خالد حسن كسلا : «حميدة» و «أبو قردة» طبيعة التحدي مؤسسية!!
> قلنا إن صاحب أغنية «الجريدة» التي يؤديها الفنان محمد الأمين «ود اللمين» بالتسمية الشعبية.. قد جاء تعيينه رئيساً للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات تكريماً مستحقاً له، فالشاعر أولاً ثم الصحافي ثانياً الأستاذ فضل الله محمد، قد نظم أغنية «الجريدة» ثم عمل في الجرائد وكأنما صاحب تلك الجريدة في الأغنية طبعاً قد لفتت مزاجه إلى أن يكون ضمن محرري الصحف رغم أن خبره الأهم ــ في الأغنية طبعاً ــ لم يكن للنشر:
سارحة مالك يا وحيدة
بقرأ في عيونك حياتي
وإنتي مشغولة بجريدة
عندي ليك خبر أهم
وجايبو بي أشواق شديدة
> الملفات التي سلمها جاسوس الخارجية السودانية إلى أحد عناصر المخابرات الأمريكية.. وقرأها الأخير وقرأتها الخارجية لن تجد فيها ما يفيدها غير أن الحكومة الإسلامية في السودان يمكن أن تستعين في دوائر أسرارها بغير الإسلاميين.. أو أن غير الإسلاميين يمكن أن يتمكنوا من كشف أسرار الدولة. لكن هل البلاد تحتاج إلى «مراجعة تنفيذية» اذا جاز التعبير بعد اختيار اصطاف المؤسسات الحساسة التي تتربص بها القوى الأجنبية والإقليمية والمحلية؟! الحكومة إسلامية نعم، لكن رغم ذلك لا تضع قوله تعالى: «خذوا حذركم» مبدأً للحفاظ على أسرارها. وبعد أن وقع الفأس في أحد رؤوس الدولة نقول قوله تعالى: «خذوا حذركم».. حفاظاً على بقية الرؤوس من فأس التآمر.
> هل من الضروري أن نتناول كل يوم في الصحافة السودانية في غير صفحات الأخبار والإعلانات إذا وجدت قضايا جنوب السودان الإجمالية والتفصيلية بعد أن انفصل الجنوب وذهب في حاله؟!. لقد وضعنا باقان أموم وهو يتحدث عن مشاعر حب في قلبه تجاه الطيب مصطفى، ويحدثنا عن أن دولة الجنوب فاشلة بعد أن وصف بالفشل السودان دون الجنوب، طبعاً قبل الانفصال، لأن في ذلك الوقت كان إدخال اتفاقية نيفاشا حيز التنفيذ يعني أن الانفصال العملي الفعلي قد سبق الانفصال المعلن الذي لم يزد شيئاً على العملي غير المعلن إلا توفير استحقاق عضوية الأمم المتحدة، لقد وضعنا باقان في حالة أغنية عثمان مصطفى، فقد انفصل الجنوب وعمّق الجفوة مع السودان بدعم التمرد الدارفوري ودعم قوات قطاع الشمال لاستئناف التمرد الذي مفترض أن تكون حسمته اتفاقية نيفاشا، ونغني في وجه باقان:
رحت في حالك نسيتني
واعتبرت الماضي فات
لما إنت خلاص جفيتني
ليه بتحكي الذكريات!؟
> أما الحركة الشعبية لتحرير السودان فإنها من خلال الأمين العام الدكتورة آن إيتو التي خلفت باقان في هذا المنصب بعد أن كانت نائبة له، فقد جعلت باقان أموم هذا السياسي الصقر الشرس حملاً وديعاً إلى جانبها، فقد رشح في الأخبار أنها رصدت مبالغ مالية لاغتيال العميد المنشق «مارتن كيني» لأنه انضم للمعارضة بعد انشقاقه من صفوف الحركة الشعبية لتحرير السودان.
لكن هل انشقاق مارتن كيني أصاب الحركة وحكومة جوبا بأشد وأكبر مما أصابها به خروج رياك مشار وإعلان الحرب؟! وهل خروج مارتن أوجع من خروج مشار؟! وهل تقديرات الحركة الشعبية بقيادة سلفا كير والمرأة النارية آن إيتو ــ رغم انها طبيبة ــ أن يكون التفاوض مع مشار ويكون الاغتيال لمارتن كيني؟! إذن هذا يفسر أن خروج مشار وحمله السلاح لا يشكل كارثة أمنية وسياسية لحكومة جوبا، وإلا ما كانت إقالته من منصبه من البداية، لكن يبدو أن انشقاق مارتن عند سلفا كير والدكتورة الشرسة آن إيتو مثل عدول جون قرنق عن انفصال الجنوب ودعمه للوحدة إعلامياً عند الرئيس اليوغندي يوري موسفيني. أي أن مارتن كيني يريدون اغتياله لإزالة ما يحمله في جعبته أو حسابه. فهو شخصية قوية في ذاتها وليس في اكتساب الولاءات القبلية، لذلك كانت فكرة التصفية مناسبة معه بخلاف شخصية تحرك قبيلتها بالإشارة مثل رياك مشار صاحب «عصا الحكم الكجورية».
> مأمون حميدة يتحدى قرارات أبو قردة بالدستور الذي قرأه والتزم به «أبو قردة»، فالمقام هنا ليس مقام نفوذ حركات مسلحة أو قبيلة مستعدة للقتال.. المقام مقام احترام مؤسسات دولة تخضع لدستور وقوانين.. إذن التحدي مؤسسي في طبيعته.
غداً نلتقي بإذن الله.