونَ مُحاضراته ويتعتطشون لخِطابِه الثرَ، يبدو لهم مثلَ الفجرِ في ليالي الشِتاءِ الحالكةِ يلوذون إليه خائفين مُترقبين حينَ يجرفهم تيارُ المعاصي فتستكينَ هواجسهم حين تنزلُ كلماته عليهم مطراً يغسلُ وحلَ هواجسهم فيحنو عليهم ويدلهم على طريقِ التوبة دونَ تقريعٍ أو تأنيب مُجسداً تلك الخِصلةَ التى تحلى بها الأنبياءُ مِن الرِفقِ الجميل فلم يكن فظاً ولا غليظاً ولا سمِجاً.
شابُ نشأ فى عِبادة الله و ذرفَ عمرُه فى طاعتةِ وفى خِدمةِ الدعوةِ إليه فبارك الله له في عمره وأمدّ له فيه رغماً عن رحيله فى عُمرٍ مُبكِر، فما زالتْ مُحاضراته مُتداوله وبكثافة حتى يومنا هذا، نجِدها فى كُلِ مكان: في اليوتيوب، على صفحات الفيسبوك، في الهواتف النقالة، وعلى أثير الإذاعات والفضائيات (عملُ صالحُ لا يفنى ولا يزول).
بدأ نشاطه الدعوي مُبكِراً جداً إذ كانَ أولُ وقوف لهُ أمامَ الناسِ واعظًاً في الصفِ الثاني المتوسط، ثُمَ في عام 1990 م كان يخطب في مسجدِ القريةِ بعد صلاةِ المغرب وفي نفس العام خطبَ أولَ جُمعة له في نفس المسجد، وبعد ذلك خطب في مسجد السوق بمدينة حلفا وفي المرحلة الثانوية أقام مِنبرًاً للنقاش والحوار مع الطلاب، ثُم صارَ إماماً وخطيباَ لمسجد المؤمنين بحي الصافية حتى قبيل وفاته.
توفي الشيخُ محمد سيد حاج ليلة الأحد 10 جمادى الأولى 1431 هـ، الموافق 24 أبريل 2010 م إثرَ حادثٍ مُروري في يوم السبت على طريق القضارف – الخرطوم حوالي الساعة الواحدة ظُهراً، وقد كانَ في طريقِه لتقديمِ مُحاضرةٍ بمسجدِ جماعةِ أنصار السُنةِ المحمديةِ بمدينةِ دوكة بولاية القضارف، وكان الحادث عند منطقة القدمبلية قبل وصوله مدينة القضارف، تم نقله إلى مستشفي مدينة القضارف وكان يعاني من كسور وإصابات بليغة، ثم توفي في الساعة الواحدة ليلاً بالمستشفى.
ألا رحمَ الله الشيخُ الشاب وأنزلهُ منازلَ الصديقين والشُهداء، وباركَ في ذُريتِهِ إلى يومِ الدين.
رحمه الله .. وتقبله قبولا حسنا .. وانا لله وانا اليه راجعون