هاشم كرار : مساعد الطيار.. وشعري الأشعث!
كلما أجلسُ إلى الحلاق- أي حلاق- ويلف حولي المريلة، أشعر بخوف لانهائي.
كيف لإمرئ عاقل، أن يسلم رأسه- وهو جالس- لرجل لايعرفه على الإطلاق.. ولا يعرف سجله الطبي، ولا يعرف- بالتالي- ما إذا كان هذا الرجل مصاب بإكتئاب وذا ميول انتحارية، تماما مثل الألماني أندرياس.. مساعد الطيار الفظيع؟
كيف لرجل عاقل أن يسلم رأسه، لمثل هذا الرجل.. هذا الرجل الذي في يده مقص يطقطق طق طق طق، وأمامه شفرات حادة ولعينة، بمقاسات مختلفة؟
أحيانا، أفقد عقلي، وأجلس.. وكل فقدان العقل هذا بسبب أوامر الوالد أو الاخ الكبير، أو ذياك المدرس الذي لا يهمه من رأسي، إلا شعري: كل الاوامر: ياولد احلق.. أحلق.. شيل التفة دي!
أجلس.. ويطقطق المقص، وعينىّ الإثنتين معا، جاحظتان.. وأنا كلي تحفز لو إقترب الحلاق بمقصه من أذني!
تقول النكتة القديمة، التي جعلتني أتصبب عرقا كلما جلست أمام صاحب المقص الذي يطقطق، أن حلاقا أمسك أذن أحد المتلحفين بالمريلة، وسأله: أضانك هذه.. عايزا ؟
أراد صاحبنا أن يخفف دمه. قال لا، و… سريعا جدا بالمقص الذي كان يطقطق، قطعها الحلاق، ورمى بها بعيدا!
كان دم صاحبنا لا يزال ينقط، وهو في جلسته في حالة خوف مربك.. يعاين للشفرة الحادة، حين سأله الحلاق بنبرة خشنة، وهو يمسك بالأذن الثانية: “وهذه.. برضو ماعايزا ؟”
رد صاحبنا الجالس سريعا جدا، وهو يرتجف وينقط دم: هذه عايزا يامعلم!
هنا ماكان من المعلم إلا أن قطعها سريعا جدا ، وناولها لصاحبنا: خد!
تلك النكتة كانت بداية إصابتي، بما يمكن ان أسميه ب( فوبيا الحلاقة) أو ( فوبيا الحلاقين)!
هذا الخوف المرضي من الحلاقة والحلاقين، استبد بي وأنا أقرأ في تقارير كثيرة تتحدث عن الجرائم بالمقص الذي يطقطق، أو شفرات الحلاقة: جرائم الحلاقين!
الجرائم كثيرة، لكن أشهرها جريمة نزيل احد السجون في طاجيكستان، وهو يحلق لمدير السجن!
راح النزيل يقص.. ويقص,, والمقص يطقطق ويطقطق، فجأة انتابته حالة( أندرياسية): أمسك المقص بقوة وغرسه يطقطق في قلب مدير السجن. سله.. وغرسه يطقطق مرة أخرى!
الطقطقة تُغري.. والهيمنة على الرأس تُغري أيضا، وفي مكان ما، داخل أي إنسان جرثومة من ( قابيل) وفي القتل نوع من النشوة المرضية، فكيف؟ كيف لإمري عاقل أن يسلم رأسه لحلاق لا يعرفُ ما إذا كانت تلك الجرثومة ستنشط فيه أم لا، فيما المقص يطقطق، والأومر باللسان أو بحركة الكف: دنقر شوية.. أرفع رأسك شوية.. ؟
أيها الناس: من يرى شعري يطول ويطول، فلا يكن مثل والدي أو أخي الكبير- يرحمهما الله.. ولا يكن مثل ذياك المدرس الي لم يحشو رأسي بغير: شيل التفة دي.. شيل التفة دي!
أيها الناس: إرحموني.. إنني مصاب بفوبيا طقطقة المقص.. تماما مثلما أصبحتُ الآن الآن- بعد كارثة اللوفتهانزا – مصاب بفوبيا أندرياس.. اندرياس لوبيتس.. مساعد الطيار الذي أراد أن يردد العالم كله أسمه!