احلام مستغانمي

يد أُعِدّت لإطلاق الرصاص


كان الحبّ أفضل حالًا يوم كان الحمام ساعي بريد يحمل رسائل العشّاق. كم من الأشواق اغتالها الجوّال وهو يقرّب المسافات، نسيَ الناس تلك اللهفة التي كان العشّاق ينتظرون بها ساعي بريد، وأيّ حدث جلل أن يخطّ المرء «أحبّك» بيده. أيّ سعادة وأيّ مجازفة أن يحتفظ المرء برسالة حبّ إلى آخر العمر. اليوم، «أحبّك» قابلة للمحو بكبسة زرّ. هي لا تعيش إلّا دقيقة.. ولا تكلّفك إلّا فلسًا!
لا رغبة لها في أن تحكي كم يُمكن لكلمة «أحبّك» أن تكون أحيانًا مكلفة، عندما تُكتب على ورقة.
كذلك التلميذ الذي نقلت الصحافة الجزائريّة قبل سنتين قصّته. كان المسكين قد اقترف جرم كتابة «أحبّك» على ورقة، ووضعها على طاولة زميلة له في الصفّ. وما إن وقع الأستاذ على الورقة، حتّى ألغى الدرس وأعلن حالة استنفار بحثًا عن صاحب الرسالة. أمام إنكار الجميع أن يكونوا من كتبوها، راح يودّي دور شرلوك هولمز مدقّقًا في أربعين نسخة لكلمة «أحبّك»، طلب من التلاميذ كتابتها وإحضارها إلى مكتبه لمقارنتها.
انتهى التدقيق المجهري بعثوره على الجاني، الذي أصيب بحالة فزع بعد توبيخه وضربه في حضرة أترابه، أمّا المدير فقد رفع سقف العقاب حدّ استدعاء أهله لإخبارهم أنّ ابنهم مطرود من المدرسة لسوء أخلاقه!
أثارت الحادثة يومذاك جدلًا لدى زملائها. جلّهم وافق الأستاذ في إدارته قضيّة «الجرم» الذي ارتكبه تلميذ لم يبلغ بعد سنّ الرشد العاطفي. أرادوه في الثانية عشرة من العمر، عِبرة لباقي التلاميذ منعًا لعدوى الانفلات الأخلاقي.
وحده مصطفى كان من رأيها.
قال بأسى:
_سيكون صعبًا على هذا الفتى أو أترابه أن يكتبوا بعد اليوم هذه الكلمة.. أو أن يقولوها في حياتهم لأحد!
بعد أيّام، حين نقلت الصحافة أخبار مذبحة بن طلحة التي نحر فيها الإرهابيّون 500 قروي، علّق مصطفى بحزن:
_من صفّ ذلك الأستاذ سيتخرّج فوج القتلة القادمين. إنّ اليد التي تُعاقَب لأنّها كتبت كلمة أحبّك إنّما هي يد أُعِدّت لإطلاق الرصاص.
” الأسود يليق بك ”


تعليق واحد

  1. ماهو البديل لكلمة احبك التى تم خنقها ؟؟؟؟؟؟ بالطبع هى اكرهك ابغضك لااطيقك وسوف اقتلك !!!!!!! وهذا مايحدث اليوم فى عالمنا العربى والاسلامى 000 بئس التربية وبئس التعليم