عثمان ميرغني

قَسَّم استثنائي جديد..!!


تحت أنين ورنين الانتخابات لم ينتبه كثيرون لما نشرته صحيفة (التيار) قبل يومين على صدر صفحتها الأولى.. شركة ألمانية تجري مسحاً شاملاً لإقليم دارفور وتخلص إلى نتائج مثيرة للغاية..
يقول نص الخبر:
(أعلنت شركة (AGF) الألمانية اكتشاف كميات تجارية من البترول واليورانيوم والذهب ومعادن أخرى ومياه جوفية في السودان، وقالت الشركة ومقرها ميونخ بجمهورية ألمانيا: نتائج المسح الجيولوجي الذي قامت به لصالح السلطة الإقليمية في دارفور، استمر منذ عام 2011، وانتهى في يناير من هذا العام 2015.
المسح الجيولوجي أظهر مخزوناً ضخماً من البترول في منطقة جبل مرة، وكميات كبيرة من الذهب واليورانيوم).
وهي ليست المرة الأولى التي يُكشف فيها عن ثروات دارفور.. وإن كانت هذه المرة موثقة بدراسات ومسح جيولوجي علمي.. وهذا- فقط- في الثروة المخفية تحت الأرض.. فالثروات الطبيعية الأخرى في الزراعة بشقيها النباتي والحيواني معروفة ولا تحتاج إلى براهين أو بيان.
لكن مع ذلك إقليم دارفور يعاني أكبر نكبة إنسانية في تأريخ البشرية.. لأكثر من عشر سنوات سكانه بين معسكرات النزوح واللجوء، والمحظوظون هم من وجدوا ملاذات آمنة في مدن وولايات أخرى..
ما الذي سيجنيه شعب السودان ودارفور من الحرب في دارفور.. لا شيء.. ومهما كانت الحيثيات والمبررات التي يتحجج بها من يرفع رايات الحرب.. ومهما نالت دارفور من مكاسب سياسية بعد نهاية الحرب فإنها لا تعادل الخسارة البشرية الضخمة التي تسببت فيها هذه الحرب اللعينة..
الأوجب أن يكون واحد من أولى واجبات الحكومة الجديدة إنهاء الحرب في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق فوراً ودون حاجة لانتظار التسوية السياسية الشاملة.. الاتفاق على وقف إطلاق النار بصورة جادة على أمل أن تكتمل المفاوضات بعد ذلك عبر حوار مباشر بدون أو بوسطاء.
لا أمل في وطن مستقر وتنمية مع استمرار الحرب في دارفور.. لكن أمراء حرب تتناقض مصالحهم مع مصالح الوطن والمواطن.. الحرب بالنسبة لهم شريان حياة.. كل نقطة دم تسيل تغذي دورتهم الدموية بالمال والجاه والسلطة..
قبل أي حوار وطني.. وأي حديث عن التسوية يجب على الحكومة الجديدة أن ترفع راية (لا.. للحرب) دون أي شرط أو قيد.. إعلان معزز بإرادة سياسية قاطعة أن تحل المنافع محل المدافع..
ليت النواب الجدد في أول جلسة للبرلمان أن يؤدوا قسماً خاصاً استثنائياً.. قسم إيقاف الحرب.. أن يقسموا بالله العظيم أن يعملوا كل جهدهم لحشد الإرادة السياسية لوقف الحرب في مدة لا تتجاوز شهراً واحداً من بداية الدورة التشريعية..
إيقاف الحرب لا يجب أن يكون عملاً مؤجلاً لأية ترتيبات.. إيقاف الحرب أولاً ثم بعد ذلك كل شيء (ملحوق)..!!.