(حتى انتوا يا سودانيين ..بعد ما زهزت معاكو كدا ..رجعتوا تاني تشحنوا العدس والرز والتونا)
تخفيضات ..تخفيضات ..واحيانا تجدها مكتوبة بالانجليزية (sale) ..اللافتات في كل منعطف ومنحدر ومرتفع وشارع ..تخفيضات في الملابس والاحذية والاواني وحتى انواع الاثاث..تقول لي صديقتي ..دائما ما تاتي الى السعودية في موسم التخفيضات …وأقول لها ..اتي في موسم الاجازة المدرسية والحظ فقط يجعلها توافق التخفيضات …دلفت الى ذلك المحل التجاري الكبير ..لافتات التخفيضات تملأ الجدران ..كذلك تزاحم الوافدين ينبئك ان هناك غنيمة في الداخل …الألبسة معلقة في شكل دائري ..اجد نفسي بين مجموعة من المصريات وهن يتحدثن مع بعضهن البعض ..(بأولك ايه يا ماقدة ..والنبي تشوفي لي معاكي مأس نمرة عشرة للواد حمادة ..مش لاقياه قنبى)…تبحث ماجدة ..واجد نفسي ابحث معهن عن مقاس حمادة فقط لكي ينفض السامر واستعيد التركيز ..وجدته ومددت لها بالتي شيرت …ابتسمت وشكرتني ..ثم قالت (الاخت سودانية ..مش كدا) ..هززت رأسي وقلت (الحمد لله)..بدأت تتكلم معي وتركت صديقتها (ماقدة)..قلت لها (غريبة انكم تشتروا ملابس من السعودية ..كانت عندي جارتي مصرية ..تقول ان الملابس في مصر أحسن وأرخص)… وكأنني فتحت قمقما ..خرج منه مارد الكلام ..فقد بدات تتحسر وتنوح على زمن كان فيه كل شئ متوفر ورخيص (مش عارفة ايه اللى حصل ..كل حاجة بأت مولعه نااااار) …(ربنا يصلح الحال ) كان هذا ردي …ثم سمعتها تقول لي (حتى انتوا يا سودانيين ..بعد ما زهزت معاكو كدا وبقيتوا ما تاخدوش حاجة معاكو ..رجعتوا تاني تشحنوا العدس والرز والتونا ..دا ايه اللى حصل لينا دا يا أخواتي )…لا ادري ما الذي جعلني أذكر قصة قصيرة لنجيب محفوظ …لا استحضر اسمها ..ولكن تحكي عن مجموعة من الازواج يجتمعون في اول خميس من كل شهر في منزل احدهم ليستمعوا الى اغنية ام كلثوم الراتبة في ذلك الوقت …تجتمع النساء لوحدهن والرجال لوحدهم …ثم تبدأ النقاشات حول السياسة والكرة في الجانب الذكوري …وحول العيال والمدارس وغلاء المعيشة …وصوت ام كلثوم في الخلفية …لا احد يستمع او يستمتع… ولكن كل فترة من الزمن ..يتنهد احدهم قائلا باعجاب (الله يا ست )..هل هناك علاقة؟؟ ام ان أفكاري أختلطت في بعضها؟؟ …هؤلاء الساسة والذين يمسكون خيوط اللعبة يأيديهم ..لا يعلمون ان قراراتهم التي يتخذونها بليل ..تنعكس علينا مباشرة ..فتجدنا وقد فقدنا حس المتعة بأي شئ …ونسينا طعم الفرحة ..تتساوى عندنا الاشياء ..تجدنا مغيبين ونحن نستمع الى الغناء ..او نذهب الى التسوق …نحيا ..ولا نعيش الحياة …كنت اتجول معها وهي تحكي عن سنوات خلت.. كانت فيها مصر امنة مطمئنة ..وكان كل شئ رخيصا و(المواصلات فااااااضية)…وكان عقلي يسترجع عهودا مضت كان السودان فيه خيرا ..طيبا… لا يلفظ بنيه ..ولكنا وصلنا حد ان تصبح الهجرة سدرة منتهى احلام الشباب هربا من جحيم الواقع وخوفا من وأد الامنيات … انتبهت على قولها (انت اسمك ايه ..معليش الكلام خدنا وما عرفتكيش )..ولكني بدلا عن ذكر اسمي …سمعت نفسي اتنهد قائلة (الله يا ست)….وووصباحكم خير
د. ناهد قرناص
عدم الشغلة بعلم المشاط
وانت الصادق، وقبل كدا أنا قلت الأستاذة دي ما عندها موضوع نهائي
ما عندها اي موضوع قادانا قد
وانا كل ما القى ليها مقال ما عندي ليها غير تعليق واحد بس
((عدم الشغلة بعلم المشاط))
ولو لاقيتا يوم في شارع من شوارع الدمام دي برضو ح اقول ليها الكلام ده
هع هع هع
لك التحايا يا ست الناس
رجعنا لزمن جاء فيه مواطن عربي إلى الخرطوم وعندما فتح موظفو الجمارك حقيبته وجدوا بها خبزا .. ولما سألوا عن حقيقة هذا الخبز .. قال زوجتي وضعته لي باعتبار أن السودان يعاني من أزمة خبز … العام الماضي تأخرت شحنتي من المواد التموينية فاضطررت لشراء زيت ـ بسمة ـ للطبخ حتى تصل حمولتي .. ولكن عينك ما تشوف النور ـ سوري أنفك ما يشم إلا … ـ فقد انطلقت منه رائحة عفنة وكأنه زيت حيوان نافق .. رميته في القمامة محتسبا ما دفعته فيه من مال … نحن نشحن كل مستلزماتنا في الإجازة ونصل أرحامنا بما نستطيع منها … ولا تقل لي ماذا ستفعل بعد ما ترجع للسودان .. أقول لك .. عندما تكون مقيما بالسودان تكتسب مهارة في تجاوز المطبات وتعرف من أين تؤكل الكتف … ولكن غياب سنة يجعلك فاقد بوصلة في زمن أصبح فيه الناس يقيمون مصانعا للزيت الراجع .. ومعاملا لتعبئة اللحوم الفاسدة … ومخابزا للرغيف المسرطن … ومعارضا للإلبان المعالجة بالبنسلين وماخفي أعظم … لسنا بأفضل من أهلنا الذين يتنفسون هذه السموم .. وكان من الممكن أن نقاسمهم شرها .. لكننا راينا أنه من الأفضل أن يشعروا بشيء من التغيير عند حضورنا إليهم .. وأن يعرفوا أن هناك عالما مختلفا عن العالم الذين يعيشونه حتى لا يألفوه … ختاما أقول: حسبى الله ونعم الوكيل