انتصار وفوز.. يترافقان
> لا بد من تهنئة المشير عمر البشير لنيله ثقة شعبه لولاية رئاسية جديدة، وتهنئة كل الأحزاب التي حصدت نتائج الانتخابات التي طوينا ملفها بالأمس وانتهت مرحلتها لتبدأ مرحلة أخرى في تاريخ البلاد، وتعلق على عاتق الرئيس البشير مسؤولية جسيمة وأمانة كبيرة، لا بد من مجابه تحدياتها من قبلنا جميعاً بروح وطنية مخلصة تجمع لحمة البلاد ولا تفرقها، وما حمل الرئيس البشير اليوم وحزبه والأحزاب الأخرى التي ستتشكل منها الحكومة المقبلة حمل ضخم وعظيم في كيفية إدارة هذه البلاد وانتشالها مما هي فيه وتحقيق تطلعات الناخبين الذين ما بخلوا بأصواتهم ولا بثقتهم.
> لقد انتخب السودانيون آمالهم وتطلعهم لمستقبل يريدونه، وهم يعلمون حقيقة الأوضاع وما يجري في البلاد من وقائع وأوضاع، وهم يعلمون حق اليقين التطورات الجارية والمخاطر المحدقة بوطنهم، فلولا قبس من ثقة مازالت في قلوبهم لما تدافعوا لاختيار رئيسهم وممثليهم في البرلمان والمجالس التشريعية الولائية وأعطوا الرئيس ونواب الشعب كامل التفويض لقيادة البلاد في هذا الظرف الدقيق من تاريخها وهو في انعطاف هائل تكون فيه أو لا تكون.
> ولعل أهم بشريات المرحلة الجديدة أن إعلان نتائج الانتخابات وإعلان فوز البشير تزامن مع انتصارات باهرة وغير مسبوقة في تاريخ البلاد على مجموعات المتمردين «حركة العدل والمساواة وبقايا من حركة أركو» القادمين من داخل أراضي دولة جنوب السودان، بعد أن تم تدريبهم وتسليحهم ومدهم بكل العتاد الحربي، وتحريضهم وتنظيم صفوفهم بواسطة الخبراء العسكريين الإسرائيليين واليوغنديين، لإحداث المفاجأة التي حلمت بها في يقظتها البائسة قوى المعارضة الخائبة الرجاء.
> قدر من الله جعل هذه الانتصارات الباهرة لصناديق الذخيرة تتلاقى وتترافق مع انتصارات صناديق الاقتراع، وفي هذا القدر حكمة ربانية أن القاهر الجبار ذا القوة المتين مد الحكم بكل أسباب التمكين وأيده بنصر من عنده، فهل سيتحمل أهل الحكم الأمانة بحقها ويؤدون الأمانة والتكليف بما يحب ربنا ويرضى؟ أم يتم التفريط والتقاعس والتخبط ويتنامى الظلم والحيف والإفساد في الأرض لتحق كلمة الله في نهاية الأمر وهو قاهر الجبارين.
> هذا امتحان صعب للغاية، تشاء إرادة الله أن يحقق لأهل الحكم نصرين في وقت واحد، ليقوي الشوكة ويرد كيد العدو المتربص ويتم نعمته على البلاد والعباد، فهل سنكون على قدر المسؤولية وهذه الأمانة، ونقبل على التكليف على تقوى من الله ورضوان؟
> ما حققته قواتنا الباسلة في جنوب دارفور، هو انتصار لإرادة الإرادة الجبارة وعزم الرجال الشجعان، فلم تكن المعارك التي دارت في محلية تلس منذ دخول قوات المتمردين عبر مناطق راجا إلى حدود السودان على متن «185» عربة مجهزة بأحدث التجهيزات والعتاد الحربي، لقد اختارت حركة العدل والمساواة قوات النخوة وصفوة مقاتليها لاختراق دارفور من جنوبها إلى شمالها، وكان هدفها هو دخول عدة مدن وتخريبها ومهاجمة القوات المسلحة على طول الطريق حتى تصل إلى مناطق شرق دارفور، وكان في حسابات هذه المجموعات المتمردة أن القوات التي تم تجهيزها وتدريبها لن يقف في طريقها شيء، وقد قامت بمناورة واسعة من حدود السودان مع الجنوب في ولاية الوحدة ثم عرجت إلى مناطق بحر العرب في منطقة سماحة، لتضليل قواتنا المسلحة بتحركات واسعة في محاور مختلفة حتى تصرف الأنظار وتشتت جهود متابعتها ومراقبة الحدود الطويلة، ثم تدخل عبر المناطق الأضعف لتحقق هدفها وتعلن عن المفاجأة التي تتحدث عنها.
> لقد كانت القوات المسلحة وقوات الدعم السريع يقظة ومنتبهة على طول الحدود التي كانت تؤمنها في تلك التخوم البعيدة والأرض الوعرة.. وكانت بالمرصاد، ولم تكن حركة العدل والمساواة ومجموعة مكونات الجبهة الثورية تعتقد أن قواتها التي تم تدريبها وتجهيزها يمكن أن تهزم هذه الهزيمة المنكرة، «وما رميت إذ رميت لكن الله رمى».. لقد كانت الخطة العسكرية لقواتنا الباسالة محكمة، فقد تم حصر هذه المجموعات واستدراجها ثم محاصرتها ومن بعد الهجوم الكاسح عليها، لتخلف حركة العدل مئات القتلى والجرحى وعشرات الأسرى، وتغنم قواتنا هذا الكم الهائل من العربات والسلاح الأمر الذي لم يحدث منذ نشوء هذا الصراع المسلح.
> لقد جعل الله النصر والفوز صنوين في يوم واحد.. وفيهما أبلغ الرسائل والعبر، فهل سنكون على قدر هذه الأمانة ونقابل نصر الله بالحمد والشكر، ونخلص له في النية العمل؟ أم نركن إلى أنفسنا نتظالم فنظلم، ونستكبر في الأرض ونخسر ديننا ودنيانا؟