حسين خوجلي

وللهمس هتـــــــاف..!!!


(1)
قلت له لماذا أنت زاهد في ترؤس النقابة وأنت نقابي قديم؟
قال في ابتسامة ساخرة هي أقرب الى البكاء.. لم استطع أن افيد بها قاعدتي قديماً ولم استطع أن افيد بها الوطن فابتعدت.. ولأن نصيحتي لن يسمعها أحد إلا بعد التجريب، فلن أثني أحداً عنها ولكني سأضم صوتي لصوت الملايين.. أن كل مؤسساتنا في السودان تحتاج لإعادة هيكلة من القاعدة الى القمة.. وإنتاج وتنمية نستحق عليها المطالب والاضرابات.
(2)
قال لي أحد الاخوة العرب.. الآن عرفت لماذا تهزمون في الجنوب وتفصلونه والغرب بالانفلات وتهزمون في قضايا التنمية والإصلاح الإداري وقلة الاستفادة من الموارد ويهزمكم الآخر بالوجود القبيح والمكشوف وبالابتزاز قلت له كيف؟
قال لأن الذي يستورد طعامه ويملك كل هذه الموارد يستحق الهزيمة.
ولأن الذي يملك كل هذه الأرض ويبقيها قاحلة رغم ماء الأنهار وماء الأمطار يستحق جرأة الاستعمار ويستحق الطمع في الذي بين يديه.. قلت والغرب؟ قال: أما هؤلاء فقد أصبحوا حالة لا تستحق قصائد المدح ولا قصائد الهجاء لقد صاروا حالة مسكوت عنها.. حالة ميئوس منها بفقه المذاهب الأربعة. أنهم مثلكم يعانون من رهق استيراد الموز من البرازيل.
(3)
قال لهم الخفير القرآني الحافظ بعد أن أكملوا بيتهم الفخيم: لماذا لا تستقرون وكيف تذهبون وتتركون أبناءكم المراهقين بلا رعاية هم في الجامعات وأنتم تكنسون دولارات الاغتراب؟!
أجابته الأم ووافقها الأب: ثلاثة أعوام فقط يا عم فضل السيد ونعود نهائياً.. وفعلاً عادوا بمئات الآلاف من الدولارات انفقوا نصفها في علاج الصبي الأول والوسيط من الإدمان وصرفوا النصف الآخر في زواج ابنتهم. أو بالأحرى بيعها لتغطية تمردها وحديث الناس.
ولم يستطيعا أن يقولا كلمة واحدة للخفير المسكين.. ولم يستطع هو أن يقول لهم كلمة ولكن العبارة الوحيدة التي كانت متداولة في عالم الصمت هي العبارة التي أخرجها اجهاض التأزم (صدقوا القالوا القلم ما بزيل بلم).
وما بزيل ألم
وأكملها مغني طمبور ذكي الى أغنية سوف تكتسح الأسواق قريباً.
(4)
كل الأحزاب السودانية من الشعبي إلى الشيوعي مروراً بوسط اليمين ويسار الوسط مع الذين لم يجدوا مساحة من جغرافيا وتأريخ السياسة، كل هؤلاء غارقون في أدبيات الوصف لمريض في التسعين وهذه تذكرني بظريف أم درمان الذي أراد أن يحصل على شهادة الوفاة لأمه بعد أن أعلن المذياع الخبر وحدد زمان الدفن وأصبح الوقت ضيقاً، وطبيب الامتياز يقوم بعمله بكل التفصيلات المملة الاسم والسكن والحارة والهاتف والعمر.. هنا فقد الابن الصبر وتعالى صوته: يا أخي ما قلنا ليك عمرها 96 عاماً.. فعاد الطبيب لتفاصيل الملف وما هو سبب الوفاة.. هنا عيل الصبر ووصل صراخ الهياج قمته وأطلق الظريف الوصف الأوقع يا دكتور أكتب (انكسر فيها نزيف)!!!
وهل يحتاج ابن التسعين إلى سبب للوفاة والرحيل من دنيا تعج بالأسلحة الأمريكية والخبرات الصهيونية والسماد الإغريقي وفساد أولاد ولا مبالاتهم؟!!
(5)
* قال لي وهل هنالك أي قيمة للمتنبئ غير القيمة الإبداعية؟
قلت له إن القيمة الإبداعية عند أحمد بن الحسين راسخة وسامقة ولكن قيمته الفكرية في التعبير عن المراحل أرسخ وأكثر سموقاً.
(المتنبيء) هو الذي يصنع (المين شيت) لذراري المسلمين في كل عصورهم ما يعد إنتصار وإنكسار.
قال وما هو الخط الرئيسي الذي تقترحه للراهن هذه الأيام
صمت هنيهة وقلت
الحزن يقلق والتجمل يروعُ
والدمع بينهما عصي طيّع
يتنازعان دموع عين مسهد
هذا يجيء بها وهذا يرجعُ