عبدالله إبراهيم علي : علاقة التثاؤب بالأرق المكتسب
التثاؤب قد يكون وسيلةً فطريةً يلجأ إليها الجسم لإبقاء المخلوق مستيقظاً، وقد يكون لتنشيط عضلات القلب ومد الجسم بالنشاط، وقد يكون وسيلةً لطرد ثاني أكسيد الكربون ومد الجسم بالأكسجين، كما أن التثاؤب يعني الارتياح بعد عملية التثاؤب وقفل الفم، غير أنَ التثاؤب لايزال مجهول الأسباب ومحيرا وغامضا، ولكنه تأثير انفعالي وهو عمل لا إرادي، وفي الحياة العملية واليومية نعرف أن التثاؤب يقترن بالتعب والإرهاق، كما يقترن بالنعاس، فالتثاؤب مكروه اجتماعياً وغير مستحب أن نرى إنساناً يفتح فمه على مداه وينفث الهواء في وجوه الآخرين، كما يفسر علماء النفس أن التثاؤب دليل على الصراع بين النفس ومغالبتها للنوم من جهة، وبين الجسد وحاجته للنوم من جهةٍ أخرى، في المقابل للتثاؤب فائدة وهي تجديد الهواء وتوسيع الرئة، وظاهرة التثاؤب تقودنا إلى الأرق وهما مرتبطان مع بعض، حيث الأرق هو استعصاء النوم أو تقطيعه، والأرق مشكلة صعبة يعاني منها البعض، خصوصاً في شهر رمضان، حيث يحدث نتيجة لعدم الانتظام في مواعيد النوم، وعادة ما يزول الأرق أو التثاؤب بزوال السبب، وفي بعض الأحيان نعاني من أرق وخمول لفترة زمنية قصيرة سرعان ما يزول، وهذا النوع من الأرق يطلق عليه أرقا قصير المدى، أما الأرق الذي يستمر لشهور وهو الأرق المزمن أو الأرق المصاحب يكون أكثر تأثيراً على الشخص، إذن هناك علامات للأرق مع الشخص عند ذهابه لدوام العمل صباحاً، فيشعر بالفتور والإعياء والتثاؤب أثناء فترة عمله نهاراً خصوصاً أولئك الذين يساهرون أو يفكرون في الأشياء بعمق كبير، فيغلبهم النعاس وتظهر عليهم علامات التثاؤب، فالبعض ينام على الأقل أربع ساعات، والبعض الآخر، تسع ساعات وفئة لاتنام، وفي تقديري ثماني ساعات هي المتوسط عدد ساعات النوم في اليوم الواحد بقدر الإمكان.
ارتبط في أذهان البعض أن النوم الكثير يعود علينا بالصحة والعافية، فكلما كثر عدد ساعات النوم، تحسنت الصحة، فيخلد للنوم والراحة ليل نهار، وهنا تحضرني مقولة الفيلسوف سقراط القائلة: ثلاثة يسببنَ المرض للإنسان وهي: النوم الكثير والأكل الكثير والكلام الكثير، إذن النوم الكثير غير مرغوب فيه، حيث إن الوسطية دائماً في الأشياء الحياتية محمودة، والتوزان يعود علينا بالتمام والجمال.
غالباً ما يحتاج الشخص لبعض الوقت قبل النوم كفترة استرخاء، فالنوم لا يأتي بالقوة، فنجده ينقلب تارةً على اليمين وعلى اليسار تارةً أخرى، بعدها يغط في نومٍ عميق، فالذي يتأخر في مواعيد نومه نجده يجد صعوبة في أخذ الراحة الكاملة، وفي تقديري عندما يغلبنا النوم نتناول صحيفة نقرأها أو كتابا نطالعه، أو مصحفاً، أو سماع تلاوة للقرآن الكريم، حينها يغلبنا النعاس، ونشعر بالنوم، كما يجب الابتعاد عن التفكير في المشاكل وتناول المنبهات باستمرار قبل النوم، فهذا يساعد على الأرق، وهنا أشير على أن ما تناولتُهُ في هذا الموضوع هو الأرق الناتج عن الأسباب السلوكية البيئية، ولم أتناول مسببات الأرق من الناحية النفسية، كما يجب أن نذهب مسرعين إلى فراش النوم متى شعرنا بالنعاس.
وفي دراسةٍ علمية قرأتُها، عرفت أنَ القرودَ الكبيرة فقط تتثاءب كالإنسان، ولكن صغار القرود لا تتثاءب أمام كبار القرود، وكذلك لا تتثاءب أنثى القرد أمام زوجها، وظاهرة امتناع صغار القرود والإناث عن التثاؤب أمام رب الأسرة حيرت المتخصصين، ولله في خلقه شئون، فمن الأدب أن نتثاءب جنباً حين نتحدث مع الآخرين، أو نغطي أفواهنا عندما نتثاءب .