حسين خوجلي

هوى عرش الجمال عن المحيّا ..


> يتقلص الأكل الطازج وتمتلئ القنوات بالمأكولات المعلّبة والمعطوبة وفاقدة الصلاحية.. يمكننا الآن أن نقول بمنتهى الشفافية أننا شعبٌ معطوب البطون ومعطوب العقول..

> إن تُعين وزيراً فهذه (وطنية) وأن يقرأ أطفالك في المدارس الخاصة، وأن تتعالج في المستشفيات الفاخرة، وأن تحج بمال الحكومة فهذه (امتيازات)..!!

> رُوي أن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى، أنه لما رجع من صفين ودخل على أوائل الكوفة رأى قبراً، فقال: قبر من هذا؟ فقالوا: قبر «خباب بن الأرت» فوقف عليه وقال:رحم الله خباباً أسلم راغباً وهاجر طائعاً وعاش مجاهداً وابتلى في جسمه آخراً، ألا وإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا. ثم مشى فإذا هو بقبور فجاء حتى وقف عليها وقال: السلام عليكم أهل الديار الموحشة، والمحال المقفرة، أنتم لنا سلف ونحن لكم تبع.. وبكم عما قليل لاحقون. اللهم اغفر لنا وتجاوز عنا وعنهم. طوبى لمن ذكر المعاد وعمل ليوم الحساب وقنع بالكفاف ورضي الله عنه تعالى. ثم قال: يا أهل القبور أما الأزواج فقد نكحت، وأما الديار فقد سكنت وأما الأموال فقد قسمت، وهذا ما عندنا فما عندكم؟ ثم التفت إلى أصحابه وقال: أما إنهم لو تكلموا لقالوا: وجدنا خير الزاد التقوى.

> لكل عاصمة ظريف، ومن ظرفاء بغداد أبا العيناء وكان ضريراً سلّم عليه أحد الناس فلم يعرفه فقال له من أنت؟ فقال له وهو يمازحه «من بني آدم»! فتعلق به ابو العيناء وقال له «مرحباً بك.. كنت أظن أن هذا النسل قد أنقطع .

> ولشعراء الشام اشعار رصينة ولاذعة ولطيفة في ذم التبرّج ولبس «البكيني» «وجكسا في خط ستة»واحسب انها للقروي :

لحدِّ الرُكبتين تشمرينا

بربك اي نهر تعبرينا

مضى الخلل حين الساق امست

تطوّقها عيون الناظرينا

هوى عرش الجمال عن المحيّا

الى الاقدام فاستهوى العيونا

كان الثوب ظلاً في صباح

يزيد تقلُّصاً حيناً فحينا

تظنّين الرجالَ بلا شعور

لانك ربما لا تشعرينا

وليس بعاصمٍ عقلاً ودينا

فكم سلب الهوى عقلاً ودينا

وماذا ينفع التهذيب نفساً

تحارب فيك ابليس اللعينا

فيا ليت الحجاب هوى فأمسى

يردُّ الساق عنّا لا الجبينا

‏> ومن روائع احمد محمد الشيخ الجاغريو ما يبعث على الابتسام المغسول بالدمع في «بنوت الزمن»

يا حليل الكان كلامن ومشْيَتِن بي روقة

الكان نادر الفيهن تشوفه مروقه

في قديمه العدم عينيها ديمة طروقة

لي جاراتا ان مرقت مشت مسروقة

طلعن في الطريق سافرات بكل صراحة

نسن الحشمة في زمن الدروس والراحة

ما دام الواحدة من وليانه لاقيه براحة

ما تلوموها ان لفت مع الطراحة

ترى ماذا سيقول الجاغريو لو رأى زمان عهر الزواج السري والعرفي وزواج السندوتش وزمان النصف ساعة FREE وخلوة «اللاب توب»

> استمعت لسياسي عالي الصوت، قليل الأداء بلا سخاء وبلا جمهور، يضم نفسه اختلاقاً لمعسكر الناس والجماهير، فتذكرت إدعاء القرادة: (إنها والجمل جابوا العيش من قضروف سعد).

> حاولت أن أقنعه ألا يزور الأسواق صباحاً ولكنه أصر (والمكتولة ما بتسمع الصايحة).

أخيراً إضطر أن يشرب نصف دستة من أكواب الكركدي الملوث لمجابهة درجة الحرارة التي لا تحتمل. واضطر ألا يصلّي الظهر لأنه لا حمامات ولا (وضايات) ولا ماء ولا تراب طهور للتيمم اضطر أن يتبول على رجليه لأن داء السكري لا ينتظر. ركب مع صاحب رقشة واضطر أن يدفع له ثمن المشوار والديتول..

> تم عقد القران وتم تجهيز بيت الزوجية وقامت المدينة بالفرح ولم تقعد حتي هذا اليوم (وقبض الجميع) قبض اهل المغني واهل الملهي واهل الحديقة واهل المآدب .

وتحدث كل الناس وكل الحضور عن سعادتهم الموثقة بالزواج السعيد. ذهبوا كلهم وبقي العريس حائرا هو وحده الذي لم يحدثه أحد عن الزواج وفقه الزواج وكيف يبدأ السطر الاول في «لتسكنوا إليها» .

> كل المؤسسات والوزارات والقيادات السودانية قلبها على جناح طائر.. وأعينها زائغة تلفت منها القلب والهاجس .. كلما سمعت صوتاً طارت وكلما سمعت نقداً فارت.. ولا يوصي أحد (بالثبات) لأن (التقلة) صنعة والتريث تلقائية.. وكيف ذلك وكل شئ سائل.. السياسة والقانون والاقتصاد والناس.. فالقلق في كل شئ في الدنيا.. أما الدين فحدث ولا حرج.

> قال معاوية يوماً: إنّ أرضنا أرض مقدسة.. فقال بنو صوحان: إنّ الأرض لا يقدسها شيء ولا ينجسها شيء، وإنما تقدسها الأعمال.

> الحركة السياسية والفكرية يجب أن تدرب نفسها روحياً ومعنوياً على نعماء ووعثاء الحكومة، مثل تعلمها على فقر وشظف المعارضة.

فإذا كانت «السيارة» هي «مبرومة الحشا الميها التخينة أم بو».. تلك الأنيقة الرشيقة، فإن شعار المرحلة سيكون:

يوم مجنبين ماسكين نقيب الهو

ويوم في ليلة يابسين فوق سروجن كو

مبرومة الحشا الميها التخينة أم بو

يوم بنجيها نازلين زي صقور الجو

> بالله عليكم خلونا (نكمل البوش دا) والشاي الأحمر ونتراوح أهلنا وما في زول (كائناً من كان) يجيب سيرة مشروع الجزيرة أو الكنال أو الكنابي أو الكبابي..

(مقطع من اجتماع سري للجنة علنية لمناقشة كتاب الحريرة والضريرة في مناقب السيرة الخطيرة لمشروع الجزيرة.

> المرجعية العربية السلطوية في مجال الأفكار والسياسة والاقتصاد والدفاع والأمن والشأن الخارجي تجد عسراً شديداً في كسب وُد الجماهير أو إقناعها بعد أن تعرضت هذه المرجعية لفقر دم رهيب في الصدقية والجدية والأعمال والأفكار المرتبطة بالاستراتيجيات.

فلم يعد المواطن العربي ما بين الخليج والمحيط يصدق حديث وزراء المالية حول الميزانية والسياسات ونسب النمو وانخفاض التضخم. فالأغلبية من الناس لا تقرأ مثل هذه الأخبار في الصحف ولا تستمع لها من التلفاز والإذاعة بل إنها تعتبر أن برامجها وصفحاتها في الصحف هي مجرد مساحات فقيرة ومضجرة لاستقطاب الإعلان ولاسترضاء بعض التكنوقراط.. بل إن بعض الصحفيين يتجهون لمثل هذه المساحات غير المقروءة لأنهم باختصار لم ينجحوا في الصحافة الرياضية أو الفنية إلا من رحم ربي.. والإنسان العربي أيضاً يعتبر أن الفتاوى التي تخرج من تحت ألسنة وزراء الأوقاف العرب ومن إمام المسجد الذي يصلي فيه الرسميون ولجنة فتوى الدولة هي مجرد حصص في الدين المتفق عليه صُنعت خصيصاً لتدغدغ مسامع الجماهير ولا تزلزل الأرض تحت أرجل السلاطين الذين لهم العذر وهم يصادقون المستعمر وهم يشاركونه وهم يقاسمونه وهم يسمحون لأحذيته أن تمشي فوق مناكبهم ونكباتنا.

وليس هذا الاكتشاف القارص هو من حق الطبقة الوسطى أو البرجوازية أو ظرفاء التكنوقراط.. بل إنه اكتشاف معرفي يعلمه كل الدهماء والعامة والمسحوقين.. ويطبقه – رفضاً – الآن في ميادين الثورات، الشباب العربي الذي بلغ به الغُبن حد الانفجار.