الكهرباء والحلول المنتظرة..
> قبل أسابيع، كان محدثنا وهو موظف كبير بالكهرباء، يحذر من صيف قاسٍ هذا العام، نتيجة لأعطال متوقعة وارتفاع كلفة الإنتاج والتوليد الحراري والمائي، واحتمالات أعطاب ستكرر، ولم تمضِ إلا بعضة أسابيع حتي حدثت برمجة القطوعات، ثم حلت بالبلاد طامة كبرى استمرت لساعات انقطع فيها التيار الكهربائي عن الشبكة القومية، وفزع الناس انتشرت التأويلات والتخمينات ولم تقطع الوزارة المعنية وشركاتها سيل البيانات والتطمينات حتي عاد التيار بعد ساعات طويلة وتنفس الجميع الصعداء..
> ما حدث أول أمس أعاد للمواطنين ذكرى فترات لا يود أحد تذكرها، أيام كانت الكهرباء مبرمجة والقطوعات كثيرة والسأم يفرد جناحيه على العاصمة ومدن وحواضر الولايات المختلفة، فالكهرباء صارت هي عصب وملح الحياة ولا غنى عنها ولو لساعة او دقائق معدودات، ومع تطور الحياة المدنية هي بمثابة الروح في جسد الدوران اليومي لعجلة الزمن، ولا يمكن تصور الحياة وانتظامها بدونها، إلا وصارت جحيمها لا يطاق..
> والعطل المفاجئ أول من أمس، نبه الجميع وخاصة الحكومة ووزارة الكهرباء وشركاتها العاملة في مجالات التوليد والنقل والتوزيع، الى أهمية المتابعة ووضع الحلول العاجلة ومنع تكرار ما حدث، مع العلم إن قطاع الكهرباء يتطلب وفورات مالية بشكل مستدام لمقابة الصيانات ومعالجة الأعطال وتوفير الاحتياجات والمستلزمات الضرورية لاستقرار الإمداد الكهربائي.. فالأعطال إن تراكمت وتركت بحجة البحث عن موارد عاجلة لإصلاحها، ستسهم مباشرة في تدحرج هذا القطاع بسرعة متراجعاً للوراء..
> والذي يقلق بالفعل، هو الشعور العام لدى كثير من الناس، بعدم إعطاء هذا الموضوع أهميته القصوى من بعض الجهات في الدولة، وهي تعتقد أن وزارة الكهرباء تمتلك الموارد وتستطيع مقابلة كل احتياجاتها بنفسها، فقطاع الكهرباء في جمهورية مصر الذي أهمل لسنوات في عهد مبارك وما بعد الثورة المصرية في 25 يناير وحتي اليوم شهد نتيجة للإهمال وسوء التقدير تراجعاً مخيفاً، وبات يحتاج لمبالغ ضخمة تصل الى خمسة عشر مليار دولار والى فترة زمنية قد تصل الى سبع سنوات حتي يتطور ويتم فيه الإصلاح الشامل ويصبح قادراً على مواجهة الاحتياج المتزايد للطاقة الكهربائية التي تغطي كل الحياة في بلد مثل مصر..
> فلا غنى عن المتابعة والتطوير المستمر لهذا القطاع عندنا وهو يتمدد كل يوم، فهناك مشروعات قيد الإنشاء مثل محطة الفولة وهناك توسعة ومحطات توليد جديدة ستدخل الخدمة بعد سنوات مثل سد ستيت، والربط الشبكي مع الجارة إثيوبيا، فكل هذه مشروعات إستراتيجية، يقابلها توسع في الشبكة نفسها وانتظار دخول ولايات دارفور للشبكة القومية وامتدادات المدن قي ولايات البلاد المختلفة..
> على الدولة أن تعي وبسرعة جرس الانذار وقرعه ورنينه أول أمس، لابد من العمل المستمر على ترقية قطاع الكهرباء ومعالجة كل مشكلاته، فعطل بسيط مثل الذي حدث في الخط الناقل من سد مروي، جعل البلاد كلها تقف على قدم واحدة، يجب أن تكون هناك بدائل أخرى وتعدد مصادر الطاقة واللجوء الى خيارات كثيرة. فدول مثل الإمارات العربية المتحدة والصين وألمانيا وإريتريا، تعمل بجد واجتهاد في تنويع مصادر الطاقة ويجري تطوير قطاعاتها لتشمل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ونحن نمتلك في هذين المجالين فرصاً أفضل من غيرنا نستطيع بهما توفير حاجتنا منه وتصدير ما تبقى، وهذه ليست مشروعات كالأحلام، بل هي بدائل لأزمة وضرورية يتوجب العمل من أجلها حتي لا تدهمنا مداهمات كثر..