مقالات متنوعة

خالد حسن كسلا : «صديق الشيخ».. عوداً حميداً

أهم ما في انتخاب نائب والي الخرطوم المنصرف المهندس الصديق محمد علي الشيخ لرئاسة المجلس التشريعي لولاية الخرطوم «برلمان الخرطوم» هو إشارته في حديثه الثلاثاء الماضي في أجواء انتخابه الى إلمامه بأغلب ما يتصل بأروقة هذا الجهاز التشريعي.. حيث قال بأنه على علم بكثير من واقع المجلس التشريعي لأنه أتى من مؤسسة تنفيذية وكان نائباً لوالي الخرطوم. أما ما تحدث عنه من بشاراته التي يحملها للحياة التشريعية في ولاية الخرطوم في المرحلة القادمة هو أن يعمل المجلس على التشريع والمبادرة في كل المواقف، أي أن مؤسسات وأسواق ومحطات تعكس آثارها السلبية على مجتمع الولاية ستواجه بالقوانين واللوائح التي تكفل حماية المواطن من أضرارها مثل «التبغ» والأغذية الملوثة واكتظاظ الناس في طريق واحد وهم يتجهون صباح مساء إلى مواقف مواصلاتهم عبره.. رغم عشرات الطرق المتوفرة حوله. لم تكن هذه البشارة من رئيس المجلس التشريعي المنتخب مجرد حديث يناسب اللحظة التي كان يتحدث فيها، بل عزز ما بشّر به بأن يجعل صوت المجلس هو الأعلى دائماً. وفي ذات السياق لم ينس أن يشكر الإعلام. والباشمهندس صديق الشيخ يبدو أنه سيستبق نقد الصحافة لأداء الجهاز التنفيذي بولاية الخرطوم. وهذا يعني أن تنشغل الصحافة بما سيقصر فيه المجلس، وهي ترصد وتراقب تعامله مع القصور والأخطاء في حكومة الولاية. فهي حكومة خدمات وفي كل يوم تزيد احتياجات الناس إلى الخدمات بزيادة القادمين إلى الولاية «المغنطيسية» من الولايات الأخرى الطاردة بسبب اختزال كل الحكومات للسودان في ولاية الخرطوم. إذن المسؤولية التشريعية والرقابية في ولاية الخرطوم كبيرة جداً وضخمة.. لكن يمكن أن يتحملها مجلس تشريعي على رأسه شيخ عرب وأحد أبناء قبائل الولاية مثل المهندس الصديق الشيخ. فهو متشرب من حكم أهله النظار والعمد والشيوخ ومستقي خبرة العمل التنفيذي. لذلك لا خوف عليه ولا منه ولا هو يحزن ولا المواطن في الولاية حينما تسند له بالانتخاب المرضي مسؤولية التشريع والرقابة في «ولاية استقبال المواطنين والأجانب» على مدى الأيام. والمهندس الصديق سيعمل مع أعضاء من مختلف التيارات والاتجاهات تجمعهم بطاقة الوطن الواحد. سيعمل مع أعضاء من أحزاب الاتحادي الديمقراطي والاتحادي الديمقراطي الأصل والأمة الفيدرالي وجماعة أنصار السنة المحمدية، بل وحتى ما تسمى حركة اللجان الثورية، وهي من مخلفات نظام القذافي خارج ليبيا، لكن الديمقراطية الصادقة في السودان ماعونها واسع وقد وسع حتى بعض الأحزاب التي تنهل أفكارها من ينابيع الفلسفات الالحادية. ورغم ذلك هناك من كان يتحمس للتحريض على مقاطعة الانتخابات لأنها في اعتقاده محسومة لصالح المؤتمر الوطني. لكن ما ذنب المؤتمر الوطني إذا كان قد كسب عضوية كبيرة؟! وهل مطلوب منه أن يتنازل من حقه المكتسب هذا؟!. ثم كيف هي الحسابات السياسية للمقاطعين؟!. فقد رفعت مليشيات الأحزاب التي حلتها بعد جلوس قرنق مع الحكومة فكانت قد رفعت السلاح لإسقاط النظام وفشلت، وهي يمكن أن تقول بأن سبب الفشل عدم التمويل الكافي والخلافات، لكن عادت هذه الأحزاب إلى الداخل وتركت وراء ظهورها مليشيات الأمة وفتح والتحالف ومجد، وبعد عودتها تريد إسقاط النظام بتحريك الشعب، والسؤال هنا أين كان الشعب قبل حل هذه المليشيات؟!. هل غاب عن الوطن وعاد لذلك لم يعد للأحزاب حاجة إلى مليشياتها؟!. ان ما تنبأ به الصادق المهدي قد حدث بالفعل. سبق أن قال بأن الديمقراطية عائدة وراجحة. وبالفعل عادت، لكن حسب التطورات لم تعد معها زعامات الأمس. ويكفي عودتها هي.. فقد عادت هنا في ولاية الخرطوم بالمهندس الصديق الشيخ.. وعوداً حميداً. غداً نلتقي بإذن الله.